2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

رسمت منظمة “هيومن راتس وتش” الدولية، في تقريرها الأخير، صورة قاتمة عن وضع حقوق الإنسان بالجزائر.
وقالت المنظمة، في التقرير الذي اطلعت عليه “آشكاين”، إن “السلطات الجزائرية واصلت سحق المعارضة وإغلاق الفضاء المدني عبر قمع الأصوات الناقدة وتقييد حرية التعبير والصحافة وتكوين الجمعيات والتجمع والحركة”.
وفي ديباجتها التقديمية لتقريرها عن الجزائر، أكدت المنظمة أنه “أعيد انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون لولاية ثانية في شتنبر المنصرم وسط مناخ من القمع والتضييق على الإعلام، في ظل غياب نقاش سياسي حقيقي”، مشيرة إلى أن “السلطات واصلت قمع الأصوات المنتقدة، بما في ذلك في وسائل الإعلام، وملاحقة النشطاء والصحفيين والمحامين بسبب التعبير السلمي عن الرأي، حيث شددت السلطات التشريعات الجنائية وواصلت استخدام القوانين القمعية ضد المعارضة، بما في ذلك أحكام مكافحة الإرهاب”.
الانتخابات الرئاسية
في هذا الصدد، نبهت “هيومن راتس وتش” إلى أنه “أعيد انتخاب عبد المجيد تبون لولاية ثانية في اقتراع 7 شتنبر الماضي، وخلال الحملة الانتخابية، تم اعتقال عشرات الأشخاص على خلفية تصريحات أو أنشطة سلمية، وفقا لزكريا حناش، المدافع عن حقوق الإنسان الذي رصد وراقب الوضع.
وأشار التقرير إلى أن “تبون وصل إلى الرئاسة لأول مرة في دجنبر 2019، بعد انتخابات رئاسية شهدت نسبة مشاركة منخفضة، كما تخللها احتجاجات سلمية للحراك، وأعقبتها اعتقالات لعشرات النشطاء”.
حرية التعبير
وشدد تقرير المنظمة الدولية على أن “السلطات الجزائرية تواصل قمعها لحرية التعبير، حيث اعتُقِل عشرات الأشخاص على خلفية ممارسة حقوقهم الأساسية، بما في ذلك نشطاء ومحاميون وصحفيون ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، وفقا لما ذكره حناش.
وتابعت أنه قد “اعتُقل الناشط محمد تجاديت الذي تعرض للمضايقات من قبل قوات الأمن وسُجن عدة مرات منذ 2019، في يناير واحتُجز بتهم “الإشادة بالإرهاب” و”استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال لدعم أعمال وأنشطة تنظيمات إرهابية”، وأُفرِج عنه بموجب مرسوم رئاسي في 31 أكتوبر المنصرم بمناسبة الذكرى الـ70 لحرب استقلال الجزائر.
في 23 يوليو الفائت، يضيف المصدر ذاته “حكمت عليه محكمة بالجزائر العاصمة في قضية أخرى بالسجن ستة أشهر بتهمة “عرض منشورات من شأنها المساس بالوحدة الوطنية” و”التحريض العلني على التجمهر غير المسلح”.
مشيرا إلى أن “في 4 يوليوز الماضي، حكمت محكمة بالجزائر العاصمة على الفنانة الفرنسية الجزائرية جميلة بن طويس بالحبس عامين وغرامة مالية بسبب أغنية أدتها تندد بقمع احتجاجات الحراك، حيث استُجوِبَت بن طويس في المطار عند دخولها الجزائر في فبراير 2024، واعتُقلت في 3 مارس من نفس العام.
واتُهمت بموجب قانون مكافحة الإرهاب وأدينت بتهمة “المساس بسلامة وأمن الدولة” في فيديوهات و”التحريض على التجمعات غير المسلحة”، في حين حثّ خبراء “الأمم المتحدة” محكمة الاستئناف الجزائرية على إلغاء الحكم بسجن بن طويس وتبرئتها من جميع التهم الموجهة إليها، وفي 2 أكتوبر 2024، تم تخفيف الحكم الصادر بحقها إلى السجن 18 شهرا في الاستئناف.
وفي سياق الاعتقالات والمحاكمات، يورد التقرير “ألقي القبض على الناشط السياسي وعضو حزب “الحركة الديمقراطية الاجتماعية” المنحل، ياسين مكيرش،6 غشت 2024، واحتُجز بسبب منشورات على فيسبوك، ووجهت إليه تهمة “نشر خطاب الكراهية” و”التحريض على التجمهر غير المسلح”، وحُكم عليه في نونبر الماضي بالسجن ستة أشهر.
القوانين التعسفية
شددت التعديلات الجديدة التي أدخِلت على قانون العقوبات في 6 مايو الماضي، يضيف التقرير على ” التشريعات الجنائية القمعية القائمة وجرّمت الأحكام الجديدة أفعالا فضفاضة التعريف، بما في ذلك “تسليم معلومات … يجب أن تحفظ تحت ستار من السرية لمصلحة الدفاع الوطني أو الاقتصاد الوطني”، أو “الإهانة والتعدي على رجال القوة العمومية” أو “أي فعل يعرقل الاستثمار”.
وأبرز التقري أن “السلطات التي وسّعت تعريفا فضفاضا أساسا للإرهاب في يونيو 2021 ووضعت قائمة بالكيانات والأفراد “الإرهابيين”، استخدمت التهم المتعلقة بالإرهاب بشكل متزايد لقمع المعارضة السلمية منذ ذلك الحين، ففي 16 نوفمبر المنقضي، اعتقلت قوات الأمن الكاتب الجزائري-الفرنسي بوعلام صنصال في مطار الجزائر العاصمة، حيث قاضته لاحقا السلطات بتهم تتعلق بالإرهاب.
ودخل قانون جديد بشأن صناعة السينما حيز التنفيذ في 29 أبريل 2024، وهو ما اعتبرته المنظمة “زاد من سيطرة السلطات على الإنتاج السينمائي وفرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات لتمويل أو العمل في الإنتاج السينمائي المخالف لمعايير غامضة الصياغة بما في ذلك “القيم والثوابت الوطنية” أو “السيادة الوطنية” أو “الوحدة الوطنية” أو “المصالح العليا للأمة”.
حرية الإعلام
لم يقف الأمر عند ما سبق، يسترسل التقرير بل “واصلت السلطات قمعها للصحافة واعتقال وسجن الصحفيين بسبب قيامهم بعملهم، حيث صنفت “مراسلون بلا حدود” الجزائر في المرتبة 139 من أصل 180 دولة على مقياس حرية الصحافة لعام 2024، متراجعة ثلاثة مراكز عن 2023″.
وفي يناير الجاري، حكمت محكمة في قسنطينة على الصحفية المستقلة فوزية عمراني بالسجن لمدة عام، قبل ان يخُفِّض لاحقا إلى ثمانية أشهر – بتهمة “إهانة موظف”.
في 27 يونيو/حزيران، اعتُقل مدير الموقع الإعلامي الإلكتروني “الجزائر سكوب” عمر فرحات، ورئيس تحرير الموقع سفيان غيروس، لبثهما فيديو ينتقد السلطات، وحوكما بتهمة “نشر خطاب الكراهية”، بحسب “اللجنة الوطنية لتحرير المعتقلين”.
ومن الملفات التي طرحها التقرير أنه “في 13 يونيو الماضي، أيدت محكمة الاستئناف بالجزائر العاصمة حلّ شركة “انترفاس ميديا”، وهي الشركة الإعلامية للصحفي إحسان القاضي، الذي سُجن لمدة عامين تقريبا، بتهمة “استغلال خدمة اتصال سمعي بصري دون، الحصول على الرخصة”.
