لماذا وإلى أين ؟

إسرائيل في مواجهة مفتوحة: قراءة في الديناميات الإقليمية والصراعات الاستراتيجية

ياسر الوادي العلوي*

منذ السابع من أكتوبر، وجدت إسرائيل نفسها في خضم مواجهة ليست بالحرب التقليدية، بل أقرب إلى ردة فعل استراتيجية لضرورات وجودها واستقرارها. الأحداث التي أعقبت هذا التاريخ لم تكن نتيجة لمبادرة إسرائيلية بقدر ما كانت استجابة لتهديدات وجودية مصدرها جماعات مسلحة تسعى لإضعاف الدولة عبر استهداف المدنيين وخلق حالة من الفوضى. هذه المواجهة تعكس انهيار منظومة معقدة من التحالفات الإقليمية التي اعتمدت على الحروب بالوكالة لتحقيق أهدافها.
الضربات على قطاع غزة وجنوب لبنان

تعد حماس في قطاع غزة وحزب الله في جنوب لبنان المحورين الأساسيين لهذا التصعيد. لقد وجهت إسرائيل ضربات عسكرية مركزة استهدفت البنية التحتية لهذه التنظيمات، مما أدى إلى شلل كبير في قدراتها العسكرية واللوجستية. هذه العمليات لم تكن عشوائية؛ بل جاءت ضمن استراتيجية محسوبة تهدف إلى تعطيل التنسيق بين هذه الجماعات وإضعاف قدرتها على الاستمرار في تهديد أمن إسرائيل.

الساحة السورية: محور العمليات الإيرانية

لم تقتصر المواجهات على حدود غزة ولبنان، بل امتدت إلى الأراضي السورية، التي تُعد قاعدة إيرانية محورية في المنطقة. استهدفت الضربات الإسرائيلية البنية التحتية للمليشيات الإيرانية هناك، مما أعاق جهود طهران في استخدام سوريا كممر لوجستي وعسكري لدعم حلفائها. هذه الاستراتيجية ضربت مشروع الهيمنة الإيرانية في الصميم، وهو المشروع الذي اعتمد على توظيف الجماعات المسلحة لزعزعة استقرار المنطقة.

انعكاسات على التحالفات الإقليمية

مع تصاعد حدة الضربات الإسرائيلية، تفاقم الانقسام بين هذه التنظيمات وداعميها الإقليميين. ففي حين تستمر إيران في دعمها العلني لهذه الجماعات، أظهرت دول مثل قطر تحولًا ملحوظًا في سياساتها. يبدو أن قطر بدأت تدرك أن تكلفة دعم هذه الجماعات باتت تفوق الفوائد السياسية المحتملة، خاصة مع تصاعد الضغوط الدولية وتغير موازين القوى الإقليمية.
ختام: استراتيجيات المواجهة ومستقبل المنطقة
إن المواجهة الحالية تعكس تغيرًا جذريًا في استراتيجيات إسرائيل والجماعات المسلحة وداعميها الإقليميين. في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل لتفكيك التحالفات المعادية عبر ضربات عسكرية دقيقة، تجد الجماعات المدعومة من إيران نفسها في مواجهة واقع جديد يهدد وجودها وقدرتها على التأثير. هذه التطورات قد تمهد لإعادة صياغة ملامح المنطقة سياسيًا وأمنيًا، مع احتمالات مفتوحة على تصعيد أو تهدئة مشروطة بتوازنات قوى جديدة.

*إعلامي و عضو فاعل في الدبلوماسية الموازية

الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x