2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
نساء الإسلام: جيش المسلمين في امتحان صعب.. غنيمة النساء أم تطبيق الأوامر الإلهية؟ (ح 7)

تتناول سلسة “نساء الإسلام” واقع المرأة في الإسلام، انطلاقا من تسليط الضوء على وقائع تاريخية في كيفية تعامل الرسول (ص) مع زوجاته أولا، ونظرته للنساء بصفة عامة إبان حياته، والمكانة السياسية والاجتماعية التي لعبتها النساء آنذاك، فقد أعطى الرسول محمد (ص) طيلة فترة بعثته النبوية، سواء أكان في مكة أو في المدينة، مكانا رئيسا للنساء.
كما تسلط هذه السلسلة الضوء على الواقع الذي أصبحت عليه النساء في الإسلام مباشرة بعد وفاة الرسول، وما ترافق ذلك من أحداث سياسية واجتماعية اقتصادية كبرى، أثرت بشكل كبير على مكانة المرأة..
الحلقة السابعة: جيش المسلمين في امتحان صعب.. غنيمة النساء أم تطبيق الأوامر الإلهية؟
موضوع هذه الحلقة هو الامتحان الصعب الذي وقع فيه المسلمون فيما يخص غنيمة النساء، فبعدما نجحوا في الفوز الذي كان صعبا في “غزة الطائف” رغم تفوق الخصوم العددي، ما جعل”مالك بن عوف” ينسحب للطائف، ليتمكن بشكل أفضل من الدفاع في مدينة محصنة، وقد هرب حلفاؤه في حالة من الفوضى تاركين وراءهم النساء والأطفال.
وبهذا أمر النبي ﷺ حسب العادة، بملاحقة الهاربين على مسافة مسيرة ثلاثة أيام وسوق النساء والاطفال والقطعان، وكانت الغنيمة ضخمة هذه المرة، حيث اصطحبت جيوش المسلمين كل القطعان وشياء في كمية ضخمة، إضافة إلى 6000 امرأة وطفل.
وكان من بين الأسيرات، أسماء الأخت بالرضاعة من حليمة، مرضعة محمد (ص): وقد تعرف عليها النبي وأذرف الدمع. وعلى الأثر نزع عباءته عن كتفيه، وفرشها على الأرض واخذ بيد اسماء وأجلسها على هذا الثوب. وفي الصباح، سألها، ماذا تفضل: البقاء عنده أو العودة لقبيلتها. ففضلت الرجوع لأهلها. وأرسلها النبي (ص) مع هدايا: عبدان، رجل وامرأة، جمل، شاة أخذت على الغنيمة.
وبتصرف النبي (ص) هكذا استاء الجنود الذين كانوا نادراً ما يشعرون بالرحمة معتبرين ان أسماء مرضعة محمد (ص) تشكل جزءاً من الغنيمة، لكن أخطر ما حدث هو عندما أعلن مالك الذي انعطف للطائف قراره باعتناق الاسلام هو وحلفاؤه، إذ بفعل هذا يمكنه استعادة أسلابه وكل الغنيمة من نساء وأطفال وأموال، فذلك هو قانون ومنطق الحرب المقدسة التي ما كانت غزوة عادية.
فقرار مالك شوش الوضع بكليته، فالنبي (ص) لم يعد يتمكن من التصرف بالغنيمة، وعليه أن يمنع الجنود من المس بها، و فعمل على جلب كل الأسرى وجمع كل الغنيمة، واناط الحراسة عليها إلى مسعود بن عمرو على رأس عشرة آلاف رجل، وذلك إلى حين عودته من الطائف، غير ان للحرب قوانينها، ولا يستطيع النبي ﷺ ان يقرر شيئاً دون موافقة الجيوش، واقترح على قبيلة بني سعد ان تغتنم فرصة الصلاة الجامعة يوم الجمعة كي تثير المسالة أمام الجميع.
ويعتبر المؤرخون أن الوضع كان في غاية من الحرج والصعوبة، إذ طُرح سؤال أيهما أكثر أهمية الغنيمة أم الله بالنسبة للجندي المسلم؟ وفي الصباح عندما كان النبي يقيم صلاة الصباح وكل الجيش يصلي وراءه، وفي الفترة التي أدار ظهره فيها للحراب، نهض الهوازنيون والثقفيون وبنو سعد واسمعوا النبي (ص) التماسهم بأن يرد اليهم نساءهم واطفالهم، واستدار النبي حينها الذي كان توقع هذا الطلب وأعلن: “هؤلاء الأسرى لا يعودون إلي وحدي وانما إلى كل المسلمين”، وأضاف أنه بذاته مستعد ليتنازل عن نصيبه من الغنيمة، أما بالنسبة للباقي: “فإن لجيش المسلمين ان يقرر لنفسه”.
وترى رائدة السوسيولوجيا المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي، أن ما رفض الجنود إعادته لم يكن القطيع وانما النساء السبايا، وقال النبي ص للقادة الذين رفضوا التنازل عن الغنيمة: “وحقكم ان تطلبوا الغنيمة ، لكن أياً من رجالكم يتخلى عن نصيبه من الأسرى سوف يتلقى مني ست شياه مقابل كل رأس”، وتراجعت هذه الحرب المقدسة، في هذا اليوم الجمعة في السنة 8 هجرية الموافق لـ 630 ملادي من التقديس إلى مساومة ضيقة جدا، حيث توقف الرسول ليوان الأمر ويمضي لاقناع جيوشه كي يروا في الأسيرة شيئاً آخر غير الغنيمة، وبخاصة اولئك المؤمنين بما آمن به.
وعندما انتهت الصلاة لم يكن الأمر قد تمت تسويته. لقد نجح محمد ﷺ في السيطرة على الصدمة النفسية للمشهد. ناصحاً المغلوبين بالدخول إلى الجامع، وباعلان اعتناقهم الاسلام وبوضع الجند هكذا أمام الأمر الواقع. ولكن ما أن خرجوا، حتى تجمع حوله الجند وحثوه للأمر بتوزيع الغنيمة على الفور، وأشاروا بأيديهم قائلين: “لن نتركك تذهب إلا اذا أجريت القسمة، واختطفوا عنه رداءه” .. فقال : “ردوا علي ردائي أيها الناس”، وصرخوا جميعاً بشكل فظ. وهكذا أُكره النبي لاعادة توزيع الباقي من الغنيمة فوراً حسب العادات القبلية، وفق تعبير مؤلفة الكتاب المثير للجدل “الحريم السياسي – النبي والنساء”.
وترى ذات المفكرة أن هذه الواقعة تبين أن المحاربين المسلمين لم يكن عندهم مفهوم واضح عن واجبات المؤمن وانما بقوا مرتبطين بامتيازاتهم الحربية، معتبرين المرأة الأسيرة كمال له الاكثر قيمة، وكان واضحاً بالتالي أن الوعد بالمساواة الذي بشر به محمد (ص) بين المؤمنين قد أدرك حده..
يُتبع..