لماذا وإلى أين ؟

زوايا الصحراء: الوجه الآخر للزوايا..مراكز علم وصلح وفن وكفاح ضد المستعمر

وقبل الغوص في معالم الزوايا كان لزاما أن نؤطر سلسلتنا الرمضانية تاريخيا ومفاهيميا عبر بسط حلقتين تأطيريتين (الأولى والثانية) عن الموضوع، كي يتسنى للقارئ، كما المتخصص، أن يواكب معنا السلسلة دون لبس مفاهيمي أو خلط بين الزوايا الدينية بباقي ربوع المملكة، وبين الزوايا والمساجد والمحضرات في الصحراء وما تتميز به من خصوصيات.

وسنتطرق في هذه الحلقة (2) لأهم الخصوصيات التي تميز الزوايا في الصحراء وعلاقاتها القبلية والأدوار التي لعبتها في مختلف مراحل التاريخ، مع الدكتور محمد دحمان، أستاذ الأنثروبولوجيا والثقافة الحسانية بجامعة ابن طفيل.

وحسب الدكتور محمد دحمان، أستاذ الأنثروبولوجيا والثقافة الحسانية بجامعة ابن طفيل، فإن “الزوايا عبارة عن مؤسسات اجتماعية ثقافية ودينية اضطلعت بدور كبير في تاريخ المنطقة وتاريخ علاقتها بباقي مناطق البلاد، وانتشرت في مناكب الصحراء، ولها بعض الخصوصيات منها ارتباط الزوايا بالقبائل، ومنها كون الزوايا التي انتشرت في الصحراء هي امتداد لزوايا ظهرت في شمال المغرب، مثل الزاوية الشاذلية، والزاوية الجزولية، ثم الزاوية القادرية القديمة، التي لها فروع، منها المعينية والكنتية، ثم الزاوية النقشبندية عند أهل سيدي محمد بتيرس، الزاوية الشاذلية في سلكها الناصري عند أهل بارك الله، خاصة مسكا ولد بارك الله الذي له علاقة بخليفة الطريقة الناصرية سيدي أحمد بناصر”.

 وفي تأطيره الأنثروبولوجي للسلسلة، أكد الدكتور دحمان، في حديثه لجريدة “آشكاين” الرقمية أن “القرن العاشر عرف شهرة المشايخ في الساقية الحمراء، منهم سيدي أحمد لعروسي وسيدي احمد الرݣيبي وسيدي أحمد الفريم الكنتي، وأولاد بوسباع السبعة،  وكل هؤلاء كانوا على الطريقة الشاذلية”.

محمد دحمان، أستاذ الأنثروبولوجيا والثقافة الحسانية بجامعة ابن طفيل

وعزا المتحدث انتشار الزوايا في ربوع الصحراء، لكون الأخيرة “تضم في مختلف ترابها مسالك طرقية، وآبارا، كما أن هذه الصحراء بمثابة واسطة العقد بين شمال المغرب وبقية القارة الافريقية”.

 ونبه الباحث إلى أن “هذه الزوايا احتضنت العلم، لكونها كانت مراكز علم وتصحيح العقيدة الدينية، وكانت مراكز لخلق الوئام الاجتماعي، كما كانت مراكز للجانب الفني والثقافي للمدح النبوي، إذ كلما طل شيخ على الفريك أو قدِم للقرية يُستقبل بالأمداح والطبول والتي كانت من أجهزة الزاوية”.

بالإضافة لما سبق ذكره فقد “كانت الزوايا مكانا لعقد الصلح”، يسترسل دحمان شارحا أنها “لم تكن زوايا خاملة بل قادت المقاومة وواجهت الاحتلال الأجنبي منذ البرتغاليين في القرن الخامس عشر والسادس عشر، إلى أن طلع الاستعمار الإسباني والفرنسي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن  العشرين”.

وأبرز الباحث المتخصص في التراث الحساني أن “للزوايا وجها أخر في الصحراء ليست فقط مؤسسة معزولة  يؤسسها شيخ، بل إن “الزْوَايَا” تعني القبيلة”.

 ويعني هذا حسب دحمان دائما، أن “الزوايا في الصحراء هي قبائل، وهذه الزوايا تنتمي إلى طرق صوفية، وهذه الطرق الصوفية شكلت شبكة تواصل بين جميع مناطق المغرب”.

وأشار الدكتور دحمان إلى أن “المغرب الأقصى أصبح مصدرا للزوايا، حيث نجد امتداد زواياه في ليبيا والجزائر وتونس ومصر إلى العراق”.

وخلص إلى أن هذه “الزوايا امتدت جنوبا، عبر القارة الإفريقية وموريتانيا والنيجر وغينيا، إلى حدود نيجيريا، وهو ما يشكل أبعاد الهوية المغربية الأساسية، وهناك زوايا يمكننا التطرق لها واحدة تلو الأخرى لاحقا”.

زوايا الصحراء: خصوصيات تصوفية وتاريخ وأثر

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x