لماذا وإلى أين ؟

الحقد الجزائري الدفين ضد المغرب: حقائق ودلالات

نورالدين البركاني 

منذ استقلال الجزائر سنة 1962، لم تعرف العلاقات الجزائرية-المغربية استقرارًا حقيقيًا، بل كانت محكومة بالتوتر والمواجهات المباشرة وغير المباشرة. وعلى الرغم من الروابط التاريخية والثقافية بين الشعبين، فإن الحكام الجزائريين اختاروا نهج العداء للمغرب، متذرعين بقضية الصحراء المغربية، التي لم تكن يومًا سوى ورقة ضغط تستعملها الجزائر لعرقلة استقرار المغرب وإضعافه إقليميًا ودوليًا.

1. الصحراء المغربية: ذريعة لمعاداة المغرب

تروج الجزائر لخطاب مفاده أنها تدافع عن ما تسميه بـ”حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير”، لكن الوقائع تثبت أن النظام الجزائري لا يؤمن بمبدأ تقرير المصير، بل يستخدم قضية الصحراء المغربية فقط كورقة لمحاربة المغرب وتقويض نفوذه في المنطقة. ولو كان الأمر يتعلق بمبدأ إنساني أو قانوني، لرأينا الجزائر تدافع عن حقوق الأقليات داخلها، مثل الطوارق في الجنوب أو القبايل الذين يطالبون بحقوق ثقافية وسياسية أوسع.

الدليل على أن دعم الجزائر للبوليساريو مجرد ذريعة لمعاداة المغرب:

2. الطرد الجماعي لـ 350,000 مغربي سنة 1975

في خطوة انتقامية غير إنسانية، قام النظام الجزائري في 18 ديسمبر 1975 بطرد حوالي 350,000 مغربي كانوا يقيمون في الجزائر منذ عقود، بعد أيام فقط من تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء لاسترجاع أقاليمه الصحراوية من الاستعمار الإسباني. لم يكن لهذا الطرد أي مبرر قانوني أو إنساني، بل كان رد فعل عدائيًا تجاه نجاح المغرب في استعادة أقاليمه الجنوبية بطريقة سلمية.

3. تمويل ودعم البوليساريو والجماعات الإرهابية

الجزائر هي الراعي الرئيسي لجبهة البوليساريو، إذ توفر لها الملاذ في مخيمات تندوف، وتمنحها الدعم المالي والعسكري والدبلوماسي، رغم أن هذه الجبهة لا تمتلك أي شرعية دولية. كما أن الجزائر متهمة، وفق تقارير استخباراتية، بتوفير الدعم لجماعات مسلحة في منطقة الساحل، وهو ما يهدد استقرار المنطقة ككل.

4. إغلاق الحدود مع المغرب (1994 – إلى اليوم)

بعد حادثة تفجير فندق “أطلس آسني” في مراكش سنة 1994، قررت الجزائر إغلاق حدودها البرية مع المغرب، رغم أن المغرب لم يكن وراء هذا الحادث بل كان ضحيته. ومنذ ذلك الوقت، يرفض النظام الجزائري فتح الحدود، على الرغم من الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي يتكبدها الشعبان بسبب هذا القرار.

5. قطع العلاقات الدبلوماسية (2021)

في خطوة تصعيدية أخرى، أعلنت الجزائر في أغسطس 2021 قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، متذرعةً بحجج واهية. والواقع أن هذا القرار لم يكن سوى امتداد للسياسات العدائية المتواصلة ضد المغرب.

6. إغلاق الأجواء أمام الطائرات المغربية

بعد شهر واحد من قطع العلاقات الدبلوماسية، قررت الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات المغربية المدنية والعسكرية، مما أثر سلبًا على الرحلات الجوية بين المغرب ودول أفريقيا وأوروبا، وهو قرار يعكس السياسة الانتقامية التي ينتهجها النظام الجزائري ضد المغرب.

