لماذا وإلى أين ؟

تازة قبل غزة

نورالدين زاوش*

لو أن نظام العسكر البليد، حينما بحث عن منفذ للمحيط لأطلسي بدل أن يسلك اتجاه المغرب سلك الاتجاه المعاكس من الكرة الأرضية، لربما كان قد وصل إلى الأطلسي منذ زمن بعيد؛ لكنه للأسف الشديد، سلك الاتجاه الخطأ؛ ربما نسي بأن المسافة الحضارية التي تفصل تاريخه الوضيع عن تاريخ المملكة المغربية الشريفة، أكبر من أن يقطعها هذا النظام الحلزوني في نصف قرن، أو حتى في غضون عشرة قرون.

إن قضية الصحراء المغربية ليست قضية نظام بل قضية كل مغربي حر، ومن شذَّ عن هذه العقيدة إما أنه مرتزق لا أصل له، أو مسترزق يتاجر لصالح من لا أصل له؛ سواء عَلِم بذلك أم لم يعلم، قَصَد ذلك أم لم يقصد، ومِن ثمّ لا مجال لأن نتسامح معه، أو نخلق الأعذار له، مهما كان اسمه وكانت صفته، مُستحضرين ما جاء في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال: “من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون أهْله، أو دون دمه، أو دون دينه فهو شهيد”، وهو ما يدل على قدسية الدفاع عما يدخل في ملكية الفرد، فبالأحرى ما يدخل في ملكية الأمة والجماعة عبر تاريخها الطويل.

ليست الإشكالية في كون البعض ينكرون شعار: “تازة قبل غزة”؛ إنما الإشكالية في كون هؤلاء ينكرون ذلك وهم في غاية العُجب بأنفسهم، وكأنهم يملكون مَلَكة الفهم ومفاتيح المجد والكرامة؛ وغيرُهم لا نصيب لهم في العزة والشموخ، وفي أفضل الأحوال لا نصيب لهم في النباهة والحكمة؛ وعلى رأس هؤلاء صاحب المعاش السَّمين، ذو العقل النحيل.

لا أحد ينكر مِحْورية القضية الفلسطينية في وِجدان الشعب المغربي قاطبة، على اختلاف مشاربه ومداركه وتوجهاته، كما لا أحد ينكر أن المملكة المغربية الشريفة من عَمِلت جاهدة على إحياء هذه القضية في نفوس المواطنين جيلا بعد جيل؛ إلا أن الدولة المغربية إذا أرادت أن تكون جادّة وفعّالة في رفع الظلم الذي يستشري على أرض فلسطين الحبيبة، عليها أن تكون، أولا، قوية وقادرة وموحدة؛ لأن الضعيف لا يُستنجَد به أحد؛ ومن ثمّ، فإن رفع شعار “تازة قبل غزة” لا يعدو أن يكون ترتيب أولويات لا ترتيب أفضلية، كأنْ يكون إعداد العُدَّة للمعركة مقدَّمٌ على خوضها، والأخذ بالأسباب مُقدم على بلوغ الغايات.

حينما يستوعب الأصوليون المزيفون ما يقوله الأصوليون حقيقة، في كون ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، حينها فقط سيتجندون للدفاع عن الوحدة الترابية بكل تفان وإخلاص، وسيرفعون شعار “تازة قبل غزة” بكل أنفة وعزة، ولا بأس أنذاك أن يفعلوا ذلك وقد أصابهم بعضَ العُجب بأنفسهم؛ لأنه عُجْبٌ يكرهه الله ورسوله إلا في موطن كهذا.

*رئيس جمعية المعرفة أولا

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
ابو زيد
المعلق(ة)
7 فبراير 2025 11:57

نخشى ما نخشاه ان تصل مزايدات أصدقاء الامس و أعداء اليوم كما موضة بيع مداد القضايا الإنسانية و الكونية لمن يدفع اكثر!!
نخشى ات يأتي علينا يوم نتجرا و نستبدل غزة بمكة!! و لا نرى على أرض الواقع بما يوحي ان الشعار له أثر على أرض الواقع لان لا اهل تازة تغيرت احوالهم و لا غزة تركت لحالها و لجهادها و لشعب ابى الا ان يجعل منا اضحكة!!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x