2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
نساء الإسلام.. طلب النساء الحق في الحرب والغنيمة يقابل برفض إلهي واستهجان ذكوري (ح 5)

تتناول سلسة “نساء الإسلام” واقع المرأة في الإسلام، انطلاقا من تسليط الضوء على وقائع تاريخية في كيفية تعامل الرسول (ص) مع زوجاته أولا، ونظرته للنساء بصفة عامة إبان حياته، والمكانة السياسية والاجتماعية التي لعبتها النساء آنذاك، فقد أعطى الرسول محمد طيلة فترة بعثته النبوية، سواء أكان في مكة أو في المدينة، مكانا رئيسا للنساء.
كما تسلط هذه السلسلة الضوء على الواقع الذي أصبحت عليه النساء في الإسلام مباشرة بعد وفاة الرسول، وما ترافق ذلك من أحداث سياسية واجتماعية اقتصادية كبرى، أثرت بشكل كبير على مكانة المرأة..
هي إذن قصص ووقائع عديدة، ستحاول “آشكاين” الوقوف عندها في هذه السلسلة التي تُبث طيلة شهر رمضان، والتي اختير لها عنوان“نساء الإسلام”، وذلك من خلال الاعتماد بالأساس على مؤلفات السوسيولوجية الراحلة “فاطمة المرنيسي”، التي خصصت جزء كبيرا في مشروعها البحثي لهذا الموضوع.
الحلقة الخامسة: طلب النساء بالحق في الحرب والهزيمة يقابل برفض إلاهي واستهجان ذكوري
تلى نجاح أم سلمة والآيات المؤكدة لمساواة النساء وبخاصة الحق في الأرث، فترة حرجة معقدة، اذ أنت آيات اخرى أخرت مبدأ مساواة الجنسين، أعدن التأكيد مجدداً على الهيمنة الذكورية، بدون ان تلغي مطلقاً الأحكام السابقة لمصلحة النساء ، ما خلق نوعا من الغموض في النصوص ما زال يستثمر حتى الآن.
تقول المرنيسي في مؤلفها الشهير الذي أثار جدلا “الحريم السياسي – النبي والنساء” أن النساء وقد تشجعن بواقعة أن الله اعتبرهن مؤمنات مثلهن مثل الرجال، عمقن في مطالبهن حتى وصلن إلى حد المطالبة بحق المشاركة في الحرب ليتوصلن منها إلى الغنائم والحق المبادهة عندما يتعلق ذلك بالعمل الجنسي، وكانت بالتالي هذه المطالب أخطر ما طلبن بها النساء لما لها من تدمير كلي لكل الأساس تقوم عليه الهيمنة الذكورية، ليُدرك الرجال ما تطلبه النساء سياسي للغاية.
وجاءت هذه المطالب في فترة تخلصت فيها النساء من قيودهن مظفرات، وقد مضت النساء الأكثر حدة في مطالبهن بكل صرامة بعدما أعطين لأول مرة تأويل نسوي بدل التأويلات الذكورية للآية القرآنية للرجل مثل حظ الانثيين، واعتبرنها لا تشمل الميراث فقط ، بل تصلح أيضاً بالنسبة للذنوب، وقد أخذن على هذا التأويل ليؤكدن على ان كل رجل سيفاجأ يوم الحساب الأخير ، بأن يرى ثقل اوزاره مضروباً باثنين .. “فبما ان لهم نصيبين من الإرث، فليكن لهم كذلك بالنسبة للذنوب”.
وكانت أم سلمة التي قادت في تلك المرحلة ما يشبه “حراكا نسويا إسلاميا”، وهي المرأة الصريحة التي توجز في أقوالها أكثر من العادة، قد صاغت عريضة – سؤالا، تضمنت طلباً نسوياً: “يا رسول الله، الرجال يحاربون، ونحن لا حق لنا في ذلك ، في حين ان لنا حقاً في الميراث”، وفي نص آخر ، كانت أم سلمة قد قالت: “يارسول الله لماذا يقوم الرجال بالحرب ونحن ليس لنا هذا ؟ .
إن مطالبهن تعني تغيير أساس قانون الغزو من جذوره، فهذا القانون كان يعطي المنتصر الحق بقتل الرجال وإذا كانوا من علية القوم يبادل عليهم مقابل فدية، وبرد أسيرات الحرب وأطفال المغلوبين إلى حالة السبي، والمرأة السبية يمكن بيعها من قبل من وقعت في نصيبه من الغنيمة، ويمكنه ان يقرر اقامة علاقة زواجية معها، اذا رغب بذلك ويجعل منها ام اولاده أو الاحتفاظ بها خدينة أو ان يستعملها أيضاً فقط كملك يمين، فلقد كانت العبودية النسوية في آن واحد مصدر اكرامية جنسية، ولعمل منزلي، ولاعادة انتاج قوة عمل، وبالتالي فطلب النساء حمل السلاح ينتقص بشكل نحيف الأموال التي يمكن للرجل ان يكتسبها بقيامه بالغزو، وهكذا حلمن بالخلاص من المصير التعيس الذي كان لهن، حسب تعبير المرنيسي.
وكانت مفاجأة كبرى للنساء في هذه المرة حيث تدخل الله ليدافع عن الرجال هذه المرة، فالآية 32 من سورة النساء “ولا تتمنوا الرجال ويؤكد على امتيازاتهم ما فضل الله به بعضكم على بعض، للرجال نصيب مما اكتسبوا، وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله ان الله كان بكل شيء عليما” و”حقوق كل واحد متناسبة مع ما يكسب”، فالنساء المعفيات من القيام بالحرب لا يمكن لهن الادعاء بأن يعاملن كذلك.
ويرى العديد من المفكرين المؤرخين المهتمين بتلك المرحلة، أن نساء الإسلام الأوائل ارتكبن خطأ تكتيكيا قاتلا، إذ كان عليهن العمل على تحصين ما اكتسبنه من حقوق باعتبارها ثورة مجتمعية غير مسبوقة وحرصهن على تنزيلها بالطريقة الصحيحة أولا، بدل الإسراع بتعميقها دون تكريسيها نحو تهديم آخر الامتيازات الذكورية، ما ولد مقاومة عنيفة…
يُتبع..
الحلقات السابقة: