لماذا وإلى أين ؟

خبير تربوي: وزارة برادة ضخمت بشكل مبالغ من إحصائيات مدارس “الريادة”

رسم وزير التربية الوطنية محمد سعد برادة صورة وردية حول مدارس الريادة بعد سنة ونصف من بداية تطبيقها الفعلي، مستدلا بإحصائيات ونتائج تقييمات دولية لتعزيز واقعية هذه الصورة.

وأكد ذات الوزير خلال مداخلة له بالجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفهية بمجلس النواب أن النتائج المحققة حتى الآن في مدارس الريادة ”مهمة ومشجعة”، حيث أظهرت المقارنة بين تلاميذ مدارس الريادة والمدارس الكلاسيكية بعد توجيه 100 سؤال لكل منهم، إجابة تلاميذ الصنف الأولى على 40 سؤالا، فيما أجاب تلاميذ مدارس الريادة على 60 سؤال.

وأشار برادة إلى إجراء مؤسسة دولية مهتمة بالتقييمات في المجال التربوي تقييما وطنيا حول تأثير الإصلاح الحالي على جودة التعليم، واستخلاصها نتيجة هي الأعلى بحصول التلاميذ المغاربة على 0.9 في المئة فيما يخص نسبة التأثير، ما جعل المؤسسة الدولية تُقر بأن هذه النتيجة لم يسبق تحقيقها على الصعيد العالمي، حيث يكفي تجاوز نسبة 0.4 في المئة وفق مؤشراتها.

وفي تعليق على هذه الأرقام، اعتبر عبد الناصر الناجي الخبير التربوي ورئيس الجمعية المغربية لجودة التعليم، أن “مدارس الريادة أظهرت فعلا آثارًا إيجابية على جودة التعلمات في المدارس الرائدة مقارنة مع المدارس الكلاسيكية كما يسميها الوزير، حيث سجل التلاميذ تقدمًا ملحوظًا في اللغة العربية (0.52)، الرياضيات (0.93)، والفرنسية (1.30) وفق مقياس الانحراف المعياري”.

وأشار رئيس جمعية جودة التعليم إلى أن التفاوتات الموجودة حاليا بين صنفين من المدارس العمومية أمر طبيعي هو راجع لاختلاف المنتوج المُقدم في كل منهما، مشددا في ذات الصدد على “وجود صورة مبالغ فيها عند عدم الانتباه لاختلاف السياقات ولقيمة الانحراف المعياري نفسه”.

عبد الناصر الناجي، خبير تربوي

ويرى الناجي في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن “وزارة التربية الوطنية تراهن على الدراسة العلمية الدولية التي أنجزت السنة الماضية لتقديم أرقام تحظى بالمصداقة اللازمة لدى الرأي العام الوطني، لكن رغم المجهود العلمي المبذول في إنجاز هذه الدراسة ينبغي الاعتراف بأنها لا تلزم سوى الباحثين الأربعة الذين قاموا بها وبالتالي لا يجوز للوزارة الادعاء في كل مرة بأن البحث أنجز من طرف جامعات أو مؤسسات بحث مرموقة فقط لأن هؤلاء الباحثين ينتمون إلى هذه المؤسسات، حيث قيمة البحث لا ترتبط بالمؤسسة التي ينتمي إليها الباحث بل بقيمة المجلة التي نشرته وبسمعته العلمية لدى مجتمع الباحثين، وهو الشيء الذي لم يتأكد لحد الآن بعد مرور سبعة أشهر عن الإعلان عن مضامين الدراسة”.

وكشف الناجي تفاصيل أكثر عن الدراسة التي تحدث عنها وزير التربية الوطنية، مشيرا إلى أن”دراسة إيفانس ويوان، التي استند إليها البحث في تقديره للأثر غير المسبوق عالميا لمدارس الريادة، تناولت محاولات إصلاحية جزئية في الدول التي شملتها، ونبهت إلى تأثير اختلاف عامل الانحراف المعياري على احتساب الآثار المفترضة على جودة التعلمات. وعلى سبيل المثال فكون الانحراف المعياري المحتسب في الدراسة هو واحد، فهذا يعني أن متوسط النقط المحصل عليها في مدارس الريادة انتقل بعد عام من التجريب من خمسة على عشرة إلى ستة على عشرة، وهو إنجاز بدون شك لكن ليس بالضخامة التي روجت لها الدراسة”.

وأضاف أن “الدراسة التي أنجزت على مدارس الريادة أخطأت في بعض الفرضيات بحيث افترض الباحثون مثلا أن الاتجاهات في التعلمات بين المدارس الرائدة وغير الرائدة كانت متماثلة لولا المشروع، متجاهلين تأثيرات إضرابات الأساتذة في المدارس الكلاسيكية بتعبير الوزير، مما أثر سلبًا على نتائجها”، داعيا “الوزارة إلى تجنب المبالغة في تقديم المشروع على أنه حل جذري وقابل للتعميم السريع، لأن رفع التوقعات بشكل مبالغ فيه قد يؤدي إلى خيبة أمل عند التنفيذ”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x