لماذا وإلى أين ؟

“نساء الإسلام”.. الرسول (ص) يواجه بحزم الرفض الذكوري لحق المرأة في الإرث (ح 4)

تتناول سلسة “نساء الإسلام”واقع المرأة في الإسلام، انطلاقا من تسليط الضوء على وقائع تاريخية في كيفية تعامل الرسول (ص) مع زوجاته أولا، ونظرته للنساء بصفة عامة إبان حياته، والمكانة السياسية والاجتماعية التي لعبتها النساء آنذاك، فقد أعطى الرسول محمد طيلة فترة بعثته النبوية، سواء أكان في مكة أو في المدينة، مكانا رئيسا للنساء.

كما تسلط هذه السلسلة الضوء على الواقع الذي أصبحت عليه النساء في الإسلام مباشرة بعد وفاة الرسول، وما ترافق ذلك من أحداث سياسية واجتماعية اقتصادية كبرى، أثرت بشكل كبير على مكانة المرأة..

هي إذن قصص ووقائع عديدة، ستحاول “آشكاين” الوقوف عندها في هذه السلسلة التي تُبث طيلة شهر رمضان، والتي اختير لها عنوان“نساء الإسلام”، وذلك من خلال الاعتماد بالأساس على مؤلفات السوسيولوجية الراحلة “فاطمة المرنيسي”، التي خصصت جزء كبيرا في مشروعها البحثي لهذا الموضوع.

الحلقة الرابعة: الرسول ﷺ يواجه بحزم الرفض ذكوري لحق المرأة في الإرث

تتناول هذه الحلقة حزم النبي محمد (ص) تجاه الرجال الرافضين لقوانين الإرث الجديدة، فالطريقة التي تعامل فيها معاصرو النبي مع هذه القوانين سلبية كليا، إذ شرعوا منذ البداية برفض هذه القوانين الجديدة، راغبين بالاستمرار على تطبيق تقليد الجاهلية رغم اعتناقهم الاسلام. ثم حاولوا إجراء الضغط على النبي ﷺ كي يعدل الله هذه القوانين.

وبعد أن يئسوا، انقضوا على تفسير النص كوسيلة للتخلص منه، وكل ذلك في حياة النبي. ولكن النساء لم يدعن الفرصة تفوت وهرعن لعند الرسول ﷺ عندما أصر الرجال على تطبيق التقليد، أي الممارسات الجاهلية القاضية بالتزامهن بالتقليد الجاهلي بدل القوانين الجديدة، حيث كان الرجال وحدهم يرثون في القوانين القديمة، وكان الطفل الذكر والمرأة مبعدان عن الميراث، لقد كانا يعتبران كمواطنين على مستوى ثانوي، لأنهما لا يساهمان في العمل الحربي.

وذكرت المرنيسي في مؤلفها الشهير “الحريم السياسي – النبي والنساء” واقعة كبشة بنت معن، التي شكت للرسول قائلة: “لم أرث من زوجي ولم تُحفظ لي حريتي بأن اتزوج ثانية ممن أريد”، فقد كان ابن زوجها أبو قيس بن الأصلت ، رفض تطبيق القانون الجديد وتشبث بأنه يريد أن يرث امرأة أبيه،وكان لهذه الواقعة انعكاسات هامة، لأن الله سوف يحسم الموضوع كليا بعدها.

خاصة ون النزاع الذي وجه الرجال ضد النساء سوف يمزق الجماعة مرة أخرى، لكن، في هذه المرة أيضا سوف تنتصر النساء لأن الله رد على طلبهن، فتأتي الآية / 19/ من سورة النساء قاطعة كـ “شفرة مقصلية”، فيفقد قيس امتیازات الرجولة التي أعطته الحق بامتطاء الجياد واستعمال السيف والقوس: “ويا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما أتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا” .

وترى المرنيسي أن هذه الآية وضحت بالملموس للرجال أن محمداً وربه لم يعملا دائما في اتجاه مصالحهم، وأن الدين الجديد لم يكن وعدا بالفتوحات فحسب، وإنما كان أيضاً نظاما اخلاقيا فرض بعض التضحيات، بعدما أصبح الخلاف بين الله والصحابة من المسلمين مفتوحا ورسميا.

وتساءل الرجال حول الغاية من إعطاء المرأة والطفل اللذين لا يعملان ولا يكسبان معيشتهما الحق بالأرث، فهل يبدأون الآن بنوال الميراث كالرجل الذي اشتغل لكي يكسب هذا المال؟ حيث طالبوا بتعديل يرد من السماء، وقالوا لأنفسهم عندئذ: يجب ان نمضي لرسول الله للحصول على الايضاحات اللازمة في الموضوع.

وحضروا أمام النبي ﷺ وطرحوا أسئلتهم في هذا الشأن، ولم يخجل الرسول منهم ، فأكد على موقفه قائلا: “إن الله جعل لهم نصيباً بقراره في هذا الشأن وليس عليهم إلا الطاعة”، ولكن تضيف المرنيسي أن هؤلاء ما أن أُمروا بقوانين لم تعجبهم، حتى حاولوا تحويطها عبر تفسيرات منافية للغاية الرئيسية من إحداثها، وشرعوا بالتعامل مع النصوص بطريقة يدعمون فيها امتيازاتهم.

يُتبع..

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x