لماذا وإلى أين ؟

”كِتَاب أَثَار جَدَلَا”.. الرِّوَايَة الَّتِي كانت وَرَاء فَتْوَى مِن أعْلى هَرم الدولة تُهْدِر دَم كَاتِبهَا (ح08)

” كتاب أثار جدلا” رحلة في عالم الأفكار الممنوعة، سلسة تنشر على شكل حلقات طيلة شهر رمضان في ”آشكاين”، تتناول مؤلفات خلقت ضجة كبيرة، في السياسة، في الدين، كما في قضايا اجتماعية.

هذه الكتب دفعت مؤلفيها أثمانًا باهظة، بلغت حد التكفير والتهديد بالقتل وتنفيذه أحيانا، وتارة أخرى تدخلت الرقابة وبقيت هذه المؤلفات ممنوعة من التداول لسنوات.

لكنها في المقابل أحدثت ثورة فكرية وخلخلت مفاهيم كانت بمثابة طابوهات لفترات طويلة.

سيكون قراء ومتابعو جريدة “آشكاين” على موعد مع هذه السلسلة طوال أيام شهر رمضان.

الحلقة الثامنة: آيات شيطانية

رواية “آيات شيطانية” للكاتب البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي (مزداد سنة 1947)، التي نشرت عام 1988، أثارت جدلاً واسعاً في العالم الإسلامي، حيث اعتبرها البعض مسيئة للإسلام والرسول (ص).

تدور أحداث الرواية حول شخصيتين رئيسيتين، جبريل فرشته وصلاح الدين جنجار، اللذين يسقطان من طائرة مختطفة فوق إنجلترا، ويتحولان بشكل غامض إلى شخصيات مستوحاة من الأساطير الإسلامية.

أحد الجوانب الأكثر إثارة للجدل في الرواية هو تصويرها لبعض الأحداث التاريخية الإسلامية، بما في ذلك فترة الوحي في مكة. يرى البعض أن رشدي قدم تفسيرات مشوهة ومسيئة لهذه الأحداث، بينما يرى آخرون أنها مجرد عمل خيالي.

أثارت الرواية غضب العديد من المسلمين، وتسببت في احتجاجات واسعة النطاق في العديد من الدول الإسلامية. أصدر آية الله الخميني، الزعيم الإيراني آنذاك، فتوى تهدر دم رشدي، مما أجبر الكاتب على الاختباء لسنوات.

تسببت الرواية في انقسام حاد بين المؤيدين والمعارضين لحرية التعبير. يرى البعض أن حظر الرواية أو التهديد بقتل مؤلفها يمثل انتهاكاً لحرية التعبير، بينما يرى آخرون أن حرية التعبير يجب أن تكون مسؤولة ولا تتضمن الإساءة إلى المعتقدات الدينية.

الرواية وجهت لها اتهامات بالإساءة الصريحة للنبي محمد (ص)، زوجاته وبناته، بالإضافة إلى القرآن الكريم وتعاليم الإسلام.

في الثالث من غشت سنة 1989، وقعت محاولة فاشلة لاغتيال سلمان رشدي باستخدام كتاب مفخخ. الحادثة كانت من تخطيط عنصر من حزب الله اللبناني، لكن الكتاب انفجر قبل الموعد المتوقع، مما أدى إلى مصرع العنصر وتسبب في تدمير طابقين في فندق “بادينغتون” وسط العاصمة البريطانية لندن.

 بعد نحو عامين، في 11 يوليوز 1991، تعرض المترجم الياباني لرواية رشدي “آيات شيطانية”، هيتوشي إيغاراشي، للطعن حتى الموت داخل مكتبه بجامعة تسكوبا بمحافظة إيباراكي الواقعة في منطقة كانتو باليابان.

بسبب الجدل الذي أثارته الرواية، عاش رشدي لسنوات تحت حراسة مشددة في بريطانيا، وانتقل لاحقاً إلى الولايات المتحدة حيث استقر في نيويورك وحصل على الجنسية الأمريكية سنة 2016.

وفي تطور لاحق وبعد مرور 33 عامًا على فتوى الخميني بإهدار دم سلمان رشدي، تعرض لمحاولة اغتيال جديدة سنة  2022، حين كان يستعد لإلقاء محاضرة حول حرية الإبداع في نيويورك، حيث باغته شاب أميركي من أصل لبناني، موجّهًا له عدة طعنات استهدفت رقبته وجسده. وتسبب الهجوم في إصابات جسيمة لرشدي، شملت تلفًا في الكبد، وقطع أعصاب في ذراعه وعينه. تم نقله على الفور جوًا إلى المستشفى لتلقي العلاج.

ورغم مرور عقود على صدورها، لا تزال الرواية تثير نقاشات حادة حول حدود حرية التعبير واحترام المعتقدات الدينية.

لا تزال “آيات شيطانية” تثير الضجة حتى اليوم، وتعتبر واحدة من أكثر الكتب إثارة للجدل في الأدب الحديث.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x