لماذا وإلى أين ؟

“نساء الإسلام”.. ذكر النساء في القرآن إسوة بالذكور جاء بعد حراك نسوي قادته زوجة النبي (ح 2)

تتناول سلسة “نساء الإسلام” واقع المرأة في الإسلام، انطلاقا من تسليط الضوء على وقائع تاريخية في كيفية تعامل الرسول (ص) مع زوجاته أولا، ونظرته للنساء بصفة عامة إبان حياته، والمكانة السياسية والاجتماعية التي لعبتها النساء آنذاك، فقد أعطى الرسول محمد طيلة فترة بعثته النبوية، سواء أكان في مكة أو في المدينة، مكانا رئيسا للنساء.

كما تسلط هذه السلسلة الضوء على الواقع الذي أصبحت عليه النساء في الإسلام مباشرة بعد وفاة الرسول، وما ترافق ذلك من أحداث سياسية واجتماعية اقتصادية كبرى، أثرت بشكل كبير على مكانة المرأة..

هي إذن قصص ووقائع عديدة، ستحاول “آشكاين” الوقوف عندها في هذه السلسلة التي تُبث طيلة شهر رمضان، والتي اختير لها عنوان“نساء الإسلام”، وذلك من خلال الاعتماد بالأساس على مؤلفات السوسيولوجية الراحلة “فاطمة المرنيسي”، التي خصصت جزء كبيرا في مشروعها البحثي لهذا الموضوع.

الحلقة الثانية: ذكر النساء في القرآن إسوة بالذكور جاء بعد حراك نسوي قادته أم سلمة

موضوع هذه الحلقة هو سياق ذكر النساء أول مرة في الآيات القرآنية، وذلك بعد استفسار إحدى زوجات الرسول عدم ذكرهن واكتفاء الأيات بذكر الذكور.

ويتعلق الأمر بأم سَلَمَة هند بنت أبي أمية المخزومية، إحدى زوجات الرسول محمد، وإحدى أمهات المؤمنين، ومن السابقات لاعتناق الإسلام، وهي كمحمد ﷺ كانت تنتمي للطبقة الاريستوقراطية من قريش، وكان لها أربعة أطفال من زواجها الأول.

وعندما طلب النبي ﷺ يدها، رفضت في الأول، إذ قالت له: “سبق أن كان لي أولاد ، وانني أغار كثيراً”، فقال لها النبي ﷺ لإقناعها: أنه سيدعو لها الله كي يخلصها من عقدة الغيرة وأما فيما يتعلق بالسن، فإنه كان على كل حال أكبر منها بكثير. وكان ابن أم سلمة هو الذي زوجها من النبي.

وعندما لزمت منزل النبي ﷺ كانت ترضع آخر ابنائها، زينب ، وقد اعتاد النبي ﷺ ان يحييها عندما يدخل بيتها قائلا: “أین زناب” تصغير تحبب لزينب.

وتذكر المرنيسي في مؤلفها الشهير “الحريم السياسي – النبي والنساء”، أن أم سلمة كانت تنتمي إلى ذلك الصنف من النساء من اريستوقراطية قريش حيث كان الجمال الطبيعي والذكاء يضمنان مع السن نفوذا خاصا على المحيط وامتيازا بأن يؤخذ رأيها عندما يتعلق الأمر بقضايا حيوية للجماعة، وهي كانت ذكية جدا وتناقش باستمرار الأمور السياسية، والرسول لم يفاجأ برؤية امرأة كام سلمة تثير مسائل سياسية للغاية،

وأوردت المرنسي أن أم سلمة طلبت يوماً إلى النبي ﷺ قائلة: “لماذا يذكر الرجال وحدهم في القرآن ولماذا لا نذكر نحن؟”.

وبينما كانت في أحد الأيام وهي تمشط شعرها بهدوء، مشغولة بواقعة عدم تلقيها جواباً عن سؤالها، سمعت النبي يتلو في الجامع آخر آية أوحي له بها، وهي تتعلق بها بجواب على سؤالها، إذ قال النبي حينها: أيها الناس يقول الله: “إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً و الذاكرات ، أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيما”.

في هذا الصدد أشارت المرنيسي إلى ان سؤالا كبيرا طُرح حول طلب أم سلمة الذي تحقق، وحول إن كان الأمر كان يتعلق بمبادرة فردية محضة ورغبة خاصة من جانب امرأة اريستوقراطية طموحة ومتعالية؟ أم يتعلق بنزوة لأم سلمة، أو أنها على العكس من ذلك، كانت تعبيرا عن تيارا لرأي عام بين نساء المدينة؟

وتُجيب ذات الباحثة السوسيولوجية الراحلة أن هناك الكثير من الأمارات التي تحملنا على الاعتقاد أنها كانت تتعلق بحركة احتجاج من نساء المدينة، وأن سؤال أم سلمة كان نتيجة اضطراب احتجاجي وليس نزوات زوجة متعالية، حيث تقول لنا بعض النصوص أن المبادرة جاءت من نساء الجماعة: “جاءت نساء لعند زوجات النبي وقلن لهن: تكلم الله عنكن بنوع خاص في القرآن، ولكنه لم يقل شيئاً عما يتعلق بنا. أفلا يوجد فينا اذن شيء لنستحق أن يشار إليه؟”

هذا هو إذا سياق ذكر القرآن لأول مرة الجنس النسائي، فلم تشارك النساء في اهتمامات أم سلمة فحسب، ولكنهن أخذن الجواب من السماء بالنسبة لما كان: انقطاع مع الممارسات الجاهلية ، وإعادة وضع العادات الحاكمة للعلاقات بين الجنسين موضع التساؤل، ومهما كان ثقل تلك التقاليد، فإن النساء حسبما يبدو كن مسرورات من التغيير وكن يأملن برؤية الأشياء تتغير مع الآله الجديد، وفق تعير المرنيسي.

يُتبع..

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x