لماذا وإلى أين ؟

أساطير طنجة.. الأرملة المكلومة ومهد أسطورة الريسوني (ح 8)

أساطير طنجة، سلسلة يعدها الصحافي عبد الله الغول، تستكشف أغرب الحكايات الشعبية والأساطير التاريخية التي تدور في فلك مدينة طنجة… حلقاتها تجمع بين السرد الأسطوري والمعطيات التاريخية… تلتقون معها طيلة شهر رمضان في حلقات يومية مثيرة ومشوقة.

الحلقة 8 :

لا يمكن الحديث عن أساطير طنجة دون التوقف عند الشريف مولاي أحمد الريسوني، أو كما لُقّب بـسلطان الجبال، تلك الشخصية المعقدة التي نسجت حولها العديد من الروايات المتضاربة. بين ما هو موثق تاريخيًا وما يندرج ضمن الفولكلور والأساطير، ظل الريسوني شخصية مثيرة للجدل، يُنظر إليه تارة كبطل شعبي يحمي المظلومين، وتارة كحاكم مستبد لا يتردد في فرض سطوته بالقوة، مما جعله رمزًا يجمع بين الهيبة والغموض في آنٍ واحد.

يحكي “جيفري كلارفيلد، في مقاله “He was not like robin hood”، أنه في أحد الأيام، وبينما كان الريسوني الشاب يجلس أمام منزله يحتسي الشاي ويستمتع بمنظر بساتين الزيتون الممتدة أمامه، فوجئ بسقوط امرأة شابة أمامه، ملابسها ممزقة، وجسدها ينزف بغزارة. اقترب منها بسرعة، وحين استعادَت وعيها بصعوبة، سألها عمّا حدث.

بدموع تغمر عينيها، قالت بصوت مرتجف: “لقد كنت وزوجي في طريقنا إلى وزّان، لنطلب البركة من الأولياء الصالحين حتى يرزقنا الله بأبناء أصحاء. تزوجنا عن حب وكنا في غاية السعادة. لكن في منتصف الطريق، هاجمنا قطاع طرق وسلبونا كل ما نملك. قتلوا زوجي أمام عيني، وفصلوا رأسه عن جسده، ثم تركوني مرمية هناك بعد أن اعتدوا عليّ بوحشية.”

نظر الريسوني إليها بحزن وغضب، ثم أمر نساء بيته برعايتها وتضميد جراحها. وبعد أن تأكد من أنها بأمان، امتشق سيفه، وحمل بندقيته، وامتطى جواده، وانطلق عبر الجبال متعقبًا أوصاف المجرمين التي ذكرتها الضحية.

لم يمض وقت طويل حتى وجدهم، جالسين تحت شجرة كبيرة، يتفاخرون بجرائمهم، يتبادلون المجوهرات التي نهبوها، ويحصون الذهب الذي سرقوه. اقترب منهم الريسوني بهدوء، متظاهرًا بأنه أحد رجال العصابات، وسألهم عن مغامراتهم الأخيرة، مستدرجًا إياهم للكشف عن تفاصيل الجريمة.

عندما تأكد تمامًا أنهم القتلة الحقيقيون، أخرج مسدسيه في لمح البصر، وأطلق رصاصتين مباشرةً في رأسي اثنين منهم، ثم قفز على الثالث وأحكم قبضته حول عنقه، ليخنقه حتى أسلم روحه. لكنه لم يكتفِ بذلك—بل أحرق جثثهم حتى لا تجد أرواحهم طريقًا إلى الجنة.

عاد الريسوني إلى بيته، وأعاد المجوهرات والأموال إلى الأرملة المكلومة، قائلًا لها: “لن يعيد لكِ هذا ما فقدتِ، لكن دماء زوجك لم تذهب هدرًا.”

في تلك الليلة، بينما كان الريسوني جالسًا تحت ضوء القمر، أدرك أن هذا الحادث غيّر مصيره إلى الأبد. لقد وجد رسالته في الحياة—أن يكون سيد الجبال، حامي المظلومين، وقاضي الظالمين، ولو كان ذلك بحد السيف.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
9 مارس 2025 20:26

هذه القصة تحيل على قصة حيقية لامراة تملكها الريسوني كانت زوجة لاحد الاترياء الانجليز الذي بنى له قصرا بطنجة والذي كان هذية لزوجته الجميلة، لكن قيل ان الزوجة التي تملكها الريسوني غصبا اختارت عن طواعية العيش معه اخيرا بدل زوجها.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x