2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أساطير طنجة، سلسلة يعدها الصحافي عبد الله الغول، تستكشف أغرب الحكايات الشعبية والأساطير التاريخية التي تدور في فلك مدينة طنجة… حلقاتها تجمع بين السرد الأسطوري والمعطيات التاريخية… تلتقون معها طيلة شهر رمضان في حلقات يومية مثيرة ومشوقة.
الحلقة 6 :
تحكي روايات شعبية لفريدا كيربي غرين من طنجة نشرت في كتاب بعنوان “فولكلور من طنجة” سنة 1908؛ أنه في إحدى ليالي الصيف الدافئة، حيث كان القمر يرسل ضوءه الشاحب على طريق ترابية، كان رجل يسير متأملاً في هدوء طنجة، عندما لمح فجأة ما بدا له وكأنه ماعز أسود جميل يتجول وحيدًا. لم يكن هناك أثر لصاحبه، فتوقف الرجل ونظر حوله بحذر. وراودته فكرة: “سآخذه إلى السوق، فإن لم يطالب به أحد، بعته وربحت شيئًا.”
بثقة، اقترب من الماعز، أمسكه جيدًا، ثم رفعه على كتفيه متجهًا نحو وجهته. لم يكد يخطو بضع خطوات حتى سمع صوتًا لم يكن يتوقعه أبدًا—الماعز تكلم!
“ياك ما ثقلت عليك؟”
تجمدت أنفاس الرجل للحظة، لكن شجاعته لم تخنه. شد قبضته أكثر وأجاب بتحدٍ: “أما أنا قوي؟”
لكن قلبه كان يخفق بقوة وهو يفكر: “هذا ليس حيوانًا عاديًا… بل هو جني متحول!”. لم يشأ أن يغامر بمواجهة المجهول وحده، فتذكر الطالب فروش، الطالب الحافظ للقرآن الذي يقطن بالقصبة والذي يُقال إنه يمتلك قوة على مثل هذه المخلوقات، فقرر على الفور التوجه إليه.
عندما وصل إلى منزل الطالب، خرج الأخير ليقابل الرجل، وما إن وقعت عيناه على الماعز حتى فهم الأمر على الفور. نظر إليه بحدة، ثم بدأ ينهره بشدة:
“أين كنت يا ابن اللعينة؟! لقد بحثت عنك أمك في كل مكان! أي أفعال شريرة كنت تقوم بها هذه المرة؟”
خفض الجني رأسه في خضوع وأجاب بصوت خافت: “لم أفعل شيئًا، فقط كنت أتمشى، حتى أمسك بي هذا الرجل.”
التفت الرجل إلى الشيخ وأخبره بالقصة، ثم قال بثقة: “أعتقد أنني أستحق مكافأة على إعادته.”
أومأ الشيخ موافقًا: “ذلك حق. ما الثمن الذي تريده؟”
فكر الرجل قليلاً وقال: “مئة وعشرون درهماً فضيًا.”
ابتسم الطالب وقال: “ستحصل عليها، لكنك كنت أحمق! هذا الجني هو الابن الوحيد لأمه، وهي قادرة على دفع أضعاف ما طلبت. ولكنك اخترت ما اخترت، فاذهب بسلام.”
غادر الرجل المكان، وعندما عاد إلى منزله، وجد الدراهم الفضية تنتظره هناك فوق صندوق كبير بجوار الباب كما وُعد. نظر إليها بين يديه متعجبًا، ثم ابتسم وهو يفكر: “ربحت ثروة صغيرة، لكن ربما لو كنت أذكى، لحصلت على أكثر بكثير…”