2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
نزار بركة وإعلان أولاد فرج

سعيد الغماز
أثارت الخرجة الأخيرة للأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء في حكومة أخنوش، موجة كبيرة من الاهتمام المصحوب بالاستغراب. كلمة السيد نزار بركة في أولاد فرج، وإن لم يفهم مغزاها البعض، تحدثت من جهة عن الغلاء الذي فاق كل الحدود وتجاوز كل التوقعات. هذا الغلاء الغير مسبوق جعل رئيس الحزب الثالث في التحالف الحكومي، يشتكي ضعف الحكومة التي ينتمي إليها قائلا “وانا بغيت نقول لهم اليوم، وحنا فشهر شعبان، اتقوا الله فالمغاربة”. ومن جهة أخرى تحدثت كلمة السيد بركة، عن الدعم الذي قدمته حكومة السيد أخنوش لحيتان استراد اللحوم، لكن بلغة إهدار المال العام، دون بلوغ هدف تقليص الأسعار.
ما قاله السيد نزار بركة في أولاد فرج، لم يكن خطابا حزبيا، ولا تعبيرا عن قرارات ومواقف حزب الاستقلال، ولا يندرج حتى في سياق حملة انتخابية سابقة لأوانها. وإنما هو إعلان شبيه بالتقارير التي تعقب اجتماع القادة السياسيين، ويصدرون وثيقة تحت اسم إعلان كذا وكذا… في إشارة لمكان انعقاد الاجتماع. لذلك نقول إن التوصيف الذي يناسب خطاب نزار بركة في أولاد فرج، هو “إعلان أولاد فرج”.
فكيف يمكننا قراءة هذا الإعلان الذي أعلن عنه أمين عام حزب الميزان من أولاد فرج؟
إذا تعاملنا مع خطاب نزار بركة “كإعلان أولاد فرج” يعكس من خلاله رئيس حزب الميزان، مواقف حزبه من قضايا تستأثر باهتمام المغاربة، لتضررهم المباشر من تداعياتها، فإننا نرجح أن لا يخرج هذا الإعلان عن ثلاثة سيناريوهات: إعلان فشل الحكومة – إعلان تملص حزب الميزان من حكومة الأحرار – إعلان الاستقالة المعنوية لحزب الاستقلال من حكومة أخنوش.
نعم…إنها المواقف الثلاثة التي يمكن أن تختزلها كلمة بركة في أولاد فرج، أو ما يمكن وصفه ب”إعلان أولاد فرج”. لقد كان بركة صريحا في إعلان فشل الحكومة في معركتها ضد الغلاء، وفشل برامجها في التشغيل لمحاربة البطالة التي بلغت رقما قياسيا، لم تشهده البلاد منذ 1999، وهو رقم مخيف يصل إلى 13،6%.
إعلان أولاد فرج هو كذلك تبرء لحزب الميزان من الحكومة التي يشارك فيها. فخطاب نزار بركة كان واضحا بخصوص فشل حكومة أخنوش في لجم جشع الموردين، ورفع نسبة أرباحهم التي فاقت كل تقدير. وقول بركة “باراكا ما تاكلوا فالفلوس ديال المغاربة”، هو إعلان صريح عن تحمل حزب السيد رئيس الحكومة وزر هذا الفشل لوحده. وحزب الاستقلال من أولاد فرج، وعلى لسان أمينه العام، يعلن عدم تحمل حزب الميزان أية مسؤولية في تفشي جشع الموردين. وكأن لسان حاله يقول، إن الموردين هم أعضاء في حزب أخنوش أو على الأقل يسبحون في بحيرته المملوءة بمياه تضارب المصالح.
وأخيرا نقول، إن خطاب بركة في أولاد فرج، هو من الناحية العملية إعلان استقالة معنوية من حكومة التجمع الوطني للأحرار. فما قامت به حكومة أخنوش، لا يخرج عن نطاق آفة تضارب المصالح، وإنجازات في الفشل الذي يضرب فشلا آخر.
نعم إننا أمام إنجاز حكومي سريالي، تتضارب فيه الإخفاقات كما تتضارب المصالح.
إن بقي للسياسة معنى، ولخطابات الزعماء مصداقية، فيمكننا القول إن “إعلان أولاد فرج”، هو إعلان طلاق حزب الميزان للتحالف الحكومي، وإعلان صراع معلن بين حزب الاستقلال وحزب الأحرار. والحملة الانتخابية ستوضح بجلاء ما نقول.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.