2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أساطير طنجة، سلسلة يعدها الصحافي عبد الله الغول، تستكشف أغرب الحكايات الشعبية والأساطير التاريخية التي تدور في فلك مدينة طنجة… حلقاتها تجمع بين السرد الأسطوري والمعطيات التاريخية… تلتقون معها طيلة شهر رمضان في حلقات يومية مثيرة ومشوقة.
الحلقة 7 :
في أوائل القرن العشرين، نشرت الكاتبة البريطانية فريدا كيربي غرين دراسة بعنوان “فولكلور من طنجة” (1908)، تطرقت فيها إلى ممارسات غامضة كان بعض “الطلبة” في المدينة يمارسونها، مدّعين قدرتهم على استحضار ثروات مخفية بمساعدة الجن. هذه الروايات، التي كانت شائعة آنذاك، تثير تساؤلات حول مدى صدقها، وما إذا كانت مجرد أساطير أم أن هناك حقيقة خفية خلفها.
ذهب الجن.. ثروة لا تُنفق!
تذكر غرين في بحثها أن الجن يتمتعون بثروات طائلة، إذ يمكنهم الوصول إلى كنوز مدفونة في أماكن شتى. لكن المشكلة تكمن في طبيعة الأموال التي يمنحونها لمن يتعاملون معهم. فالنقود التي يقدمها الجن قديمة للغاية، حتى إن التجار يرفضون قبولها، مما يجبر المستفيدين على إذابتها عند الصاغة وتحويلها إلى سبائك من الذهب والفضة.
بعض هذه العملات، وفقًا للكاتبة، كانت ذات أشكال طويلة وليست دائرية كما هو الحال مع العملات النقدية التي كانت تُتداول آنذاك.
“الطُلبة” وتحويل الورق إلى نقود
إحدى القصص الأكثر غرابة التي أوردتها غرين تتحدث عن وجود “طُلبة” في طنجة يمتلكون قدرة سحرية على تحويل قطع ورقية مكتوبة ومقطّعة إلى دوائر صغيرة، إلى نقود حقيقية.
إلا أن هذه النقود، رغم مظهرها النقدي، كانت عديمة الفائدة، إذ سرعان ما تعود إلى شكلها الأصلي كورق عند محاولة تصريفها أو إنفاقها.
حقيقة أم خرافة؟
هذه الروايات تضعنا أمام تساؤل محوري: هل كان هؤلاء “الطُلبة” مجرد سحرة ومشعوذين استخدموا الخدع البصرية لخداع الناس، أم أن هناك جذورًا لهذه الأساطير في المعتقدات الشعبية حول القوى الخارقة للجن؟
في ذلك الزمن، كانت الخرافات والمعتقدات الغيبية تلعب دورًا محوريًا في الحياة اليومية لسكان طنجة، حيث كان يُنظر إلى الجن ككائنات قادرة على التدخل في شؤون البشر، سواء لجلب الثروات أو لإلحاق الأذى. كما أن ظاهرة “استخراج الكنوز” التي لا تزال حاضرة في بعض الأوساط حتى اليوم قد تكون امتدادًا لهذه الروايات القديمة.
ما الذي تبقى من هذه المعتقدات اليوم؟
رغم مرور أكثر من قرن على نشر هذه القصص، لا تزال بعض المعتقدات حول قدرة المشعوذين على استحضار المال قائمة، وإن تغيرت أشكالها. في المغرب الحديث، تنتشر بين الحين والآخر أخبار عن عصابات تدّعي القدرة على “مضاعفة الأموال” باستعمال وسائل غامضة، فيما يبقى السؤال معلقًا: هل كانت حكايات فريدا كيربي غرين مجرد انعكاس لموروث ثقافي قديم، أم أنها تسلط الضوء على ظاهرة احتيالية استمرت لعقود؟