2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

مصطفى المصموضي*
في سياق عام من التحول غير واضح المعالم و الاهداف الذي تعيشه الوظيفة العمومية بالمغرب، اهم تجلياته اصدار انظمة اساسية خاصة بموظفي كل قطاع حكومي بشكل مستقلو تحيين انظمة اخرى وفق امتيازات مختلفة و متفاوتة بينها، خلافا للخطابات الرسمية التي طالما اكدت على ضرورة توحيد الوظيفة العمومية في إطار منظومة شاملة لمحاربة التضخم الحاصل في القوانين و الانظمة الاساسية سواء القطاعية او الفئوية، في هذا السياق تباشر نقابات الجماعات الترابية تفاوضا عسيرا مع وزارة الداخلية امتد ل 6 سنوات، حول مجموعة من الملفات المطلبية بما فيهاإخراج نظام أساسي على غرار باقي القطاعات، تحاول من ورائه وزارة الداخلية إقناع الفرقاء النقابيين بحل جميع القضايا من خلاله في الوقت الذي تؤكد النقابات على ان حل الملفات العالقة يجب ان يتم قبل اصدار اي نظام أساسي( اهم هذه الملفات نجد ملف حاملي الشواهد غير المدمجين في السلاليم المناسبة إضافة الى ملفات فئوية أخرى)حتى لا يمسينظامالتكريس و تكديس المشاكلعوض نظام اساسي لتنظيم الحياة المهنية للموظف الجماعي.
و بالرجوع الى مشروع النظام الاساسي المقترح و بمقارنة بسيطة مع جميع الانظمة الاساسية الصادرة مؤخرا لقطاعات أخرى مثلالتعليم، المالية، العدل … سنلاحظ مدى قصور و شح هذا المشروع المقترحمن حيث بنية النص اولا اذ لا يتعدى 21 مادة و ثانيابتحفيزات منعدمة مقارنة بامتيازات الأنظمة الأساسية للقطاعات السابق ذكرها، علما ان موظفي قطاع الجماعات الترابية يزاولون مهام اغلب القطاعات الأخرى بل و يتحملون مسؤولية جنائية اكبر من باقي القطاعات،مما يطرح التساؤل عن المغزى مناقتراح نظام أساسي بهذه الهزالةلدرجة التمييز بالمقارنة مع الانظمة الأساسية للقطاعات الاخرى، التي تضمنت مجموعة من الامتيازات على شكل تعويضات و تحفيزات مالية مهمة وصلت الى مضاعفة الاجر الشهري في قطاع المالية مثلا. بالرجوع الى الجو العام الذي يؤطر التفاوض حول المشروع المقترح نخلص الى قناعتين، من خلال التعامل غير الجدي مع مقترحاته و من خلال عدم الالتزام بجدولة زمنية للتفاوض، اولا عدم اهمية فئة موظفي الجماعات الترابية لعدم اهمية الخدمات التي تقدمها، و بالتاليعدم أهمية إدارة الجماعة الترابيةكمؤسسة سياسية دستورية والخلاصة ان سياسة القرب و اللاتمركز لا تعدو سوى خطاب صادر عن الحكومة/الدولة للاستهلاك الإعلامي دون قناعة حقيقية به،ثانيا، تتمثل في وجود اشكال تقني /قانونييستحيل معه اصدار نظام أساسي خاص بموظفي الجماعات الترابية في هذه المرحلة، نظرا للشروط القانونية غير المساعدة و بالتالي، فعملية التفاوض و المشروع المقترح ما هي الا تأثيث للمشهد التفاوضي العام عبر اظهار وزارة الداخلية لنفسها كوزارة وصية منخرطة في الحوار الاجتماعي، لكن الواقع يظهر انه تفاوض دون وجود اهداف او نية ايجاد حلول للمشاكل، القائمة، هذه الفرضية يعززها الاشكال القانوني الذي سبق الإشارة اليه و الذي يتلخص في كون المادة 129 من القانون التنظيمي 113.14 تنص على اصدار نظام اساسي بقانون، و هو ما يتناقض مع نص الدستور الذي حدد مجالات تشريع القانون في الفصل 71 و الذي ليس من ضمنها الانظمة الاساسية الخصوصية للموظفين،في ضل وجود نص عام يحدد حقوق و واجبات الموظف و هو القانون العام للوظيفة العمومية لسنة .1958و قد سبق للمحكمة الدستورية ان أصدرت قرار رقم 953 م.د/2015 بموجبه تم رفض لنظام أساسي لدكاترة الوظيفة العمومية بمثابة قانون ، معللة قرارها كون مجال تشريع النصوص التنظيمية من اختصاص الحكومة حسب الفصل 72 من الدستور. وبالتالي فإن المادة 129 من القانون التنظيمي 113.14 أغلقت الباب امام إمكانية اصدار نظام أساسي الا بعد تعديلها،وفي هذا الإطار انتبه الفريق الاتحادي بالبرلمان للإشكال،وفي محاولة منه مد يد المساعدة لوزارة الداخلية تقدم بمقترح تغيير المادة 129 لكن المقترح اصطدم بالنظام الداخلي للبرلمان وبمنهجية تغيير مثل هذه القوانين.
لقد أصبحت لدى اغلبية موظفي الجماعات الترابية قناعة واضحة، ان لا نظام اساسي على الأقل قبل سنة 2027 سنة الانتخابات والتي ستطرح خلالها نصوص القوانين التنظيمية للجماعات الترابية وهيئاتها الى المراجعة مما سيتيح امكانية تعديلالمادة 129 إذا لم تسقط سهوا من مقترحات التعديل.
خلاصة القول، وحتى لا نستمر في هدر الزمن التفاوضي الذي يضيع من اعمار الموظفين، اعتقد انه أصبحلزوما على النقابات القطاعية حالياان يحصل لها الوعي بهذا الاشكال العام وتوحيد صفها، وتوجيه جهودها نحو فرض تغيير بوصلة التفاوض نحو مطلبين واضحين وشرعيينهما: اولا الدفع بإخراج نظام تعويضاتآني وموحد لجميع موظفي القطاع عبر نص تنظيمي تكميلي للنظام الاساسي لسنة 1977يتم ادماجه مستقبلا في النظام الأساسي عندما تتاح الامكانية بإصداره على غرار باقي القطاعات. ثانيا إيجاد حل للملفات الفئوية عبر تسوية ملف حاملي الشهادات وفق الإمكانيات المتاحة قانونا وخصوصا ظهير 63. مطلبين اعتقد انه يمكن ادراكهما مماسيحفظ ماء وجه هذا الحوار السريالي وكذا وجه وزارة الداخلية بسبب تخلفها التفاوضي عن باقي القطاعات وبسبب الخطأ التشريعي الذي سقطت فيه وهي تقترح نظام اساسي وفق مسطرة تشريعية مخالفة لما جاء به الدستور.
*متصرف لوزارة الداخلية
الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.
الحمد لله متصرف لوزارة الداخلية و طبعا تابع لاحدى الجماعات الترابية يتبورد بمقال في المستوى على اطارات وزارة لفتيت….!!!