لماذا وإلى أين ؟

أسباب موضوعية ام نفسية.. إلى ماذا تعود النظرة التشاؤمية الاقتصادية للأسر المغربية؟

أثارت آخر الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية التخطيط حول تمثلات الأسر المغربية للظروف الاجتماعية والاقتصادية في المجالات الأساسية منها، نقاشا واسعا داخل أوساط الرأي العام المغربي.

وأوضحت أرقام ونسب مندوبية التخطيط التي ترأسها حديثا شكيب بنموسى تفاقم التدهور المعيشي للأسر المغربية خلال الأشهر الماضية رغم الإجراءات الحكومية المُتخذة من قبيل الزيادة في أجور موظفي القطاع العام وإقرار الدعم المباشر المالي للأسر المعوزة، في ظل توقعات متشائمة وسط هذه الأسر حول الواقع الاجتماعي خلال الأشهر المُقبلة.

وأكدت مندوبية شكيب بنموسى في تقرير حديث أن نسبة الأسر التي صرحت بتدهور مستوى المعيشة خلال 12 شهرا السابقة بلغت 81,0 %،  فيما اعتبرت 14,2 % منها استقراره و 4,8 % تحسنه، في حين توقعت 53,8% من الأسر المغربية تدهور مستواها المعيشي خلال السنة الحالية 2025، بينما توقع 38,5% استقراره.

وأثارت الأرقام الجديدة جدلا مجتمعيا واقتصاديا كبيرا، بين من يرى فيها تحصيل حاصل للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر منه المجتمع المغربي، وبين من يدعوا للاخذ بها بنوع من الشك والحيطة لما تعبر عنه من واقع مغاير كليا للواقع الآخر المتفائل المعلن عنه من قبل حكومة وزراء عزيز أخنوش.

المغاربة اعتادوا الكذب درءا لـ “العين”

 إدريس الفينة، رئيس المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية، اعتبر أن تصريحات الأسر المغربية المُستخلصة من قبل مندوبية التخطيط “منافية للحقيقة”، ولا تتماشى مع الأرقام الجيدة للاقتصاد المغربي في مختلف المجالات.

وأشار الفينة في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن هذا “النوع من البحوث جديدة ولم تكن تُنجز من قبل وهي أُخذت من التجربة الأمريكية والفرنسية وتعتبر مهمة وغير موضوعية في ذات الأمر، مهمة لأنها تكشف لنا تمثلات المواطن المغربي من السياسات العمومية الموجهة له ومدى إجابتها عن إشكالاته وهمومه، وغير موضوعية بالنظر لكونها “أرقاما تصريحية دون أساس مادي” تُدوِن وتٌقدم فقط ما يقوله المواطن كما هو بغض النظر عن ما إذا كان فعلا ما يُصرح به من واقع اقتصادي مُعاش صحيح أم مبالغ فيه”.

وأضاف ذات المُتحدث أن “ما عبرت عنه الأسر المغربية في مذكرة مندوبية التخطيط تدل على فرضيتين، إما أن الأسر المغربية لا تنظر جيدا لواقعها المعاش مع ضرورة الاستحضار في هذا الجانب المشكل الذي يعاني منه العرب والمغاربة ضمنهم والمتمثل في كثرة الكذب وتصوير الواقع الاجتماعي مزري للغاية وجد كارثي، وإما يصرحون بذلك درءا لـ “العين والحسد” وغيرها من العوامل السوسيو-ثقافية الراسخة بالذهنية المجتمعية المغربية”.

وتحدث المحلل الاقتصادي عن “وجود تحسن كبير في شراء السيارات بالمغرب وصل لمستويات قياسية خلال السنة الماضية حيث جاء المغرب الأول افريقيا من حيث هذا الشراء، ونفس الأمر بالنسبة لشراء المنازل، ناهيك عن العدد الكبير للمغاربة الذي صرحوا طوعيا بما يملكون إبان التسوية الضريبية”.

نظرة تشاؤمية ناتجة عن وضعية موضوعية ملموسة

في المقابل يرى المحلل الاقتصادي ورئيس مرصد العمل الحكومي، محمد جدري أن النظرة التشاؤمية لدى الأسر المغربية موضوعية للغاية، وتجد أساسها في عدة مظاهر مادية ملموسة عاشها المجتمع المغربي خلال الأونة الأخيرة.

وأضاف جدري في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن تضرر الأسر المغربية خلال الفترة السابقة وتشاؤمها للفترة المقبلة “راجع أولا لمعدل البطالة الذي يقارب 14 في المئة وهذا يعني صراحة أن أن جل الأسر المغربية تعاني من البطالة إما في أحد أفراد أسرتها أو أحد أفراد عائلاتها ما يؤثر على مصاريف الأسر الملزمة بتغطية مصاريف العاطلين عن العمل”.

ويرى ذات الخبير الاقتصادي أن “الجفاف الذي أتى مرافقا للموجة التضخمية التي عرفها الاقتصاد المغربي أثر بشكل كبير كذلك على القدرات الشرائية للأسر المغربية، وهناك دراسات وقفت بالملموس على مجموعة من الأسر بالكاد تنهي مصاريفها الشهرية، إذ 2 في المئة فقط من كان قادرا على الادخار من راتبه الشهري خلال السنة الماضية، في حين 90 في المئة لن تدخر شيئا أو ستضطر للاقتراض خلال السنة المُقبلة نظرا لالتهاب الأسعار خاصة في السلع المستدامة كالسيارات والآلات الكهربائية المختلفة من ثلاجات وتلفازات”.

“الثقة المهزوة للأسر المغربية في الواقع المالي والاقتصادي والاجتماعي راجع بالأساس لهذه العوامل الموضوعية، وهذا سيكون له انعكاسات سلبية كبيرة على الاستثمار في القطاع الخاص، لأن السلع والخدمات المقدمة من طرفه لن يتم شرائها”، يُضيف ذات المُتحدث.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x