لماذا وإلى أين ؟

نساء الإسلام.. اتهام زوجة الرسول (ص) بالزنى (ح 13)

تتناول سلسة “نساء الإسلام” واقع المرأة في الإسلام، انطلاقا من تسليط الضوء على وقائع تاريخية في كيفية تعامل الرسول (ص) مع زوجاته أولا، ونظرته للنساء بصفة عامة إبان حياته، والمكانة السياسية والاجتماعية التي لعبتها النساء آنذاك، فقد أعطى الرسول محمد طيلة فترة بعثته النبوية، سواء أكان في مكة أو في المدينة، مكانا رئيسا للنساء.

كما تسلط هذه السلسلة الضوء على الواقع الذي أصبحت عليه النساء في الإسلام مباشرة بعد وفاة الرسول، وما ترافق ذلك من أحداث سياسية واجتماعية اقتصادية كبرى، أثرت بشكل كبير على مكانة المرأة..

هي إذن قصص ووقائع عديدة، ستحاول “آشكاين” الوقوف عندها في هذه السلسلة التي تُبث طيلة شهر رمضان، والتي اختير لها عنوان“نساء الإسلام”، وذلك من خلال الاعتماد بالأساس على مؤلفات السوسيولوجية الراحلة “فاطمة المرنيسي”، التي خصصت جزء كبيرا في مشروعها البحثي لهذا الموضوع.

الحلقة 13: نساء الإسلام.. آيات قرآنية تبرئ زوجة الرسول من تهمة الزنى (ح 13)

في السنة السادسة للهجرة اتهمت عائشة أم المؤمنين بالزني، ويسمي الفقهاء والأئمة المسلمون هذا الحادث بحادثة الإفك، وهو ما سماه الغربيون الباحثون عن الإثارة قضية العقد.

وتعود جذور الواقعة لما فقدت عائشة أثناء مرافقتها للنبي في إحدى غزواته وهي غزوة بني المصطلق عقدها المصنوع من صدف اليمن، وكانت شديدة التعلق به، ولما علمت أن الانطلاق سيكون بعد بضع ساعات، بدأت تبحث عنه، ولما وجدته كانت القافلة قد ابتعدت، وما أن اكتشف غيابها حتى أمر النبي بإيقاف القافلة لانتظارها، وحين بدأ القلق يساوره بدت في الأفق وبرفقتها صفوان المعطل، وهو صحابي شاب وجدها في الطريق فرافقها حارسا لها.

ولم يكن يُنتظر أقل من ذلك لإطلاق حملة للقذف في عائشة، نظمها وأخرجها عبد الله بن أبي، حيث قال في تعجب عندما رأى عائشة رفقة صفوان: “عائشة معذورة فيما فعلته؛ فصفوان أجمل وأصغر من محمد” .

كانت القضية من الخطورة بمكان بحيث قرر رئيس الدولة الإسلامية الفتية تناول الموضوع علانية، صعد المنبر، وتوجه إلى المؤمنين في المسجد: “كيف يتجرأ على الارتياب في أهل بيت محمد ؟ …”.

وترى رائدة السوسيولوجيا المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي في رد الرسول (ص) أنها إحدى الحالات النادرة في تاريخنا تلك التي يقوم فيها رجل سياسي بالدفاع عن زوجته، بدلا من أن يذهب مع رأي المفترين عليها، إذ وضع قبيلتي المدينة، الأوس والخزرج، اللتين ينتمي إليهما عبد الله بن أبي أمام مسؤوليتهما، وحول بتدخله في المسجد الشائعة البسيطة إلى قضية مسؤولية قبلية، وكان على القبيلة التي ينتمي إليها المفتري أن تتكفل بمعاقبته، لينزل أخيرا الوحي ويٌنزل الله تعالى سبع عشرة آية في موضوع براءة عائشة.

وترى مؤلفة “الحريم السياسي – النبي والنساء” أن قضية الإفك التي جعلت من حادث عادي قضية الدولة التي كادت تحدث الفتنة في المدينة، تبين على نحو جيد الرغبة في إذلال النساء، وإعادتهن إلى مكانهن، بعدما أعطاهن الرسول (ص) حقوقا جذرية غير مسبوقة في التاريخ، وهي تلك الرغبة التي تتلو في الغالب الفترات التي تكون النساء فيها قد نلن حقوقا، وحققن مكاسب.

وتربط المرنيسي بين هذه الافتراءات على عائشة وبين ووقائع اخرى مماثلة عرفتها امة الاسلام الفتية في تلك المرحلة كسبب في نزل الحجاب، فهي وقائع مُرَكبَةً مع انعدام الأمن الذي كان سائدا في أزقة المدينة، وزعزعت إيمان محمد بمشروعه الذي كان عزيزا عليه، في حياة خاصة مفتوحة ومختلطة بالحياة العمومية، تسيران جنبا إلى جنب دون صدام أو حواجز، وسوف يقدم له المحيطون به، أمام انعدام الأمن والشائعات، حلا عبوديا والمتمثل في حماية النساء، والنساء الحرائر فقط، بجعلهن محجبات، والذي مثل اعترافا ضمنيا بأن من الممكن مضايقتهن والاعتداء عليهن في حالة عدم تحجبهن.

يُتبع..

الحلقات السابقة:

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x