لماذا وإلى أين ؟

كيف ستتفاعل الرباط مع ”تهجير” سكان غزة إلى المغرب (خبيران يُجيبان)

أفادت القناة الإسرائيلية الثانية عشرة، القريبة من الجيش الإسرائيلي، بأن الرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا، دونالد ترامب، قد اقترح خطة مثيرة للجدل، تتضمن نقل سكان قطاع غزة إلى دول أفريقية، من بينها المغرب.

ووفقًا للقناة، بدأ البيت الأبيض العمل على خطط ميدانية تهدف إلى إخلاء قطاع غزة من سكانه الفلسطينيين في إطار ما وصف بـ”خطة ترامب”، التي تسعى لتحويل القطاع إلى وجهة سياحية تحت مسمى “ريفييرا الشرق الأوسط”.

تضيف القناة أن الخطة ليست مجرد تصريحات عابرة، بل إنها محضرة مسبقًا، وتشمل تهجير سكان غزة إلى مناطق مثل أرض الصومال، بونتلاند، والمغرب.

ووفقًا للمصدر ذاته، تشترك هذه المناطق في حاجتها للحصول على اعتراف سياسي من الولايات المتحدة: أرض الصومال وبونتلاند تسعيان لنيل الاعتراف ككيانات مستقلة، بينما يُعتقد أن المغرب يطمح لاستثمار هذا الدعم في قضية الصحراء.

وأبرز التقرير أن هذه المناطق تتمتع بأغلبية سكانية سنية، مما يجعل عمليات التهجير تبدو أكثر انسجامًا، من وجهة نظر من صاغوا الخطة. ولكن يبقى السؤال: كيف يمكن أن يتفاعل المغرب مع مبادرة من هذا النوع إذا تأكدت صحتها؟ وما تأثير ذلك على العلاقات المغربية الأمريكية؟

أحمد نور الدين: بروباغندا للتوظيف السياسي

في هذا السياق، وصف أحمد نورالدين، الخبير في العلاقات الدولية، ما بثته القناة الإسرائيلية بأنه ضرب من البروباغندا الهادفة إلى خلط الأوراق وبث البلبلة.

وأوضح أن هذا الطرح لا يرتقي إلى مستوى المبادرة الرسمية، بل يندرج ضمن حملات إعلامية موجهة، تهدف إلى التأثير على معنويات الخصوم وإرباك الأوضاع.

وأشار نورالدين إلى أن الطرح القائم لا يتعلق بالمغرب تحديدًا، وإنما يتمحور حول خطة أوسع تُروج لها حكومة نتنياهو ويدعمها ترامب، لتهجير سكان غزة نحو الأردن ومصر.

أحمد نورالدين، خبير في العلاقات الدولية

وأوضح أن الاقتراح قوبل برفض تام من كلا البلدين، إلى جانب رفض واسع من الدول العربية والمجتمع الدولي، إذ يُعتبر التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية وفق القانون الدولي ونظام روما للمحكمة الجنائية الدولية.

وحول موقف المغرب من القضية الفلسطينية، أكد نورالدين أن المغرب يدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ضمن حدود 1967. ويستند هذا الموقف إلى مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي تقر بحل الدولتين، وهو نهج مدعوم من قبل الأمم المتحدة وأغلب الدول حول العالم.

كما أن المغرب، يضيف ذات الخبير، لن يخاطر بشراكته الدولية أو الوطنية في الدخول بمخططات تعد انتهاكًا صريحًا للقوانين الدولية واتفاقيات مثل أوسلو واتفاق غزة-أريحا.

شقير: سفسطة سياسية وشعبوية غير مجدية

من جهته، اعتبر المحلل السياسي محمد شقير أن مثل هذه الطروحات تنبع من فكر دونالد ترامب الشعبوي الذي يتعامل مع قضايا مصيرية بمنظور استثماري يفوق الحس السياسي لدولة بحجم الولايات المتحدة.

وأكد أن التقارير الصحافية العبرية التي تناولت نقل سكان غزة إلى المغرب أو دول أخرى تمثل نوعًا من السفسطة السياسية غير الجديرة بالنقاش.

ويرى شقير أن الغرض من ترويج هذه الأفكار هو تشتيت الانتباه عن النقاش الحقيقي المتعلق بحل القضية الفلسطينية بعد تصاعد زخمها على الساحة الدولية بسبب الأوضاع الأخيرة.

وأشار إلى أن أي حديث عن توطين سكان غزة في المغرب أو أي دولة عربية أخرى يتجاهل حقائق جيوسياسية واضحة؛ فدول مثل الأردن ومصر رفضت مسبقًا مقترحات مشابهة بشكل قاطع، والمغرب أبعد جغرافيًا وأكثر حذرًا سياسيًا تجاه مخططات تنطوي على مخاطر أخلاقية ودولية.

