2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
لعروسي يرصد خلفيات تصريحات وزير خارجية روسيا حول الصحراء المغربية

عبر وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، الثلاثاء 14 يناير الجاري، عن انخراط روسيا في مساعدة المغرب لحل قضية الصحراء، مؤكدا أن المغرب بلد صديق وتجمع بروسيا “آفاق تعاون جيدة”.
وقال لافروف، خلال مؤتمر صحفي تحدث فيه عن انجازات الدبلوماسية الروسية ، إن “المغرب بلد صديق، ولدينا خطط جيدة ونحن نساعد المغاربة على حل تلك المشاكل التي تقع ضمن اختصاص وزارة الخارجية، وفي المقام الأول مشكلة الصحراء”.
وأشار وزير الخارجية الروسي إلى أن “هذه القضية كانت مدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن لفترة طويلة، والذي قرر منذ حوالي 40 عاما، أنه من الضروري حل المشكلة من خلال تقرير مصير شعب الصحراء، لكن بعد عقود من ذلك، لم يتحرك شيء”.
وأضاف لافروف أن “الإدارة الأمريكية في الولاية السابقة لترامب، أصدرت مرسوما يقضي بأن الصحراء الغربية هي مغربية”.
وأكد لافروف أن “حل مثل هذه القضايا من جانب واحد لا يؤدي إلا إلى زرع عاصفة من المؤكد أن تندلع مرة أخرى في مكان ما بعد مرور بعض الوقت، نحن بحاجة إلى البحث عن اتفاقيات مقبولة بشكل عام، وسنحاول المساعدة بكل الطرق الممكنة، لكن القضية لا يمكن حلها إلا على أساس الاتفاق المتبادل، وليس من خلال فرض شيء ما على جانب واحد””، وفق تعبيره.
ليس هناك موقف خاص لروسيا
الخبير في العلاقات الدولية وتسوية النزاعات والشؤون الأمنية، عصام لعروسي، يرى أن ما يجب فهمه من من كلام لافروف هو “عدم وجود تناقض بشكل عام، وليس هناك موقف خاص لروسيا التي تحاول أن تكون طرفا محايدا في قضية الصحراء المغربية، لكن لا ينكر أحد التقارب الكبير لسنوات طويلة مع الجزائر، والتماهي بشكل أو بآخر مع أطروحات البوليساريو، خاصة أن روسيا كانت دائما تلعب دور النقيض ودور القوة النقيضة والمناقضة والمواجهة للولايات المتحدة الامريكية”.

وشدد لعروسي، في تصريحه لـ”آشكاين”، على أن “لافروف وبلغة دبلوماسية هادئة يؤكد على طرح التعاون المغربي الروسي القائم وأن المساعدة قائمة، لكنه يعتبر التصريح الأمريكي بمغربية الصحراء يخرج عن سياق مسلسل الأمم المتحدة لإيجاد تسوية، علما أن الولايات المتحدة الامريكية كانت أكثر جرأة ووعيا وإدراكا لأهمية القضية بالنسبة للمغرب ولأهميتها بالنسبة للمنطقة الإفريقية، على اعتبار أن التسوية الأممية قد تأخرت كثيرا بفعل رفض الأطراف الأخرى وعدم اقتناعها بالجلوس إلى طاولة المفاوضات”.
مسك العصا من الوسط
وتابع أن “كلام لافروف بهذه الصيغة الدبلوماسية، يفهم منه أنه يمسك العصا من الوسط، على أساس أن روسيا ستتعاون مع المغرب، باعتبار المغرب يعتبر أيضا روسيا بلدا شريكا في العديد من القضايا وفي العديد من مجالات التعاون، لكنه في نفس الوقت يتمسك بالتسوية السياسية”.
وأضاف أن “موقف روسيا الذي عبر عنه لافروف يتقارب مع الموقف الصيني، لأن ما يفهم هو أن الخلاف بالنسبة لروسيا ليس خلافا على حدود، لأن الأمور محسومة فيها سلفا للمغرب، نظرا لأن الصحراء مغربية وهناك شواهد تاريخية على الموضوع”.
صراع الحرب الباردة
وزاد أن تصريح لافروف “يؤشر حقيقة على هذا التنافر والصراع القديم الجديد في إطار الحرب الباردة، التي تتجدد فصولها بشكل مختلف الآن خاصة في مواجهة روسيا للغرب في الحرب الروسية الاوكرانية، علاوة على اختلاف المواقف والرؤى والتصورات بالنسبة للعديد من القضايا، وهي تدخل في اطار ما يفهم منه وجود مؤشرات لنظام دولي جديد في طور النشوء، وهو نظام يميل أكثر إلى التعددية القطبية منه إلى الثنائية”.
ونبه إلى أنه “حتى قضية الصحراء المغربية دخلت في مرحلة من المراحل التاريخية في تقاطبات إقليمية ودولية على اعتبار الصراع الإيديولوجي، لكن هذا الصراع الأيديولوجي الآن أصبح في خبر كان، وأصبحت روسيا تعتقد جازمة أن الموضوع ليس موضوع خلاف إيديولوجي لكنه خلاف مصالح”.
المغرب فاعل أساسي في المنطقة
وأبرز أن “روسيا لها أنفوذ وأهداف استراتيجية في إفريقيا، كما هو الشأن بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا تريد أن تصل إلى حل لقضية الصحراء من بوابة نفوذها، ومن بوابة دورها في إحلال التوازنات الدولية والإقليمية”.
وخلص إلى أن “الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ودول أخرى، تحاول أن تتموقع، لكن الجديد هو أن الفاعل الأساسي في المنطقة أصبح هو المغرب، باعتباره فاعلا إقليميا ربما يقود الكثير من المبادرات الجادة لحل الأزمات في المنطقة ولتبني مبادرات اقتصادية جيدة، تجعل من المنطقة منطقة تفاعل وشراكات اقتصادية واستثمارات وصفقات بملايير الدولارات، وهذا طبعا واقع جديد أصبح يفرض نفسه الآن بدل الصراعات الإيديولوجية”.
مواقف الدول الكبرى اصبحت اكتر حساسية من اي وقت مضى وتعرف تقلبات مستمرة على ضوء مستجدات الحرب في اوكرانيا وما يحدث في الشرق الاوسط بشكل عام والشاطر من الدول التي تعيش صراعات اقليمية هي التي تستطيع اقتناص الفرصة المناسبة لتحقيق مكتسبات ديبلوماسية وحسم الموقف المناسب لصالحها، وقضية الصحراء كسبت دعما غير مسبوق مند اندلاع هذا الصراع المفتعل، و اضن ان مزيدا من الوقت لن ياتي باكتر مما تحقق لحد الساعة ويجب دفع الامم المتحدة الى حسم القضية بكل حزم وجدية. وسياسة الانتظار في عالم متقلب قد يكون لها نتائج مخيبة للامال.