2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
الشيات: زيارة شنقريحة للهند ستتيح للجزائر تقاربا عسكريا ودبلوماسيا مع إسرائيل

بدأ الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، ورئيس أركان الجيش الجزائري، السعيد شنقريحة، زيارة رسمية إلى جمهورية الهند اعتبارًا من الأربعاء 5 فبراير الجاري، وذلك بدعوة من رئيس أركان الدفاع وأمين دائرة الشؤون العسكرية في الهند.
على الرغم من أن بيان مكتب شنقريحة حاول إبراز الطابع الرسمي لهذه الزيارة، بالإشارة إلى أنها تأتي ضمن إطار تعزيز التعاون بين الجيش الوطني الشعبي الجزائري والجيش الهندي مع مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، إلا أن هذه الزيارة تحمل أبعادًا قد تتجاوز ذلك، خصوصًا في ظل السياقات الإقليمية والدولية المحيطة.
شهدت نهاية الأسبوع الماضي تصريحًا واضحًا من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشأن استعداد الجزائر للتطبيع مع إسرائيل، شريطة تحقيق إقامة دولة فلسطينية.
هذا التصريح قد يضفي على زيارة شنقريحة أبعادًا إضافية تستدعي التوقف عندها. ومع الأخذ بالاعتبار العلاقات الوثيقة التي تربط الهند بإسرائيل، يبرز تساؤل جوهري حول ما إذا كانت الجزائر تسعى، بشكل أو بآخر، إلى استكشاف قنوات تواصل محتملة مع إسرائيل عبر الوسيط الهندي.

في هذا السياق، يوضح خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أن تحركات رئيس الأركان الجزائري باعتباره عضوا في الحكومة تكشف عن تشابك بين الطابعين العسكري والمدني في الجزائر.
ويشير إلى غياب مقومات الدولة المدنية، حيث تأتي هذه التحركات في سياق يمتزج فيه القرار العسكري بالسياسي.
ويرى الشيات أن زيارة رئيس الأركان السعيد شنقريحة إلى الهند تحمل أبعادا استراتيجية وعسكرية واضحة. فالتوجه نحو الهند قد يرتب تداعيات على علاقات الجزائر مع حلفائها التقليديين، وعلى رأسهم روسيا، خاصة أن النظام التقني الذي تبنته الجزائر أثبت محدوديته، كما ظهر جليا في المواجهات الروسية في أوكرانيا.
ويضيف أن الهند تتمتع بقدرة على المزج بين المنظومات التقنية الغربية وصناعاتها الوطنية، مما يجعلها وجهة مثيرة للاهتمام بالنسبة للجزائر.
ويؤكد الشيات أن هذا التوجه العسكري الجديد يعكس رغبة الجزائر في تنويع مصادر تسليحها، وهو أمر جدير بالتأمل، خصوصا وأن أغلب موارد البلاد المالية تُنفق على شراء الأسلحة. ويبقى التساؤل قائما حول الغاية من هذه التجهيزات الدفاعية، خاصة وأن المعروفة عداوة الجزائر تقتصر على المغرب دون غيره من الدول.
وفيما يتعلق بعلاقات الجزائر مع إسرائيل، يشير الشيات إلى أن الحديث عن عداوة بين الطرفين لا يتوافق مع الواقع، إذ لا توجد أدلة واقعية على صراع حقيقي بينهما. بل إن ما تروجه الجزائر إعلاميا حول “تآمر” إسرائيل ضدها عبر المغرب يُنظر إليه كوسيلة لتعزيز موقع النظام داخليا وكسب دعم شعبي، دون أن يعكس حقيقة العلاقة الفعلية بين الجانبين.
ويتساءل الشيات كذلك عن طبيعة الشراكة الاستراتيجية للجزائر مع روسيا، ويشير إلى أن زيارة شنقريحة للهند قد تفتح قنوات للتعاون مع الصناعات العسكرية الإسرائيلية عبر الهند أو حتى على مستوى الدبلوماسية.
ومع ذلك، يشدد على أن الجزائر تواجه تحديات كبيرة في صياغة دورها الاستراتيجي، خاصة مع تأخرها في بناء شراكات وظيفية فعالة على الساحة الدولية. كما يرى أن النظام الجزائري يحاول الاستفادة من أدوات مثل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة لتعزيز موقعه، لكنه يعتبر مثل هذه الخطوات متأخرة وغير ذات جدوى كبرى.
وأبرز أن توجيه العلاقات الجزائرية نحو الهند قد يعكس انكماش النظام الجزائري وتركيزه على التفاعل مع التوجهات الأمريكية بانتظار تغييرات أعمق مستقبلا.
وفي الختام، يؤكد الشيات أنه لا توجد تهديدات استراتيجية حقيقية تواجه الجزائر من المغرب أو إسرائيل أو حتى الولايات المتحدة. برأيه، تكمن مشكلة الجزائر في تخبطها الدبلوماسي وعدم قدرتها على التكيف مع التحولات العالمية الحديثة، وهو ما ينعكس على سياستها الخارجية وسعيها للحفاظ على استقرار منظومة الحكم الداخلي بأساليب دعائية فقط.