2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
هل هربت الجزائر ضباط نظام بشار المنهار إلى البوليساريو؟

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن القوات الروسية المتمركزة في قاعدة حميميم الجوية بريف اللاذقية “قامت بنقل العشرات من كبار ضباط النظام السوري السابق، إلى إحدى قواعدها في شمال أفريقيا”، مشيرة إلى أن العملية تمت على دفعتين على الأقل خلال دجنبر الماضي”، دون الإفصاح عن الوجهة النهائية.
وحين قالت مصادر إعلامية أنه جرى نقل الضباط صوب ليبيا، ترى وسائل إعلام أخرى أنه جرى نقل جنود النظام السوري إلى الجزائر، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة، خاصة ما يتعلق بتهيرب الجارة الشرقية لهؤلاء الضباط صوب تندوف للإختباء وتدريب ملشيات البوليساريو والعمل معهم لتنفيذ مختطاتهم.
في هذا الإطار، يرى الخبير خبير في الشؤون السياسية والإستراتيجية؛ هشام معتضد، أن نقل ضباط تابعين لنظام بشار الأسد إلى شمال إفريقيا، “إذا تأكد، فإنه يمثل تطورًا قد يعيد تشكيل التحالفات الإقليمية ويعكس رغبة روسيا في تعزيز نفوذها في مناطق استراتيجية تشهد تنافسًا دوليًا متزايدًا”، مضيفا أن “استقبال الجزائر لهؤلاء الضباط، في حال حدوثه، يُعد مؤشرًا على استمرار التحالف الوثيق بين موسكو والجزائر، وهو تحالف يهدف إلى تحقيق مكاسب جيوسياسية مشتركة، لا سيما في ظل النزاع حول الصحراء المغربية، وهو تعاون يعزز من موقع الجزائر في مواجهة المغرب، ويدعمها في استراتيجياتها الرامية إلى تغيير التوازن الإقليمي لصالحها”.
وأوضح معتضد في تصريح لصحيفة “آشكاين” الإخبارية، أن نقل الضباط إلى مناطق حساسة مثل تندوف خطوة لا يمكن استبعادها، حيث يمكن استغلال هذه الخبرات العسكرية لتعزيز قدرات ميليشيات البوليساريو، مشيرا إلى أن الجزائر تدرك أن التعاون مع روسيا لا يقتصر على المكاسب السياسية بل يتعداها إلى دعم عملياتها العسكرية غير المباشرة ضد المغرب، مما يعكس استمرارية استخدامها للبوليساريو كأداة لزعزعة استقرار المنطقة وإبقاء النزاع مفتوحًا.
ويؤكد المتحدث أن وجود ضباط سوريين ذوي خبرة واسعة في بيئات صراع معقدة مثل سوريا، قد يُشكل إضافة نوعية لميليشيات البوليساريو، مشددا على أن هؤلاء الضباط يمكنهم تقديم تدريبات متقدمة في تكتيكات حروب العصابات أو التعامل مع تقنيات عسكرية حديثة كاستخدام الطائرات المسيّرة، مما يرفع من مستوى التهديدات الأمنية المباشرة للمغرب، وهو وضع يستدعي استجابة سريعة وحاسمة من الرباط، سواء عبر تعزيز قدراتها الدفاعية أو اتخاذ خطوات دبلوماسية استباقية لتفادي تصعيد محتمل قد يهدد الاستقرار الإقليمي.
ووفق الخبير خبير في الشؤون الإستراتيجية فإن التقارب المتزايد بين الجزائر وروسيا يُظهر أن القوى غير الغربية أصبحت تلعب أدوارًا متزايدة الأهمية في شمال إفريقيا، فبينما تسعى موسكو لتعزيز نفوذها في القارة الإفريقية عبر بوابة الجزائر، يعمل المغرب على تعميق شراكاته مع القوى الغربية مثل الولايات المتحدة وفرنسا، معتبرا أن هذا التنافس الإقليمي يعكس تغيرات جيوسياسية عميقة، ويضع المغرب في موقع يتطلب منه الموازنة بين الحفاظ على استقراره الإقليمي وتعزيز حضوره على المستوى الدولي.
ووصف متحدث “آشكاين”، نقل ضباط سوريين إلى تندوف، في حالة تأكد المعطى، بـ”خطوة تصعيدية ذات دلالات عميقة، ليس فقط بالنسبة للمغرب ولكن أيضًا للمجتمع الدولي”، مردفا “في حال تأكد هذه الخطوة، قد يُعزز المغرب جهوده الدبلوماسية لتسليط الضوء على هذه التحركات في الأروقة الدولية، مع توجيه رسائل واضحة للشركاء الإقليميين والدوليين حول المخاطر الناجمة عن استمرار الجزائر في دعم البوليساريو واستضافتها لعناصر عسكرية أجنبية”.
على المستوى الإستراتيجي، يؤكد الخبير في الشؤون السياسية، أن هذا السيناريو يمكن أن يدفع المغرب إلى تكثيف تعاونه الأمني مع حلفائه الدوليين، خاصة الولايات المتحدة وحلفاءه الأوروبيين، بهدف تعزيز الدفاعات الجوية ومراقبة التحركات المشبوهة في المنطقة، كما أن الرباط قد تعمل على استثمار هذه التطورات لتأكيد حقها في الدفاع عن سيادتها الوطنية أمام التهديدات التي تفرضها الجزائر من خلال تحالفاتها العسكرية الخارجية.
وقال الباحث في الشؤون الإستراتيجية، أن هذا الوضع يبرز أيضًا أهمية تطوير قدرات الردع الإقليمي للمغرب عبر الاستثمار في التكنولوجيا الدفاعية المتقدمة، بما يشمل أنظمة الرادار، وتقنيات الطائرات المسيّرة، والدفاع الجوي، لافتا إلى أن الردع لا يجب أن يقتصر على الجانب العسكري فقط، بل يشمل أيضًا اعتماد دبلوماسية نشطة واستباقية لتعزيز موقع المغرب دوليًا، والتأكيد على استقراره كعامل رئيسي لضمان الأمن الإقليمي.
وخلص معتضد بالتأكيد أن هذا السيناريو من الناحية الجيوسياسية، يُظهر مدى تعقيد التحديات التي يواجهها المغرب في بيئة إقليمية مضطربة، مضيفا أن هذا الوضع يتطلب التعامل معه وفق رؤية استراتيجية متكاملة تجمع بين الردع العسكري، التحركات الدبلوماسية النشطة، وبناء شراكات دولية قوية للحفاظ على الأمن والاستقرار وضمان سيادة المغرب على أراضيه.