2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أساطير طنجة، سلسلة يعدها الصحافي عبد الله الغول، تستكشف أغرب الحكايات الشعبية والأساطير التاريخية التي تدور في فلك مدينة طنجة… حلقاتها تجمع بين السرد الأسطوري والمعطيات التاريخية… تلتقون معها طيلة شهر رمضان في حلقات يومية مثيرة ومشوقة.
الحلقة 10 :
يقال في الفولكلور الطنجاوي أنه عندما بدأت مياه الطوفان العظيم في الانحسار، ووقف سيدنا نوح عليه السلام على حافة سفينته، يحدّق في الأفق الواسع حيث لم يكن هناك سوى أمواج تمتد بلا نهاية. مرَّت العاصفة، لكن العالم تحته كان لا يزال غارقًا في المياه، ولم يظهر أي أثرٍ لليابسة. وكانت أشكال الحياة التي أنقذها تنتظر بقلق، متلهفين لعلامة تُخبرهم بأنهم سيطؤون الأرض من جديد.
مدَّ سيدنا نوح يده إلى حمامة بيضاء وحملها برفق، رتل دعاءً ثم أطلقها في الهواء، رفرفت بجناحيها بقوة، واختفت في الأفق. راقب الجميع السماء بصمت، ينتظرون. مرَّت ساعات طويلة، ثم، مع اقتراب غروب الشمس، عاد الطائر الصغير، لكن هذه المرة، كان هناك شيء مختلف.
هبطت الحمامة على يد سيدنا نوح، وكانت قدماها مغطاة بالطين. اتسعت عيناه بدهشة، ثم نادى بصوت يملؤه الفرح: “طِينْ جَا!” أي “لقد جاء الطين!”، في إشارة إلى أن الأرض أصبحت قريبة. ومع هذه الكلمات، ابتهج من كانوا في السفينة، إذ كانت هذه العلامة التي انتظروها طويلًا.
يُقال، بحسب بعض الروايات التي استقتها مقالات حول أساطير طنجة في مجلة “Petit Futé”، أن هذه الجملة تحولت عبر الزمن إلى اسم المكان الذي نزل فيه سيدنا نوح ومن معه، فصار يُعرف بـ”طنجة”. هذه القصة، وإن كانت من نسج الأسطورة، تعكس كيف تتداخل الروايات الدينية مع تاريخ الأماكن، فتصبح المدن أكثر من مجرد مواقع على الخريطة، بل حكايات تحمل في طياتها أسرار الأزمان.
ويظل اسم طنجة، حتى اليوم، شاهدًا على هذه الأسطورة القديمة، يذكّرنا بأن لكل مدينة روحًا تولد مع الزمن، تنسجها الحكايات والأساطير، فتجعلها خالدة في ذاكرة التاريخ.