2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
اعتقالات سياسية.. نكران التعذيب ودخول “معارضي الحسن الثاني” الإضراب عن الطعام داخل السجون

“إعتقالات سياسية” سلسلة رمضانية يعدها الصحافي؛ محمد دنيا، تسلط الضوء على عدد من الإعتقالات والمتابعات والمحاكمات ذات الصبغة السياسية منذ استقلال المغرب، ستغوص بقراء ومتتبعي صحيفة “آشكاين” الإخبارية في التفاصيل الدقيقة لكل قصة من القصص التي أثارتا جدلا سياسيا، حقوقيا وقانونيا في المغرب.
تهدف السلسلة إلى تسليط الضوء على بعض القضايا التي طبعت تاريخ المغرب ووصفت بـ”الإعتقالات السياسية”، يعرف بعضها ويتداول إعلاميا؛ لكن تفاصيلها لا يعلمها إلا القليل من المواطنين الذين ستكون هذه فرصتهم للتعرف على تفاصيل الأحداث ومناقشتها واستنتاج العبر منها.
الحلقة 11:
بعدما نجحت أجهزة النظام في المغرب في اعتقال ما يزيد عن 139 من قيادات وأعضاء الحركة الماركسية اللينينية (منظمة إلى الأمام، منظمة 23 مارس) التي آمنت بقيام نظام جمهوري في المغرب، عن طريق التحالف مع العمال والفلاحين لخوض حرب التحرير الشعبية وقلب نظام الملكية، وزعت المعتقلين إلى مجموعات، وكل مجموعة وجهت صوب معتقل من المعتقلات التي كان أغلبها سريا.
وبدأت مرحلة التحقيقات والحراسة النظرية منذ بداية سنة 1975 إلى نهاية سنة 1976، في أماكن مجهولة فاقت عشرة أشهر، وتعرض أغلب المعتقلين، ومن بينهم أطفال غير راشدين مثل عزيز الوديع، للتعذيب من أجل الكشف عن معطيات تهم المخططات والمقرات السرية لمنظمتي “إلى الأمام” و”23 مارس”.
وخلال إحالة المعتقلين على النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في نهاية سنة 1976، رفضت طلب الدفاع القاضي بعرض المعتقلين ضحايا التعذيب الممارس عليهم خلال فترة الحراسة النظرية على الخبرة الطبية لمعاينة آثار التعذيب المادي والنفسي، كما لم تحرص على الاستماع للمعتقلين عند توقيعها لوثائق تمديد الحراسة النظرية كما ينص على ذلك قانون المسطرة الجنائية السابق الذي يلزم الشرطة القضائية بإحضار المعني بالأمر لوكيل الملك عند كل تمديد جديد.
وعلى خلاف ذلك، أحال الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء جميع المعتقلين على قاضي التحقيق بتهم عديدة؛ منها المس بالأمن الداخلي للدولة والاعتداء وإثارة البلبلة والمؤامرة ضد النظام القائم والتزوير واستعماله في تأسيس منظمات سرية ذات أهداف متعددة، منها نشر الماركسية داخل الأوساط الطلابية وكذا وضع ميثاق بين العمال والفلاحين، وتكوين مجموعات مسلحة ومدربة في مركز عسكري والقيام بأعمال تخريبية من شأنها التطور إلى حرب تحرير شعبية.
وبالرغم من انتهاء فترات الحراسة النظرية والتحقيق مع كل المعتقلين، فإن المحاكمة لم يتم الشروع فيها، وهو ما أثار غضب المشتبه فيهم الذين قرروا الدخول في إحدى الخطوات الإحتجاجية التي بقية راسخة في تاريخ المغرب، وهي القيام بإضراب طويل عن الطعام خلال شهر نونبر 1976 للمطالبة بمحاكمتهم.
بعد 19 يوما، أوقف المشتبه فيهم الإضراب المفتوح عن الطعام، عندما تقرر تحديد المحاكمة في غضون شهر ماي، إلا أنه بدأت قبل ذلك، حيث انعقدت أول جلسة في 3 يناير 1977، بالرغم من أن دفاع المتابعين لم يتمكن من استخراج الوثائق التي يحق لكل منهم الإطلاع عليها حسب مقتضيات قانون المسطرة الجنائية السابق.
كما عانى المحامون من صعوبة المخابرة مع مؤازريهم بالسجن المدني بالدار البيضاء، حيث كانوا يضطرون إلى استخراج رخصة زيارة فريدة في كل مرة يريدون فيها الاتصال بمنوبيهم وليس رخصة واحدة دائمة.
وهنا ننتهي من مرحلة السياق العام ومرحلة ما قبل المحاكمة، لنغوص خلال الحلقات المقبلة في تفاصيل الوقائع التي شهدتها المحاكمة، وتفاصيل الإضراب الثاني عن الطعام التي توفيت فيه واحدة من المنضالين الذين ما زال اسمهم حيا معنا اليوم، كل هذا سنعرفه خلال الحلقات المقبلة.
يتبع..
الحلقة 1: نوبير الأموي، من قرى بني أحمد إلى أشهر معتقل نقابي
الحلقة 2: “البوليس السري” يحاصر منزل نوبير الأموي
الحلقة 3: “قطاطعية” الحكومة يرسلون الأموي إلى السجن
الحلقة 4: تطويق المحكمة وسقوط 30 جريحا وترحيل جزائريين في أول جلسات محاكمة الأموي
الحلقة 5: المحكمة ترفض استدعاء أعضاء الحكومة لمواجهة الأموي
الحلقة 6: إدانة الأموي بالسجن و”حجز” ملف محاكمته داخل مكتب
الحلقة 7: حجز ملف الاموي وحصار المحاميين والإعتداء على الصحافيين والحقوقيين
الحلقة 8: الحسن الثاني يخرج الأموي من السجن
الحلقة 9: قضية السرفاتي ومن معه الذين خططوا لقبل الحكم في المغرب
الحلقة 10: محاصرة “الإتحاد الوطني” بعد محاولات الإنقلاب