2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
ترامب والصحراء المغربية

حسن قديم
أدى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الاثنين الماضي، اليمين الدستورية ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأميركية خلفا للديمقراطي جو بايدن، وهو الحدث الذي شد أنظار العالم خصوصا وأن سياسات ترامبوإدارته الجديدة سيكون لها تأثير على التوازنات الدولية والإقليمية، بالنظر لما تطرحه من مواقف ووجهات حادة حول مجموعة من القضايا التي تستأثر باهتمام الرأي العام الدولي، من ضمنها قضية الصحراء المغربية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكد في تغريدة نشرها في 10 دجنبر2020قبيل نهاية ولايته الأولى ، أنه وقع إعلانا يعترف بسيادة المملكة المغربية على صحرائها، مشيدا بـ”اقتراح المغرب الجاد والواقعي للحكم الذاتي وأنه الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لتحقيق السلام الدائم والازدهار!”.
وذكر ترامبحينها باعتراف المغرب باستقلال الولايات المتحدة عام 1777، مردفا بالقول ومن ثم فمن المناسب أن نعترف بسيادتهم على الصحراء”.، في المقابل حافظت إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بادين، على موقف الإدارة السابقة، دون أن تحدث أي تقدم من خلال استكمال مشروع افتتاح قنصلية بمدينة الداخلة جنوب المغرب، وهو الأمر الذي صار مطروحا بقوة الان بعد عودة الرئيس الجمهوري لسدة الحكم.
وقبيل تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية بيوم واحد، نشرت الاستخبارات المركزية الأمريكية”CIA” على موقعها الرسمي خريطة المغرب الكاملة، تشمل الصحراء، مذكرة في الوقت نفسه باعتراف الولايات المتحدة في سنة 2020 بسيادة المغرب الكاملة على الصحراء، وهو مؤشر إيجابي على طبيعة نوايا الإدارة الجديدة بخصوص هذا الملف المفتعل.
وصول ترامب إلى البيت الأبيض يفتح النقاش مجددا حول الطي النهائي لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ويعطي هامشا أكبر للمملكة المغربية للتحرك للدفاع عن مصالحها السيادية غير القابلة للنقاش، في ظل الاعتراف الدولي المتزايد بجدية المقترح المغربي حول الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية للمملكة، بعد أن نالت قضية الصحراء المغربية، بعد الاعتراف الامريكي، اعترافا دوليا واسعا من قوى دولية كبرى، تتقدمها فرنسا وألمانيا وإسبانيا ودول أخرى.
وصارت الصحراء المغربية من التوابث الصارمة للديبلوماسية المغربية والتي تتعامل بها مع دول العالم، وجعلتها المنظار التي تقيس به علاقتها دوليا، وهي العقيدة الديبلوماسية التي صارت صلبة ولا يمكن التنازل عنها وإن اقتضى الحال تجميد العلاقات أو قطعها، كما حدث مع إسبانيا عندما استقبلت زعيم الانفصاليين، الأمر الذي دفع الرباط إلى تحذير مدريد من القطيعة بين البلدين، أو ألمانيا التي وصفت الاعتراف الأمريكي بالانحراف الخطير، ودعت إلى جلسة طارئة، وهو ما ردت عليه المملكة بقطع علاقاتها مع السفارة الألمانية في الرباط والمنظمات الألمانية المانحة، قبل أن تغيرا برلين ومدريد موقفهما من الصحراء وتشيدان بالحكم الذاتي، لتعود العلاقات إلى وضعها الطبيعي.

كما أن الإدارة الجديدة تصنف البوليساريووحاضنتها الجزائر جزءاضمن المحور الذي تقوده إيران في شمال أفريقيا، وروسيا دوليا، قد يصل إلى إدراج جبهة البوليساريوعلى قائمة التنظيمات الإرهابية، إذ طالب وزير الخارجية الأمريكي الجديد الحالي، ماركو روبيو، في عهد الرئيس جو بايدن إلى فرض عقوبات على الجزائر بسبب دعمها روسيا في حربها مع اكرانيا. واستندت دعوة المسؤول الأمريكي إلى قانون “مواجهة خصوم أمريكا من خلال العقوبات”، الذي أقره الكونغرس ووقعه الرئيس ترامب، خلال ولايته الأولى سنة 2017، في رسالة وجهها سنة 2022 لوزير الخارجية السابق أنطوني بلينكن.
وأكدروبيو في رسالته أن الجزائر من أكبر المشترين للأسلحة الروسية، حيث بلغت قيمة صفقاتها الدفاعية مع موسكو حوالي 7 مليارات دولار في عام 2021، مما يجعلها في مصاف الدول التي تدعم الاقتصاد الروسي وتساهم في تمويل العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.
في مقابل ذلك، أشاد رئيس الديبلوماسية الأمريكية الجديد بالعلاقات مع المغرب ودعا إلى تطويرها أكثر خلال الولاية الثانية لدونالد ترامب، خلال كلمته في جلسة حصوله على تأييد مجلس الشيوخ لتعيينه في منصب وزير الخارجية.
عودة ترامب إلى كرسي الرئاسة سيعمق من العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية ومن التعاون في جميع المجالات، خاصة التعاون على المستوى العسكري والاستثمار بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وفتح قنصلية للولايات المتحدة بالداخلة، التي كان قد أعلن عنها، خلال ولاية ترامب.
وتدرك الولايات المتحدة الأمريكية جيدا المكانة التي أضحت المملكة تحظى بها لدى شركائها الدوليين، بفضل الاستقرار والأمن وموقعها الاستراتيجي نحو العمق الإفريقي، وهو ما ستحاول واشنطن استغلاله لقطع الطريق على الصين ورسيا، اللتان تتحركان نحو إفريقيا، إذ سيعمل البيت الأبيض على مزيد من التقارب مع الرباط، مستفيدة من اتفاقية التبادل الحر التي تجمعها مع المملكة لتعميق العلاقات التجارية.
الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاحبها.
مقال مهم بزاف، الله يعطيك الصحه