2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
طريق “الألف عداء” ضد المغرب.. لا توصل..

طالع السعود الأطلسي
الحكمة الصينية، المنسوبة لكونفيشيوس، والتي أحياها ماوتسي تونغ، الألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى، حولتها خفة الروح المصرية الشهيرة، عند متجر قطنيات، وقفت عنده هذه الأيام في القاهرة، إلى “مشوار الألف ميل تبدأ بشراب (جوارب) قطن…”. استعارة طريفة ولطيفة من شركة لاستمالة الزبائن لمنتوجاتها.
في الجزائر، وبدون حكمة موروثة للاستعانة بها، يكاد الإعلام الذي ينطقه جهاز الحرب الدعائية ضد المغرب، يقول “الاستقواء برموز تراث حضاري عريق يبدأ “بنشل” تلك الرموز من المغرب”… والأمر كله يفتقر للصواب ولا يتوسل حتى بالطرافة… وآخر فصول ذلك الإدمان المرضي، هو ترديده، مرة أخرى، أن الزليج (قطع الفسيفساء) جزائري خالص، منذ حوالي 16 قرنا، وسرقه المغرب، ثانية، ليزين به أيقونة كأس إفريقيا لكرة القدم.
الصراخ بذلك البهتان له سوابق بادعاءات مماثلة همت علامات حضارية مغربية مثل القفطان، الكسكس، الطاجين وغيرها… وهي الرموز التي أقرت اليونسكو أنها مغربية خالصة وبشواهد تاريخية.
والتاريخ هو عقدة العقد لدى القيادة الجزائرية، لأنها تقود الدولة الوطنية الجزائرية الأولى في تاريخ الجزائر… المغرب الأوسط، كما تعرف به الجزائر في الجغرافية وفي التاريخ، وقبل استقلالها سنة 1962… قبل الاحتلال الفرنسي الذي دام 130 سنة، كانت الجزائر ولاية عثمانية لحوالي خمسة قرون، وقبل ذلك كانت إقليما ضمن الإمراطورية المرابطية ثم الموحدية و…و… وفي الفترة التي يقول الإعلام الجزائري أن “زليجها” أنتج فيها، أي قبل 16 قرنا كانت خاضعة لحكم الوندال ولحوالي قرنين.
في الموروث الحضاري الجزائري خليط من بصمات وآثار مرور امبراطوريات وحضارات، كان يمكن أن تستثمره دولة الجزائر الآن ايجابيا، ثقافيا وسياسيا، وتتخلص من عقدة “اليتم التاريخي”… تلك العقدة التي توجهها سياسيا في عداء مرضي للمغرب، وتلوث علاقاتها معه… لأن حقائق التاريخ، هي مجرد حقائق وليست عيوبا أو عاهات أو نقائص. والتاريخ لا يفتعل وموروثه لا ينتشل.
حقائق تاريخ المغرب وموروثاته مسجلة في المدونات التاريخية ومحفوظة في أقدم جامعات العالم، وفي أغنى متاحفه… وهي راسخة آثارا في الأرض وفي تفاصيل الحياة اليومية للإنسان في المغرب، لسانا، عمرانا ووجدانا… وهي تصون نفسها من العبث بها، وإن تعتبر من تراث الإنسانية ، لا تأبه بمحاولات استعارتها إعجابا بها، أو تبنيها غيظا منها…
الجهاز المكلف، في الجزائر، بدوام إشعال حملات العداء للمغرب، يعرف تلك الحقائق، ولكنه مهتم بمحاولات تزوير كل الحقائق حول المغرب، في حاضره وفي تاريخه… هادفا إلى دوام استنفار العداء الشعبي الجزائري ضد المغرب… يحقن الحالة النفسية الشعبية الجزائرية بمنشطات العداء فيها للمغرب… ولهذا يطارد الحضارة المغربية، في كل مظاهرها، يزعم أنها سطو على منتوجات جزائرية… يستفز الذاتية الهوياتية الجزائرية ضد المغرب… لكي يسوقها إلى الاحتماء بالقيادة “الذائدة” عن “الأنا” الجزائرية… هي سياسية –عن سبق وإصرار وترصد- دعائية ومزدوجة الهدف… تهدف إلى شحن العداء الشعبي الجزائري ضد المغرب وتهدف إلى شحذ إقناع الجمهور الجزائري بجدوى قيادة الجنرالات للبلد… وهي في الحالتين فاشلة، بدليل انصراف الجزائري عنها إلى مغالبة تحدياته المعيشية، وبدليل تعاظم السخط العام والذي تعكسه حملة “مانيش راضي”… ولكن الجهاز الدعائي للجنرالات، لا يهتم، يصر على مواصلة المحاولات وعلى تكرار الإفتعالات.
وهذه الحملة الأخيرة، مؤشر على التصعيد في العداء الجزائري ضد المغرب، مع تواصل انتصاراته الديبلوماسية على المنازعة الجزائرية في حقه الوحدوي الوطني، والتي تعززها مبادرات اقتصادية جاذبة للاهتمام وللتفاعل معها إفريقيا ومتوسطيا، مقابل اشتداد العزلة دوليا على القيادة الجزائرية، خاصة والتحولات الجيواستراتيجية العالمية تضعها في حالة شرود عنها… وطبعا الحملة العدائية ليست محصورة في “الزليج” أو القفطان، بل هي ممتدة إلى إشاعة البهتان، في كل ما يتعلق بالمغرب، سياسيا، اقتصاديا، ثقافيا، وحتى اجتماعيا.
التاجر المصري، بطرافة شعاره المستعير لحكمة “الألف ميل…” لا شك سيحقق لبضاعته جاذبية تجارية… الإخوة في الجزائر لن يتحقق لهم من محاولة استعارة الرموز الحضارية المغربية غير الكساد سياسيا، داخليا وخارجيا… أما المغرب فإنه على طريق الألف الميل نحو تقدمه، يطوي المسافات ويحث الخطى.
الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاحبها.
ما تفعله الجزائر تجاه الموروث الثقافي المغربي هي مجرد ردود افعال لنظام تائه، لم يتنبه لمحيطه الثقافي مند الاستقلال ولم يؤسس لبناء تراته للامادي على رؤية ثقافية متبصرة، ويحاول العيش على انجازات المغرب الثقافية التي اسعفة تاريخه المرتب عبر اجيال لاسترجاع رونقها ورفعها الى العالمية وهو مجهود لن يتوفر لنظام يدير ظهره لماضيه ويحاول العيش على ماضي الاخرين، وهده الخنشلة يعاني منها حتى اخواننا في تونس الذين لهم موروث متميز ومختلف.