كما شدد شقير على أن الربط بين المغرب وكيانات غير معترف بها دوليًا مثل أرض الصومال يعكس محاولة للنيل من مكانة المغرب ودوره الإقليمي.

واعتبر أن التجاهل التام لمثل هذه الادعاءات من قبل الدبلوماسية والإعلام المغربي هو الرد الأمثل على هذا النوع من التحريض الإعلامي الذي يفتقر للمنطق والمصداقية السياسية.

 الباحث محمد شقير
الباحث محمد شقير

في سياق ذي صلة، أشار شقير إلى أن المغرب، كدولة ذات سيادة، لا يمكنه القبول بحلول تأتي على حساب القضية الفلسطينية، التي تُعد إحدى الثوابت الراسخة في سياسته الخارجية منذ ستينيات القرن الماضي.، لافتا إلى أن مؤتمر القمة العربية المنعقد في الرباط عام 1974، شهد الاعتراف الرسمي بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، كما كانت مؤتمرات فاس منبراً لتحريك القضية الفلسطينية نحو الأمام.

ورغم العلاقات الاستراتيجية القوية بين المغرب والولايات المتحدة، واستئناف العلاقات الخارجية مع إسرائيل ضمن إطار اتفاقيات ابراهام، إلى جانب الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، يظل الالتزام بالقضية الفلسطينية ثابتاً لا يحتمل المساومة.، يضيف ذات الباحث.

وأكد شقير أن المغرب لن يُقايض قضيته الوطنية بالقضية الفلسطينية أبداً، بل سيسعى دائماً إلى تحقيق حل الدولتين، التزاماً بموقف الملك المغربي الذي يشغل رئاسة لجنة القدس.، مبرزا أن هذا الالتزام، يُترجم عملياً من خلال جهود وكالة بيت مال القدس المستمرة في الحفاظ على هوية المدينة المقدسة ودعم سكان كل من الضفة الغربية وغزة، مشددا على أن القضية الفلسطينية، بالنسبة للمغرب ”ليست مجرد قضية قومية، بل قضية عادلة تستحق التمسك بها والدفاع عنها على مختلف الأصعدة”.

معاناة سكان غزة مع الحرب

يستخلص من رأي الباحثين، أن الحديث عن خطط تهجير سكان غزة وما يرتبط بها، يبدو أنه يتجاوز كونه مقترحًا عمليًا ليأخذ طابع المناورات السياسية والدعائية التي يراد لها إشغال الرأي العام دون تقديم حلول حقيقية للصراع في الشرق الأوسط الذي عمر طويلا.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
8 فبراير 2025 12:26

نقل الفلسطينيين الى المغرب ستكون له تداعيات خطيرة على التماسك الاجتماعي بالمغرب اكتر مما قد يحدث لو تم نقلهم الى دول مجاورة، والسبب هو حساسية قضية الصحراء في المحيط الاقليمي، مكانة المغرب الاعتبارية في لجنة القدس، ونظرا للانفتاح السياسي الداخلي وتفاعل المغاربة القوي مع القضية الفلسطينية.

ابو زيد
المعلق(ة)
7 فبراير 2025 23:34

الموضوع ليس تهجيرهم الى المغرب!!
الموضوع هو التهجير القسري في زمن كان البعض يظن اننا نتعامل بمبادئ القانون الدولي و الإنساني و الحقوقي….
الموضوع كانه سيناريو لأفلام رعاة البقر مع فرق ان النهاية السعيدة ليست للبطل المدافع عن المستضعفين بل للمغتصب!!
اليوم صناعة السينما في هوليود لن تحتاج الى إنتاج افلام عن حروب امريكا حيث انها حولت حروبا كفييتنام و اجتياح العراق و هيروشيما و نكازاكي الى ملاحم تمحي بها ماض دام لالة الحرب الامريكية بقصص خيالية تجعل من ضحايا القنابل التي تمطرها طائراتهم إرهابيين و من جنودهم ملائكة حيث يتخطى اليتيم الذي فقد ابويه غضب و حقد الضحية و يشارك الجندي الامريكي لعبة كرة السلة داخل القواعد!!
اليوم اصبح لهوليود مخرج افلام اخر و هو ترامب و لا يهمه كيف يراه الاخر و لا حكمه!!

ملاحظات
المعلق(ة)
7 فبراير 2025 20:10

اظن الصحراء الجزائرية اوسع لهذا المشروع الهجين اما المغرب فهو دولة عريقة لم تظهر سنة 1962 بصناعة فرنسية

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x