7. قطع الغاز عن المغرب (2021)

في أكتوبر 2021، قررت الجزائر عدم تجديد عقد أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي، الذي يمر عبر المغرب إلى إسبانيا، في خطوة واضحة لاستهداف الاقتصاد المغربي. لكن المغرب، بعكس توقعات الجزائر، تمكن من تجاوز الأزمة بسرعة عبر تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاعتماد على الطاقات المتجددة.

8. محاولة ضرب مصالح المغرب دوليًا

لطالما حاولت الجزائر التأثير على الدول الإفريقية والعربية والدولية لمناهضة المغرب في قضية وحدته الترابية. إذ تقوم بتمويل لوبيات معادية للمغرب، وتحاول الضغط على بعض الدول لتغيير موقفها من الصحراء المغربية، رغم أن أغلبية دول العالم اليوم تدعم سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

9. التجنيد الإعلامي والدعائي ضد المغرب

الإعلام الجزائري الرسمي وغير الرسمي تحول إلى منصة لشيطنة المغرب، حيث يُروّج الأكاذيب والمغالطات حول الوضع الداخلي للمملكة، في محاولة فاشلة لتشويه صورة المغرب أمام الرأي العام الدولي.

10. رفض الجزائر التفاوض المباشر مع المغرب

بالرغم من أن المغرب يدعو باستمرار إلى الحوار لحل الخلافات الثنائية، ترفض الجزائر أي مفاوضات مباشرة حول قضية الصحراء المغربية. كما أنها ترفض أي مبادرات وساطة، مما يدل على أن القضية ليست مسألة “تقرير مصير” بل ورقة سياسية لإضعاف المغرب.

11. محاولات عرقلة الاستثمارات الدولية في الأقاليم الجنوبية المغربية

الجزائر، عبر ذراعها الدبلوماسي والبوليساريو، تحاول عرقلة الاستثمارات الأجنبية في الصحراء المغربية، خاصةً في مجالات الطاقة المتجددة والصيد البحري. كما تحاول الضغط على بعض الشركات الدولية لعدم الاستثمار في هذه المناطق عبر دعاوى قضائية في المحاكم الأوروبية.

12. تجنيد منظمات حقوقية وأطراف دولية لتشويه صورة المغرب

تقوم الجزائر بتمويل منظمات غير حكومية دولية من أجل نشر تقارير مغلوطة حول “حقوق الإنسان” في الصحراء المغربية. هذه التقارير تستند إلى معلومات مضللة مصدرها البوليساريو، في محاولة لتأليب الرأي العام الدولي ضد المغرب.

13. الضغط على الاتحاد الإفريقي لدعم البوليساريو

الجزائر استغلت نفوذها داخل الاتحاد الإفريقي لمحاولة فرض البوليساريو كعضو في المنظمة، رغم أن الأمم المتحدة لا تعترف بها كدولة. كما تحاول التأثير على الدول الإفريقية التي تدعم المغرب من خلال الضغوط السياسية والاقتصادية.

14. احتضان وتدريب قيادات البوليساريو عسكريًا

إلى جانب الدعم المالي والدبلوماسي، توفر الجزائر تدريبات عسكرية لعناصر البوليساريو داخل أراضيها، حيث يتم تدريب الميليشيات في القواعد العسكرية الجزائرية، وهو ما يشكل تهديدًا للأمن الإقليمي.

15. استخدام البوليساريو كورقة ابتزاز سياسي واقتصادي

الجزائر تستخدم البوليساريو كورقة ابتزاز ضد المغرب، سواءً في مفاوضاتها مع دول أوروبية، أو في علاقاتها مع دول عربية وإفريقية. عندما تتوتر علاقتها مع أي دولة بسبب المغرب، تلجأ فورًا إلى إثارة ملف الصحراء لمحاولة زعزعة موقف تلك الدولة.

