لماذا وإلى أين ؟

الصين تثير القلق باستحواذها على موانئ عالمية استراتيجية من بينها المغرب

قالت صحيفة ”لوموند” الفرنسية، إن تحركات الصين في قطاع الموانئ العالمية، تثير قلق أوروبا والعديد من الدول الأخرى.

أوضحت الخرائط والبيانات التي نشرتها الصحيفة الفرنسية في إصدارها الأخير ( عدد 16 و17 فبراير 2025)، كيف تعمل بكين على بناء شبكة عالمية من الموانئ الإستراتيجية، بما يشمل أهم الموانئ في المغرب، وهما ميناء الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية، وميناء طنجة المتوسط.

وأبرزت الوسيلة الإعلامية الفرنسية البارزة، أن بكين أثارت مخاوف العديد من دول العالم، خصوصا بعد أن استحوذ العملاق الصيني للشحن البحري ”كوسكو”، على 67 في المائة من محطات الحاويات  في ميناء بيرايوس بأثينا سنة 2021، واستحواذها أيضا على 60 في المائة من أحد أكبر الموانئ البيروفية بقيمة مالية بلغت 3 مليار يورو، وهو تطور يُعكس تصاعد النفوذ الصيني في هذا المجال. ولم يكن مستغربًا، بحسب ”لوموند” دائما، أن يشهد الرئيس الصيني شي جين بينغ، خلال زيارته للبيرو في نونبر 2024، افتتاح ميناء شانكاي .

يُروج لهذا المشروع باعتباره بوابة جديدة تعزز تدفق المنتجات الصينية واستغلال الموارد الطبيعية والطاقة والزراعة في المنطقة. الصين، عبر شركات  صينية عديدة، استحوذت على حصص واسعة النطاق في العديد من الموانئ العالمية، من بينها المغرب،  بنسب تراوحت غالبًا بين 20% و49%، وذلك ضمن استراتيجية “طرق الحرير الجديدة” التي تم إطلاقها منذ سنة 2013.

وتمكنت هذه المبادرة من توسيع هيمنتها إلى مناطق استراتيجية مثل ميناء ترييستي الإيطالي، الذي دخل ضمن هذه المبادرة لفترة قبل سحبه منها لاحقًا من قبل حكومة جورجيا ميلوني.  ولم تستثنِ المبادرة الطموحة الطرق البحرية والبنية التحتية للنقل، حيث أسست الصين طرقًا برية وسككًا حديدية منذ سنة 2013، وزادت سيطرتها تدريجيًا على التجارة الدولية لتولد قيمة اقتصادية أعلى مع تعزيز قدراتها العسكرية لحماية مصالحها.

 وأفادت ”لوموند” أن الهدف النهائي للصين هو تحقيق طموحها لعام 2049 في الهيمنة الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية عالميًا، مبرزة أن الصين تدير  اليوم أبرز موانئ العالم وأكثرها نشاطًا، بثمانية من بين أكبر عشرين ميناء حاويات عالميًا تقع تحت إدارتها جزئيًا أو كليًا، وتشمل موانئ مثل شنغهاي ونينغبو وشنتشن.

كما تصدرت صناعة بناء السفن المخصصة لسوق سفن الحاويات بنسبة سيطرة بلغت 70%، متفوقةً على كوريا الجنوبية واليابان.

ويتساءل مراقبون، وفق الصحيفة دائما، حول ما إذا كان  طموح الصين في قيادة سلاسل القيمة واستحواذها على البنية التحتية التجارية يهدف إلى السيطرة العالمية أم هو انعكاس طبيعي لدور “مصنع العالم”. وأبرزت أن بكين نفسها ترى هذا التوسع باعتباره استراتيجية مزدوجة للدفاع عن مصالحها الاقتصادية وإبراز قوتها الدولية. هذا ما يظهر أيضًا من توسع شركاتها الكبرى مثل هواوي وكاتل في التقنيات المتقدمة والطاقة والشبكات.

وأوضح المصدر ذاته أن الموانئ تمثل بالنسبة لبكين أكثر من مجرد أداة تجارية. ففي ظل الذكريات المؤلمة لإجلاء 35 ألف من مواطنيها خلال الأزمة الليبية عام 2011، تسعى الصين اليوم لضمان سيطرتها على نقاط الاختناق البحرية لحماية مصالحها الاستراتيجية. موانئ مثل أنتويرب، روتردام، وهامبورغ تُمثل امتدادًا لهذا النفوذ الذي يظهر كذلك في الشرق الأوسط وسريلانكا. لكن هذه التحركات لم تغفل عن أعين الغرب، وفق ”لوموند”.

وأشارت إلى أن ارتباط الشركات البحرية الصينية بجيش التحرير الشعبي الصيني وتطوير قدرات مثل منصات إطلاق الصواريخ على متن سفن الحاويات، تسبب في تصاعد القلق الدولي. وقد دفعت هذه التطورات الولايات المتحدة، مطلع سنة 2025 الجارية، إلى وضع شركتي كوسكو وCIMC على قائمة المراقبة السوداء.

لم يقتصر التصميم الصيني على امتلاك الموانئ والممرات بل شمل أيضًا نقاط الاختناق البحرية المهمة مثل قناة بنما. تستغل الصين المحطات الرئيسية هناك منذ عقدين، ما يجعلها لاعبة محورية عندما يتعلق الأمر بالتحكم في العمليات اللوجستية للتجارة العالمية.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
المهاجر
المعلق(ة)
18 فبراير 2025 20:49

الصين قضت عل اليد العاملة فالعالم بطواطء مع اوروبا الآن اصبحو يتلاومون هنا هناك

شادي عبد الفتاح
المعلق(ة)
18 فبراير 2025 03:20

ربما لدولة الصين أهداف اقتصادية وربما أهداف أخرى اكبر من ذالك

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x