2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تضع جريدة “آشكاين” الرقمية بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة رمضانية جديدة حول تاريخ الأقاليم الجنوبية للمملكة، من خلال سلسلة ثقافية تغوص في تاريخ الزوايا والرباطات والمساجد التاريخية العتيقة في الصحراء المغربية، عبر بوابة برنامجكم “زوايا من الصحراء”، الذي يعده ويقدمه الصحافي أحمد الهيبة صمداني.
وسنحاول خلال هذه السلسلة الثقافية الرمضانية نفض الغبار عن تاريخ التصوف وتمظهراته في الزوايا والمساجد و”المَحاظر” وارتباطاتها القبلية وخصوصياتها في الصحراء المغربية، علاوة على أدوارها الدينية والتاريخية والاجتماعية بالمنطقة على مر التاريخ، عبر بثها للأمن الروحي في المنطقة، وفض المنازعات القبلية وتكوين الطلبة والمردين، دون أن ننسى أدوارها في مكافحة المستعمر.
وسنتطرق في هذه الحلقة (5) إلى أحد المساجد التاريخية التي أثارت نقاشا وخلافا بين قبيلة في المنطقة وبين القائد دحمان ممثل السلطة المركزية آنذاك، والذي حسمه علامة موريتاني.
في هذه الحلقة يروي لنا الباحث في التراث الحساني، بوزيد لغى، عن “المسجد القديم، أو المسجد العتيق في كلميم، الذي كان قد بني قديما، باعتباره من المساجد التي اثارت نقاشا في عهد متأخر”.
وتعود تفاصيل الجدل المثار، حسب ما أفاد به لغلى، في حديثه لـ”آشكاين”، إلى “القرن 18 ميلادي، حينما تآكل وضعف بنيان المسجد العتيق بكلميم، حيث قرر القائد دحمان، الذي كان ممثل السلطة آنذاك، بتنسيق مع جماعة آيت موسى وعلي، التي كانت تشكل الأكثرية، وكانت تستوطن مركز كلميم، تحويل صلاة الجمعة إلى المسجد الجديد”.

وتابع لغلى أنه “بعد إعادة ترميم المسجد القديم، أراد احد الأعيان أن ترجع الجماعة والإمام إلى المسجد العتيق الذي تم ترميمه من جديد، لكن القائد قائد دحمان اختلف معهم في هذا الموضوع، واقترح أن تتم الصلاة في المسجد الذي أصبحت تقام فيه، وهو المسجد الجديد الذي أقيمت فيه لسنوات في انتظار ترميم المسجد العتيق”.
لم يقف الخلاف بين القائد دحمان وأعيان القبيلة عند هذا الحد، يسترسل لغلى بل “عرضت النازلة على العلامة الموريتاني محمد يحيى الولاتي، أورد الفتوى والنازلة وكل ما يتعلق بها في كتابه الموسوم بـ”الرحلة الحجازية”، وهو كتاب منشور ومطبوع ومتاح في المكتبات يمكن الرجوع إليه من أجل تبين أو استعادة تفاصيل الفتوى”.
وخلص الباحث بوزيد لغلى أن “الفقه انتصر ممثلا في اجتهاد الشيخ محمد يحيى الولاتي لرأي القائد دحمان، على اعتبار أن الجمعة إنما يقيمها الإمام، أي الحاكم، والقائد دحمان كان آنذاك هو ممثل السلطة المركزية في هذه البلاد”.
الحلقات السابقة
زوايا الصحراء: خصوصيات تصوفية وتاريخ وأثر
زوايا الصحراء: الوجه الآخر للزوايا..مراكز علم وصلح وفن وكفاح ضد المستعمر
زوايا الصحراء.. أقدم منارة روحية في واد نون
زوايا الصحراء..قصر آسا: ظاهرة البناء بالحجر الغامق وجدل تحويل قبلة المساجد