لماذا وإلى أين ؟

إيطاليا تستثمر في توتر العلاقات بين ماكرون وتبون بسبب المغرب (لوموند)

في ظل الأزمة الدبلوماسية المستمرة بين الجزائر وفرنسا، بعد الاعتراف التاريخي لباريس بمغربية الصحراء؛  تبرز إيطاليا كشريك استراتيجي جديد للجزائر، حيث تشهد العلاقات بين البلدين انسجامًا وتطورًا ملحوظًا، في الآونة الأخيرة، بسبب الغاز.

 في السياق ذاته، أوردت جريدة ”لوموند” (عدد اليوم الأربعاء 05 مارس 2025)، أنه بينما تعيش العلاقات بين باريس والجزائر أزمة دبلوماسية بسبب المغرب، يبدو أنها بلا نهاية في الأفق، تمكنت إيطاليا والجزائر من تعزيز شراكة متينة، تعكس انسجاماً واضحاً بينهما.

وأضافت الوسيلة الإعلامية الفرنسية البارزة أنه منذ تولي جورجيا ميلوني، رئيسة المجلس الإيطالي اليميني المتطرف، منصبها سنة 2022، أظهرت موقفاً نقدياً تجاه سياسات فرنسا في إفريقيا، مبرزة أن الجزائر، أصبحت المورد الرئيسي للغاز الطبيعي لإيطاليا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.

وذكرت أنه في سياق البحث عن سياسة إفريقية فعالة، استلهمت ميلوني ذكرى إنريكو ماتي، المؤسس التاريخي لشركة “إيني” الإيطالية للطاقة. (يعتبر ماتي رمزاً وطنياً للكفاح ضد الاستعمار الفرنسي ولتعزيز الاستقلال الطاقوي الإيطالي)، من إرثه لتطوير خطط موجهة نحو تطوير علاقة بلادها مع دول القارة الإفريقية.

 ضمن خطاب تنصيبها في أكتوبر 2022، أعلنت ميلوني  عن “الخطة الخاصة بإفريقيا”، والتي تهدف إلى توجيه تحركات إيطاليا الاقتصادية والدبلوماسية في القارة. في الجزائر، يظل ذكر ماتي محمّلاً بذكريات خاصة. الدعم الذي قدمه لجبهة التحرير الوطني خلال الحرب الجزائرية للاستقلال أكسبه مكانة فريدة في الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري. رفض التفاوض مع فرنسا بشأن استغلال نفط الصحراء وقدم عقوداً عادلة للبلدان المستقلة، ما جعله شخصية استثنائية في نظر الجزائريين. تشرح ”لوموند”.

وأضافت الوسيلة الإعلامية أن الإرث الذي تركه قيصر الطاقة الإيطالية، إنريكو ماتي، ظل حاضرًا حتى اليوم، رغم الغموض الذي يحيط بوفاته إثر حادث تحطم طائرة مبهم عقب استقلال الجزائر مباشرة.

في الوقت الحالي، تواصل إيطاليا بقيادة ميلوني تعزيز علاقتها مع الجزائر، حيث نقلت الأولوية لتأمين احتياجاتها من الغاز. كان لكلوديو ديسكالزي، الرئيس التنفيذي لشركة “إيني”، دور محوري في تحديث سياسة الطاقة الإيطالية بعد تقليص الاعتماد على الغاز الروسي، مما جعل الجزائر المزود الأساسي لإيطاليا عبر خط أنابيب “ترانسميد”.

وأبرزت  العلاقة الإيطالية-الجزائرية ليست مقتصرة على مجال الطاقة فقط. فقد دعت ميلوني الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى قمة مجموعة السبع في يونيو 2024، بعد أن أجرى زيارة دولة إلى روما في سنة 2022.  كما نظّم وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني زيارة إلى الجزائر لتعزيز التعاون الثقافي، بما في ذلك دعم تعليم اللغة الإيطالية وجذب الطلاب الجزائريين إلى الجامعات الإيطالية.

وفي ظل تعقيدات الإجراءات الفرنسية للحصول على تأشيرات الطلاب، تقدم إيطاليا خيارات أكثر مرونة للتعاون الأكاديمي والثقافي. من جهته، أثنى الرئيس تبون على التوجه الإيطالي قائلاً في مقابلة صحفية إن العلاقات مع اليمين الإيطالي ليس بها أي تعارض تاريخي أو تقاطع سلبي فيما يخص الذكريات المشتركة. وأكد أن استحضار ذكرى إنريكو ماتي يظل جزءاً مهماً من هذه العلاقة المتميزة.

في المقابل، تشرح ”لوموند”، أن فشل الحوار التاريخي بين الرئيس الفرنسي ماكرون ونظيره تبون في تحقيق تقدم ملموس، مما أدى إلى تدهور العلاقات بين باريس والجزائر. وفي حين تواجه تلك العلاقة أزمات متلاحقة متعلقة بالهوية والتاريخ المتنازع عليه، تقدم إيطاليا نفسها كشريك استراتيجي ومستقر، ليس فقط للطاقة، ولكن كبوابة يمكن للجزائر من خلالها تعزيز تواصلها مع أوروبا ومنطقة الساحل.

وخلصت الوسيلة الإعلامية ذاتها إلى أن تحليل العلاقات يظهر أن روما ترى الجزائر كنقطة انطلاق نحو تحقيق نفوذ أوسع في إفريقيا، وتعزيز دورها كوسيط أساسي بين جنوب المتوسط وأوروبا. ومن ناحية أخرى، تجد الجزائر في إيطاليا طريقاً مُمهداً وأكثر توازناً لبناء شراكات بعيداً عن إرثها الاستعماري السابق مع فرنسا، الذي لا يزال يلقي بظلاله على علاقاتها مع باريس.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
غزاوي
المعلق(ة)
6 مارس 2025 15:19

اختتم المقال بما نصه:
“وخلصت الوسيلة الإعلامية ذاتها إلى أن تحليل العلاقات يظهر أن روما ترى الجزائر كنقطة انطلاق نحو تحقيق نفوذ أوسع في إفريقيا، وتعزيز دورها كوسيط أساسي بين جنوب المتوسط وأوروبا. ومن ناحية أخرى، تجد الجزائر في إيطاليا طريقاً مُمهداً وأكثر توازناً لبناء شراكات بعيداً عن إرثها الاستعماري السابق مع فرنسا، الذي لا يزال يلقي بظلاله على علاقاتها مع باريس.” انتهى الاقتباس
ما غفلته الصحيفة الفرنسية، أن التوجه الجزائري الجديد ليس مع إيطاليا فقط ، بل مع ألمانيا وتركيا، واسبانيا، وسلوفينيا، وأمريكا والهند، فضلا عن روسيا والصين، وتونس وليبيا وموريتانيا والجهورية الصحراوية، والنيجر ومالي ونيجيريا، وجنوب إفريقيا، وقطر، سلطنة عمان، والسعودية ودول أخرى كثيرة.

تيجيني خالد
المعلق(ة)
6 مارس 2025 10:43

الجزائر بحال المومس , غي كل مرة تيݣلبها واحد من اوربا ، مرة اسبانيا مرة ايطاليا ، مرة المانيا ، بلحق راجلها هي فرنسا غي راكم عارفين لقح…بة كتبغي تنوع.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x