16. استهداف المغرب في المنتديات الدولية ومنعه من استضافة فعاليات كبرى

تسعى الجزائر بشكل ممنهج إلى عرقلة أي محاولة مغربية لاستضافة فعاليات دولية كبرى، سواء كانت رياضية، اقتصادية، أو سياسية. فعلى سبيل المثال، مارست الجزائر ضغوطًا على الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF) لمنع المغرب من استضافة بطولات رياضية، كما حاولت عرقلة ترشح المغرب لتنظيم كأس العالم.

17. دعم الإعلام الجزائري لأطروحة الانفصال داخل المغرب

لا يكتفي الإعلام الجزائري بمهاجمة المغرب بخصوص قضية الصحراء، بل يعمل على الترويج لأطروحات انفصالية أخرى، مثل دعم حركات معادية للمغرب في بعض الأقاليم، بهدف خلق حالة من عدم الاستقرار الداخلي.

18. تعطيل مشروع الاتحاد المغاربي لخدمة أجندتها العدائية

منذ عقود، يحاول المغرب دفع مشروع الاتحاد المغاربي إلى الأمام، لكن الجزائر كانت العائق الأساسي أمام تفعيله. إذ تصر على ربط أي تقدم في المشروع بحل قضية الصحراء وفق منظورها، مما يعطل أي تكامل اقتصادي أو سياسي بين دول المنطقة.

19. استخدام موارد الدولة الجزائرية في حرب دبلوماسية ضد المغرب بدلًا من تنمية الجزائر

رغم الأزمة الاقتصادية والبطالة التي يعاني منها الشعب الجزائري، يواصل النظام إنفاق مليارات الدولارات لدعم البوليساريو وتمويل حملات دعائية ضد المغرب. في المقابل، لا يستفيد المواطن الجزائري من هذه السياسات العدائية، بل تزداد أوضاعه سوءًا نتيجة لهذا الهدر المالي.

20. تأجيج العداء الشعبي ضد المغرب عبر مناهج التعليم والإعلام الرسمي

النظام الجزائري لا يكتفي فقط بالعداء الدبلوماسي، بل يعمل على زرع الكراهية ضد المغرب في الأجيال الجديدة، عبر المناهج الدراسية والإعلام الرسمي. حيث يتم تصوير المغرب على أنه “العدو الأبدي” للجزائر، رغم أن الشعبين الشقيقين تجمعهما روابط تاريخية ودينية مشتركة.

كل هذه الدلائل تؤكد أن دعم الجزائر للبوليساريو ليس بدافع الدفاع عن مبدأ تقرير المصير، بل هو سياسة عدائية ممنهجة ضد المغرب، تهدف إلى ضرب استقراره وإضعافه إقليميًا ودوليًا. ومع ذلك، فإن المغرب يواصل تحقيق إنجازات دبلوماسية واقتصادية كبرى، بينما يبقى النظام الجزائري أسيرًا لسياسة العداء، التي لم تجلب له سوى العزلة والخسائر.

في النهاية، يبقى السؤال الأهم: من المستفيد من استمرار هذا العداء؟

الشعب الجزائري ليس مستفيدًا، فهو يعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة، وكان الأجدر بنظامه التركيز على التنمية بدل هدر مقدرات البلاد في سياسات عدائية غير مبررة.

المغرب، الحمد لله، تمكن من تحقيق تقدمه رغم كل العراقيل، إذ أصبح نموذجًا في الاستقرار والتنمية، واستطاع تعزيز علاقاته الدولية رغم محاولات النظام الجزائري لعرقلته.

وبالتالي، فإن السياسات العدائية الجزائرية ضد المغرب لا تعبر عن موقف شعبي جزائري، وإنما هي انعكاس لعقدة النظام الحاكم من نجاح المغرب في بناء نموذج اقتصادي وتنموي قوي، وهو ما يجعل الجزائر في عزلة دبلوماسية متزايدة.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x