لماذا وإلى أين ؟

زوايا الصحراء..قصر آسا: ظاهرة البناء بالحجر الغامق وجدل تحويل قبلة المساجد

تضع جريدة “آشكاين” الرقمية بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة رمضانية جديدة  حول تاريخ الأقاليم الجنوبية للمملكة، من خلال سلسلة ثقافية تغوص في تاريخ الزوايا والرباطات والمساجد التاريخية العتيقة في الصحراء المغربية، عبر بوابة برنامجكم “زوايا من الصحراء”، الذي يعده ويقدمه الصحافي أحمد الهيبة صمداني.

وسنحاول خلال هذه السلسلة الثقافية الرمضانية نفض الغبار عن تاريخ التصوف وتمظهراته في الزوايا والمساجد و”المَحاظر” وارتباطاتها القبلية وخصوصياتها في الصحراء المغربية، علاوة على أدوارها الدينية والتاريخية والاجتماعية بالمنطقة على مر التاريخ، عبر بثها للأمن الروحي في المنطقة، وفض المنازعات القبلية وتكوين الطلبة والمردين، دون أن ننسى أدوارها في مكافحة المستعمر.

وسنتطرق في هذه الحلقة (4) إلى الحديث عن ما يميز قصر زاوية آسا بمجال وادنون، من طريقة بناء المساجد فيه، علاوة على ما أثاره وجود قبلة هذه المساجد في غير موضع القبلة، وهو ما خلف جدلا فكريا لدى الباحثين آنذاك. 

وفي هذا السياق، أبرز الباحث في التراث الحساني، بوزيد لغلى، أن “ظاهرة البناء بالحجر الغامق  تميز قصر آسا بالخصوص الذي يحتضن عدة مساجد، منها ما يثير الاهتمام الاكاديمي والعلمي، خاصة ما تعلق بكون القِبلة فيه متوجهة نحو الجنوب(ݣبلة) وليس نحو الشرق (شرݣ)”.

الباحث في التراث اللامادي الحساني، بوزيد لغلى

وأشار لغلى في حديثه لـ”آشكاين”، إلى أن “هذا المسجد في القصر القديم يسمى “تمزݣيدا أوفلا” باللسان الأمازيغي أو مسجد عالية القصر، أو المسجد العلوي، كما يسميه البعض، وتم ترميمه على أساساته القديمة، وانتبهت المهندسة المعمارية المشرفة على مشروع تهيئة وترميم قصر ٱسا “س.ن” التي قامت بأعمال الترميم وأطرتها، رغم ما شابها من عدم اكتمال، (انتبهت) الى أن القبلة متوجهة نحو الجنوب”.

وكشف لغلى عما دار بينه وبين “المهندسة في حوار لتبادل الأفكار خلال زيارتها لموسم آسا، ذكرت له مع أصدقاء منهم الباحثة الأمريكية جولاي بلالاك، موضوع توجه القبلة نحو الجنوب، فأخبرها أن شواهد القبور في الزاوية قديمة وتتجه أيضا نحو الجنوب وليس الشرق”.

واستأثر موضوع  وجود قبلة مسجد قديم جدا بهذا الشكل، باهتمام الباحث بوزيد لغلى، والذي قال إنه “وجد إجابة على هذا اللغز بعد سنوات بمحض المصادفة، في إشارة علمية دفينة في إحدى الكنوز العلمية، عندما كان يقرأ تحقيقا للراحل علي صدقي أزايكو لكتاب “رحلة الوافد”، التي تعتبر رحلة تعود إلى عهد الموحدين”.

“ومحل الشاهد هنا”، يورد الباحث، أن “مؤلف الكتاب، رغم خلافاته الكثيرة مع السلطة الموحدية آنذاك، لاحظ موضوعا هام من حيث الفقه، مفاده أن اغلب المساجد في ذلك العهد، سواء في مراكش وفي اغمات وفي النواحي كانت قبلتها غير القبلة”.

ويعني هذا الأمر حسب بوزيد لغلى أن “قبلة تلك المساجد لم تكن متجهة إلى المشرق”. مشيرا إلى أن “هذا الاختلاف في القبلة، خلق نقاشا واسعا طرحه المدقق المذكور بشيء من التفصيل في كتابه المذكور”.

يتبع..

زوايا الصحراء: خصوصيات تصوفية وتاريخ وأثر

زوايا الصحراء: الوجه الآخر للزوايا..مراكز علم وصلح وفن وكفاح ضد المستعمر

زوايا الصحراء.. أقدم منارة روحية في واد نون

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x