“نساء الإسلام”.. رفض ذكوري عارم لمنح الرسول (ص) الحق في الإرث للنساء (ح 3)

تتناول سلسة “نساء الإسلام”واقع المرأة في الإسلام، انطلاقا من تسليط الضوء على وقائع تاريخية في كيفية تعامل الرسول (ص) مع زوجاته أولا، ونظرته للنساء بصفة عامة إبان حياته، والمكانة السياسية والاجتماعية التي لعبتها النساء آنذاك، فقد أعطى الرسول محمد طيلة فترة بعثته النبوية، سواء أكان في مكة أو في المدينة، مكانا رئيسا للنساء.

كما تسلط هذه السلسلة الضوء على الواقع الذي أصبحت عليه النساء في الإسلام مباشرة بعد وفاة الرسول، وما ترافق ذلك من أحداث سياسية واجتماعية اقتصادية كبرى، أثرت بشكل كبير على مكانة المرأة..

هي إذن قصص ووقائع عديدة، ستحاول “آشكاين” الوقوف عندها في هذه السلسلة التي تُبث طيلة شهر رمضان، والتي اختير لها عنوان“نساء الإسلام”، وذلك من خلال الاعتماد بالأساس على مؤلفات السوسيولوجية الراحلة “فاطمة المرنيسي”، التي خصصت جزء كبيرا في مشروعها البحثي لهذا الموضوع.

الحلقة الثالثة: رفض ذكوري عارم لمنح المرأة الحق في الإرث

تتناول هذه الحلقة رد الفعل الذي أبدى عليه المسلمون الرجال لما أعلن الرسول لأول مرة عن حق المرأة في الإرث إسوة بالرجل وفق تعاليم الأية القرآنية التي نزلت إليه عن طريق جبريل.

فالنساء كن مسرورات من التغيير التي أتى به الإسلام، وكن يأملن برؤية الأشياء تتغير مع الإله الجديد، وكان نصرهن أن سورة هي السورة 4 (النساء) سوف تحمل اسمهن وتتضمن القوانين الجديدة حول الإرث الذي يجرد الرجال من امتيازاتهم ليس بأن النساء لم تعد تورث كما تورث الجمال واشجار النخيل فحسب بل إنهن سوف يرثن أيضا.

فالمرأة منذ هذه اللحظة وفق فاطمة المرنيسي سوف تدخل في منافسة مع الرجل لمشاطرته الثروات: “للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً”.

وترى مؤلفة “الحريم السياسي – النبي والنساء” أن هذه الآية القصيرة كان لها وقع القنبلة بين سكان المدينة من الذكور الذين وجدوا أنفسهم لأول مرة، في نزاع مباشر وشخصي مع رب المسلمين. فالرجال وحدهم، قبل هذه الآية كان لهم الحق بالميراث في الجزيرة العربية وكانت النساء تشكل جزءا من الأموال الموروثة: “فعندما كان يموت رجل كان ابنه البكر يرث أرملته. كان يستطيع، إن لم تكن أمة، إما أن يتزوجها، وإما ان يمد حقوقه عليها إلى شقيقه أو ابن أخيه اذا رغب. وكان بإمكان هؤلاء الزواج بها بدلاً عنه”.

وقد رأى الرجال، أن التنظيم الجديد للإرث قد مس نطاقاً لم يكن للاسلام التدخل فيه: علاقاتهم مع النساء/ط وحسب الكثيرين من الصحابة، إن على الاسلام ان يغير كل شيء ما عدا امتيازاتهم تجاه النساء. لقد تأثروا بشكل مزدوج: فالأموال الموروثة تناقصت لأن المرأة التي كانت تشكل قسماً جيداً منها، لم تعد تعتبر من هذه الأموال؛ إضافة إلى ذلك فإن القليل من الميراث، يجب ان تشاطره فيه، وفق ما أوردته المرنيسي.

فالمرأة في الجاهلية لم يكن لها أي حق في الإرث، الذي بقي، في كافة الأحوال قضية للرجال. رجال قبيلة الزوج أو رجال قبيلتها الخاصة: “قبل الاسلام ، عندما كان يفقد أحدهم والده، شقيقه أو ابنه، واذا كان الفقيد قد ترك أرملة، فإن الوريث الجديد يستفيد من امتيازات المهر المدفوع من قبل الميت، وبذلك كان يسرع إلى هذه، ويغطيها بثوبه وهكذا يستأثر بالحق المنحصر به للزواج منها. وعندما كان يتزوجها، يجردها من حقها بالنصيب الأرثي المتكون بالمهر. ولكن اذا كانت أرملة المتوفي قد نجحت في الالتحاق بقبيلتها الخاصة قبل وصول الوارث الجديد، فإن هذا كان يجرد من حقوقه عليها لمنفعة قبيلتها”.

فالمرأة ، في حين الميراث، لم تكن تظهر الا بصفتها موضوعاً، تتأكد عليه ادعاءات الورثة الذكور، سواء أكانوا منتمين لقبيلة المتوفي أو ينتمون إلى قبيلة المرأة. وقد أعادت القوانين الجديدة طرح الموضوع حيث أكد الاسلام فكرة الفرد كصاحب إرادة ماثلة دائماً في العالم، وصاحب وعي اسمى لا يمكن ان يزول طالما ان الشخص بقي على قيد الحياة.

وأوردت المرنيسي لجوء الرجال لمعارضة هذه القوانين، وهم عالمون بأنهم اذا تركوها تمضي فإن محمداً وربه سوف يساعدان النساء على التقدم بمطالب اخرى، وخاصة الحق بممارسة الحرب وبأن يكون لهن حق بالغنيمة…

يُتبع..