حرية تكوين الجمعيات والتجمع
أكد المنظمة في التقرير نفسه على أن “السلطات الجزائرية قمعت التجمعات المنظمة، حيث منعت جمعية “أس أو أس المفقودون”، التي تمثل عائلات آلاف الأشخاص الذين اختفوا بين عامي 1992-2002، من تنظيم نشاطَيْن لحقوق الإنسان في الجزائر العاصمة في فبراير ومارس الماضيين، وفي 29 يونيو 2024، داهمت قوات الأمن عرضا لكتاب في إحدى مكتبات بجاية ومنعت تنظيمه، علما أن الكتاب لم يكن محظورا، ومع ذلك أمرت السلطات بإغلاق المكتبة، بدعوى أن الفعالية كانت محظورة، بل واعتقلت جميع الحاضرين، بمن فيهم المؤلفة والناشر وبائع الكتب، قبل أن تطلق سراحهم بعد ساعات قليلة، وفقا للناشر”.
وفي 10 يوليوز، حسب التقرير دائما “ألقي القبض على المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان سفيان وعلي بعد تنظيم اعتصام أمام محكمة بجاية احتجاجا على الاعتقال التعسفي لموكلته الناشطة السياسية ميرة مقناش، قبل أن يفرج عن وعلي مؤقتا في 18 يوليوز، لكنه يواجه محاكمة بتهم تتعلق بالإرهاب.
في 20 غشت 2024، يسترسل التقرير “منعت قوات الأمن العديد من الأشخاص الذين قدموا إلى مدينة إفري أوزلاقن لإحياء ذكرى حدث تاريخي من حرب استقلال الجزائر من الوصول إلى الموقع، واعتقلوا العديد من الأشخاص، بما في ذلك نشطاء من حزب “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية”، وفقا لأحد المحامين.
أما ماي الماضي، فقد “أصدر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات تقريره عن زيارته للجزائر في 2023، والذي وثق فيه “قمع وترهيب الأفراد والجمعيات المنتقدة للحكومة”، حيث دعا السلطات إلى احترام الحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات؛ ورفع حظر السفر المفروض على الجهات الفاعلة في المجتمع المدني؛ وإسقاط الإجراءات ضد من يمارسون حقهم في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو التعبير عن آرائهم؛ وإلغاء المادة 87 مكرر من قانون العقوبات المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والتي تستخدم “بشكل غير مناسب” ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والصحفيين”.
حرية التنقل وحظر السفر
وأضاف التقرير أنه “منذ 2022، لجأت السلطات الجزائرية بشكل متزايد إلى الحظر التعسفي من السفر لخنق المعارضة، مع أن قرارات الحظر هذه تصدر في العديد من الحالات بأمر من النيابة العامة، إلا أن حدودها الزمنية لا تُطبّق أبدا تقريبا، مما يجعلها غير محددة المدة عمليا”، ففي أبريل 2024، مُنع الصحفي مصطفى بن جامع الذي سُجن بتهم ذات دوافع سياسية من فبراير 2023 إلى أبريل 2024، من السفر إلى تونس بشكل تعسفي”.
“وفي حالة أخرى من حالات تقييد حرية التنقل”، يبين التقرير أنه قد “مُنع الصحفي الجزائري فريد عليلات تعسفيا من دخول الجزائر في أبريل 2024، إذ قال إنه تم استجوابه واحتجازه لعدة ساعات من قبل أجهزة الأمن في مطار الجزائر العاصمة قبل أن يُطرد إلى فرنسا حيث يقيم”، مشيرا إلى أن محمد لعقاب، وزير الاتصال، قال حينها، إن عليلات مُنع من الدخول لأن مؤسسته الإعلامية اتخذت “مواقف غير ودية” تجاه الجزائر”.
حقوق المهاجرين
ولم يفت التقرير الإشارة إلى ما تقترفه الجزار في حق المهاجرين، حيث اكد أن “السلطات الجزائرية واصلت الطرد التعسفي والجماعي للمهاجرين من مختلف الجنسيات الأفريقية، بمن فيهم النساء والأطفال، إلى ظروف تُشكل تهديدا لحياتهم في الصحراء على الحدود مع النيجر.
وخلصت إلى أنه “غالبا ما يتم طردهم دون إجراءات فردية أو إجراءات قانونية سليمة وتصحبه معاملة تعسفية، فبين يناير وغشت، طردت الجزائر ما يقرب من 20 ألف شخص إلى النيجر، في حين أفادت تقارير بوفاة ثمانية أشخاص على الأقل عقب عمليات الطرد.