2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تضع جريدة “آشكاين” الرقمية بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة رمضانية جديدة حول تاريخ الأقاليم الجنوبية للمملكة، من خلال سلسلة ثقافية تغوص في تاريخ الزوايا والرباطات والمساجد التاريخية العتيقة في الصحراء المغربية، عبر بوابة برنامجكم “زوايا من الصحراء”، الذي يعده ويقدمه الصحافي أحمد الهيبة صمداني.
وسنحاول خلال هذه السلسلة الثقافية الرمضانية نفض الغبار عن تاريخ التصوف وتمظهراته في الزوايا والمساجد و”المَحاظر” وارتباطاتها القبلية وخصوصياتها في الصحراء المغربية، علاوة على أدوارها الدينية والتاريخية والاجتماعية بالمنطقة على مر التاريخ، عبر بثها للأمن الروحي في المنطقة، وفض المنازعات القبلية وتكوين الطلبة والمردين، دون أن ننسى أدوارها في مكافحة المستعمر.
وسنتطرق في هذه الحلقة (6) إلى الزاوية العروسية، والأدوار التاريخية التي لعبتها في مد جسور الصلح بين القبائل وحقن الدماء بينها.
خلوة وتأسيس ومريدون
وفي حديثه عن الزاوية العروسية، يورد الدكتور محمد دحمان، أستاذ الأنثروبولوجيا والثقافة الحسانية بجامعة ابن طفيل، أن “زاوية الشيخ سيد أحمد العروسي، تعود لمؤسسها سيدي احمد بن عمر العروسي المتوفى سنة 1002 للهجرة بالساقية الحمراء، أين أسس زاويته وخلوته بعد قدومه من مراكش”.
وأفاد دحمان، في حديثه لجريدة “آشكاين”، أن “الشيخ سيد أحمد العروسي كان على الطريقة الصوفية الشاذلية، لكونه من مواريد الشيخ سيدي أحمد بن يوسف الملياني، قبل أن يصير له(الشيخ سيد أحمد العروسي) بالساقية الحمراء مريدون من اولاد عبد الواحد ومن المرادين”.
وعن الأدوار التي كانت تلعبها هذه الزاوية، أكد الباحث المذكور أن “زاوية الشيخ سيد أحمد العروسي كانت تقوم بإطعام الناس وإجراء الصلح بين المتخاصمين”.

“شيخ الوقت”
وفي حكيه عن بعض الألقاب التي أطلقها علماء على الشيخ سيد أحمد العروسي، ذكر الدكتور دحمان ما “سماه به سيدي علي بن ريسون، الذي أطلق عليه لقب ” شيخ الوقت””.
واسترسل المتحدث في حكيه للجريدة، أن ” الشيخ سيد أحمد العروسي ترك مجموعة من الأبناء والأحفاد منهم سيد ابراهيم العروسي دفين بئر دومس، ومنهم شنان العروسي وسيد التونسي”.
امتداد للسودان وتلاميذ من الشمال
وكان للزاوية العروسية امتداد إلى بقاع مختلفة من القارة، حيث “وصلت زاويتهم بلاد السودان، بفضل حملات سيد ابراهيم إلى هناك”، يسترسل دحمان.
وأضاف أن “الشيخ العروسي كانت له كذلك صلات بمشايخ شمال مثل سيد احمد بن موسى الكرزازي، الذي كان أحد تلاميذه، ويوسف بن عابد الفاسي وغيرهم”.
وساطة بين القبائل وموسم بعبدة
وفيما يتعلق بوساطتها لرأب الخلافات بين القبائل والذوذ عن قبائل أخرى من الغزاة آنذاك، بسط الدكتور دحمان، أمثلة عن تدخل الزاوية العروسية في الصلح حينما “تدخلت لصالح لمرادين لحفظ مالهم أمام غزو أولاد غيلان وأولاد اللب”.
ولم يقتصر دورها على الصلح في الصحراء، بل امتد إلى مجال عبدة، بحسب ما أورده الباحث دحمان في حديثه لـ”آشكاين”، بكون الزاوية العروسية “تدخلت للصلح ما بين قبيلة أحمر و أشياظمة بمنطقة عبدة”.
ومكافأة لها على هذا الصلح الذي أنهى خلاف قبيلتين، يؤكد دحمان أنه “على اثر ذلك صار العروسيون ينظمون موسما سنويا بمنطقة احمر خاص بالزاوية العروسية”.
وخلص إلى أن ” الشيخ سيد أحمد العروسي خرج منه زاوية وقبيلة لا تزال حاضرة إلى اليوم، ولها مكانتها الاجتماعية والسياسية الوازنة”.
الحلقات السابقة
زوايا الصحراء: خصوصيات تصوفية وتاريخ وأثر
زوايا الصحراء: الوجه الآخر للزوايا..مراكز علم وصلح وفن وكفاح ضد المستعمر
زوايا الصحراء.. أقدم منارة روحية في واد نون
زوايا الصحراء..قصر آسا: ظاهرة البناء بالحجر الغامق وجدل تحويل قبلة المساجد
زوايا الصحراء.. المسجد العتيق بكلميم: خلاف قبيلة مع السلطة على مكان إقامة صلاة الجمعة