2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

قالت الأنثروبولوجية وعالمة السياسة البلجيكية المغربية، نادية فاضل، إن “المرأة المغربية في بلجيكا، الناشطة بقوة في جميع فئات المجتمع، حققت خلال جيل واحد فقط تقدما مبهرا”.
وأكدت الأستاذة بجامعة لوفرين، وأحد أكثر الأصوات المسموعة في قضايا التنوع والتعددية الثقافية، في حديث خصت به وكالة المغرب العربي للأنباء، على “ضرورة تسليط الضوء على قصص نجاح المرأة البلجيكية المغربية، التي أتيحت لها فرصة الاستفادة من الحراك الاجتماعي الكبير من خلال الدراسة”، و”أن الأمثلة عديدة في هذا الباب، حيث يعد ما حققته المرأة المغربية في البلاد المنخفضة منذ الستينيات والسبعينيات (بدايات الهجرة المغربية إلى بلجيكا) إلى اليوم مثيرا للإعجاب”.
وذكرت الباحثة المتخصصة أنه “في عملية الهجرة إلى بلجيكا، لعبت النساء دور المرافقات، منذ عام 1974، لأنه، في ذلك الوقت، تم تشجيع لم شمل العائلي، وأصبحت الهجرة، التي كانت في الغالب ذكورية، أكثر تأنيثا”، موضحة أن “تحولات مهمة في النسيج الاجتماعي للهجرة حدثت انطلاقا من هذه السنوات، حيث سنرى إلى جانب النموذج الكلاسيكي لربة المنزل، تنوعا بين هذا الرعيل الأول من حيث عمل المرأة”.
الوضع اليوم مختلف تماما، كما لاحظت نادية فاضل. “أصبح الوصول إلى التعليم وسوق العمل أكثر انتشارا، وأصبحت المرأة المغربية في بلجيكا التي تعمل اليوم هي القاعدة وليس الاستثناء. وهذا ينطبق على الأوساط العاملة كما على الطبقات المتوسطة والعليا”.
وبفضل دراستهن، تضيف الخبيرة الدولية، التي تراكم تجربة مهمة في الجامعات الأمريكية التي تحاضر بها في قضايا التنوع على وجه الخصوص، “تمكنت المرأة المغربية في بلجيكا من ولوج قطاعات مهمة، مثل التدريس والطب والعدالة…”.
ومع ذلك، فإن الصورة ليست مثالية، تستطرد المتحدثة، قبل أن تشير إلى أن “القول إن جميع الحواجز قد تم كسرها ليس صحيحا بعد”، مضيفة أن “النساء من خلفيات متنوعة مازلن يتعرضن للتمييز في العمل، وفي الولوج إلى سوق العمل، وفي إحجام المشغلين عن توظيف النساء المحجبات”.
ووفقا للمتحدثة، فإن هناك “الكثير من العمل الذي يتوجب القيام به على هذا المستوى”، معتبرة أنه “يمكننا أيضا أن نلاحظ بعض التوتر الذي بدأ يبرز، لأن نساء من أصول مهاجرة لم يعد يقتصر عملهن على مهن عادية ما تحسب في خانة الطبقة العاملة، بل أصبحن موجودات في كل مكان اليوم، في الوظيفة العمومية وفي التعليم على سبيل المثال. وهذا يخلق نوعا من التوتر. إن وجود نساء من خلفيات متنوعة في مواقع السلطة – خاصة عندما لا يشبهن النموذج العلماني أو الغربي – يعني أن صورة المجتمع البلجيكي تتغير”.
وفي نظر عالمة الاجتماع، فرغم بعض الصعوبات، تمكنت النساء من خلفيات متنوعة من تحقيق النجاح، “لأن التنوع هو ميزة، وثروة مهمة. وعندما تنحدر من هذا التنوع، يكون لديك سهولة أكبر في التعامل مع هذا الواقع”، مضيفة أن هذا يتجلى من خلال “الشبكات التي يتم إنشاؤها، والتي تتعزز، ومجتمع يصبح أقوى وأكثر مرونة، ويطور قدرة على إدارة وفهم هذا المجتمع الجديد، الذي يتم بناؤه من خلال ومع الهجر”.
مسارها الشخصي هو مثال على ذلك، تقول في هذا الصدد ” ثقافتي المزدوجة المغربية والبلجيكية ساهمت في تشكيل المرأة التي أنا عليها، وكانت دائما أساس مسيرتي المهنية. لأنني كنت دائما مهتمة بقضية الهجرة، والاختلاف، والتفاعل بين الثقافات، والدين. هذه هي الموضوعات الكبرى التي تحفزني مهنيا، وشخصيا، وهذا يتجلى من خلال الشبكات التي ننسجها والحياة التي نعيشها. ومن الواضح أن الثقافة المزدوجة تظل مصدرا عظيما للتطوير الشخصي والمهني”.
في هذا السياق، أطلقت نادية فاضل، نداء اعتبرت من خلاله أنه “في هذه الأوقات التي تهب فيها رياح أقل ملاءمة في أوروبا، من واجب المغاربة في جميع أنحاء العالم المحافظة على روابط التضامن وتعضيدها وتعزيزها”، قائلة إنه “يجب علينا، في هذه الظروف الاقتصادية الأقل ملاءمة من تلك التي عاشها آباؤنا، الحفاظ على روابط التضامن بين أولئك الذين نجحوا وأولئك الذين يواجهون صعوبات، لأن هذه هي قوة المجتمعات وقدرتها على الصمود: القدرة على مواصلة نسج الروابط على الرغم من الحراك الاجتماعي”.
واعتبرت نادية فاضل أن “الأصول لا تكمن في الثقافة والهوية فحسب، ولكن أيضا في الجانب الاجتماعي”.
وعن الروابط القائمة بين مغاربة العالم والمملكة، أكدت الباحثة في العلوم السياسية أن “المغرب يعول على جاليته في المهجر، وأدرك بسرعة أهمية هذه الجالية. هناك عمل كبير يتم القيام به لمحاولة تلبية الاحتياجات الجديدة للمغاربة في جميع أنحاء العالم”.
ومع ذلك، تشير إلى أنه يجب على الدول الأوروبية “العمل على فهم هوية الجاليات”.
واسترسلت الباحثة بالقول إن “العيش في الخارج لا يعني الانفصال عن بلدك الأصلي. الآن، بفضل الشبكات الاجتماعية، يتم الحفاظ على الاتصالات اليومية، وهو ما لم يكن ممكنا في السبعينيات. إننا نشهد أشكالا جديدة من المواطنة، العابرة للحدود الوطنية، وتترسخ في عدة أماكن، وأعتقد أن السلطات الأوروبية بحاجة إلى أن تفهم أن فكرة الاندماج، والاستيعاب، ودفع المهاجرين إلى الانفصال عن أصولهم وتاريخهم، لا تستقيم، لأنها منفصلة عن الواقع”.
ووفقا لها، فإن “الجاليات المقيمة في الخارج ترغب في الوقت الحاضر في الحفاظ على الروابط، والعودة للاستقرار أو قضاء جزء من حياتها في وطنها الأم”.