2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
اعتقالات سياسية.. تطويق المحكمة وترحيل محامين جزائريين في أول جلسات محاكمة الأموي

“إعتقالات سياسية” سلسلة رمضانية يعدها الصحافي؛ محمد دنيا، تسلط الضوء على عدد من الإعتقالات والمتابعات والمحاكمات ذات الصبغة السياسية منذ استقلال المغرب، ستغوص بقراء ومتتبعي صحيفة “آشكاين” الإخبارية في التفاصيل الدقيقة لكل قصة من القصص التي أثارتا جدلا سياسيا، حقوقيا وقانونيا في المغرب.
تهدف السلسلة إلى تسليط الضوء على بعض القضايا التي طبعت تاريخ المغرب ووصفت بـ”الإعتقالات السياسية”، يعرف بعضها ويتداول إعلاميا؛ لكن تفاصيلها لا يعلمها إلا القليل من المواطنين الذين ستكون هذه فرصتهم للتعرف على تفاصيل الأحداث ومناقشتها واستنتاج العبر منها.
الحلقة 4: اعتقالات سياسية.. تطويق المحكمة وسقوط 30 جريحا وترحيل جزائريين في أول جلسات محاكمة الأموي
بعد الحوار الصحفي مع صحيفة “حرية الوطن”، والذي أعلن فيه نوبير الأموي عن قناعته بضرورة أن يصبح النظام الملكي في المغرب نظاما برلمانيا يسود فيه الملك ولا يحكم، وبعد الحوار مع صحيفة “إلباييس” الإسبانية الذي وصف فيه الوزراء بأنهم “لصوص” و”قطاطعيّة”، تعرض المعني بالأمر لما وصفتها بلاغات نقابية وحقوقية بـ”الاختطاف العلني في واضحة النهار” يوم 24 مارس 1992 بالقرب من مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالدار البيضاء.
وتشير عدد من المصادر أن الأموي تعرض لاختطاف أمام الملإ واقتيد إلى مركز أمن الدار البيضاء، ومنه إلى مدينة الرباط حين خضع للإستنطاق طيلة اليوم. إلا أن كل هذه الوقائع نكرتها النيابة العامة حينئد والمحكمة على حد سواء.
بعد ذلك، تم متابعة الأموي برسالة يقال إنها كانت سرية من الوزير الأول إلى وزير العدل بتهمة السب والقذف في حق أعضاء الحكومة. ليبدأ مسلسل محاكمته دون متابعة الجريدة الإسبانية التي نشرت الحوار أو مدير نشرها؛ كما لم يتابع الصحافي الذي أجرى الحوار وأصدره بتوقيعه.
هيئة دفاع نوبير الأموي وقتها اعتبرت محاكمة الأموي أنها تدخل في إطار الصراع السياسي للمعارضة مع نظام الحكم. والمثير أن هذه المحاكمة تابعها الرأي العام الوطني والدولي عن كثب بالنظر بسبب طبيعة التهم التي وجهت إلى الزعيم النقابي اليساري، إذ بلغ عدد المحامين الذين تطوعوا للدفاع عن الأموي 1300 محام، في وقت وجدت فيه الدولة بالكاد محاميا واحدا قبل الدفاع عنها، وهو النقيب محمد زيان.
في هذا الإطار، يقول المحامي خالد السفياني، في ندوة نظمتها هيئة الإنصاف والمصالحة حول المتابعات والمحاكمات ذات الصبغة السياسية من 1956 إلى 1990، إن حملة التضامن التي رافقت محاكمة الأموي تعتبر أكبر حملة شهدها معتقل سياسي في المغرب على المستويين الداخلي والخارجي.
ووفق المحامي فإن الحكومة اختارت إقامة المحاكمة في المحكمة الابتدائية بالرباط، على الرغم من أنها غير مختصة للبتّ في القضية، بالإضافة إلى أن الاستجواب صدر في إسبانيا ومكان إقامة الأموي بالدار البيضاء؛ لكن القضاء اعتبر أنه من حقه متابعة الأموي داخل البلاد، بداعي أن العدد الذي صدر فيه الاستجواب وزع في المغرب.
وسرد السفياني تفاصيل الجلسة الثانية من المحاكمة، حيث عقدت يوم 13 أبريل من سنة 1992؛ وسط حصار واسع للمحكمة الإبتدائية بالرباط، حيث منع “رفاق الأموي” من الوصول إلى المحكمة بالرباط، وجعل المرور إلى أحياء بكاملها شبه مستحيل حتى من طرف سكان وتجار تلك الأحياء المجاورة للمحكمة.
كما أضاف المتحدث أن الحصار لم يقف عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى عملية قمع شاملة طالت المناضلين والصحفيين، وترحيل ستة محامين جزائريين حضروا خصيصا لمتابعة أطوار المحاكمة، بالإضافة إلى محاصرة مقر “الكدش” بالرباط؛ وهو ما أسفر عن سقوط 30 جريحا على الأقل.
نتيجة لذلك، فقد كان أول ما أثير في الجلسة من طرف دفاع الأموي هو المطالبة باحترام مبدأ علانية الجلسات ورفع الحصار والتطويق وإيقاف ما سمي بـ”الإعتداءات”، فكان موقف المحكمة أنها لا سلطة لها إلا على القاعة، وأن سلطتها لا تمتد إلى خارجها، علما أن رئيس المحكمة هو رئيس الجلسة والذي كان يمثل النيابة العامة هو وكيل الملك شخصيا.
يتبع..
الحلقة 1: نوبير الأموي، من قرى بني أحمد إلى أشهر معتقل نقابي
الحلقة 2: “البوليس السري” يحاصر منزل نوبير الأموي
الحلقة 3: “قطاطعية” الحكومة يرسلون الأموي إلى السجن