2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تضع جريدة “آشكاين” الرقمية بين يدي قرائها الأعزاء سلسلة رمضانية جديدة حول تاريخ الأقاليم الجنوبية للمملكة، من خلال سلسلة ثقافية تغوص في تاريخ الزوايا والرباطات والمساجد التاريخية العتيقة في الصحراء المغربية، عبر بوابة برنامجكم “زوايا من الصحراء”، الذي يعده ويقدمه الصحافي أحمد الهيبة صمداني.
وسنحاول خلال هذه السلسلة الثقافية الرمضانية نفض الغبار عن تاريخ التصوف وتمظهراته في الزوايا والمساجد و”المَحاظر” وارتباطاتها القبلية وخصوصياتها في الصحراء المغربية، علاوة على أدوارها الدينية والتاريخية والاجتماعية بالمنطقة على مر التاريخ، عبر بثها للأمن الروحي في المنطقة، وفض المنازعات القبلية وتكوين الطلبة والمردين، دون أن ننسى أدوارها في مكافحة المستعمر.
وسنتطرق في هذه الحلقة (15) إلى زاوية صفية بنت عثمان الباركية، كأحد المدارس التربوية والتعلمية والدينية النسائية التي تزخر بها الصحراء المغربية، والتي خرجت طلابا من المغرب وموريتانيا.
التأسيس والنشأة
وفي حديثه عن زاوية صفية بنت عثمان الباركية، وأفاد الدكتور محمد دحمان، أستاذ الأنثروبولوجيا والثقافة الحسانية بجامعة ابن طفيل، أن هذه الزاوية “أسستها المرأة الصالحة صفية بنت عثمان من قبيلة أهل بارك الله باقليم آوسرد، حيث كانت عبارة عن مدرسة علم وتعليم، وخزانة كتب متنقلة مع المضارب البدوية”.
وأكد دحمان، في حديثه لـ”آشكاين”، أن “هذه الزاوية أن “هذه الفقيهة أخذت العلم عن والدها وعن نساء ورجال من فقهاء أهل بارك الله واليعقوبيين، حيث تميز التعليم عندها وعند العديد من نساء الصحراء بالعمل على حفظ القرآن والمتون والأنظام، من عربية فصحى وحسانية، وذلك لتسهيل الحفظ وتناقل المعرفة ما بين الأجيال”.

تخريج طلاب من موريتانيا
وأضاف أن “هذه الفقيهة كانت تدرس الطلاب في الألواح الخشبية وبالقلم والصمغ والدواة، والطالب يكتب لنفسه ويمحو لنفسه، كما أنه هو الذي يتولى إنارة المكان بإشعال النار وتوفير الدفئ، ناهيك عن التعاون الجماعي ما بين الطلاب لتحصيل العلم”.
ولفت الباحث دحمان إلى أن “المرأة الصحراوية غالبا ما تتولى تدريس الطلاب في السن المبكرة، وهو ما يسمى عندنا اليوم بالتعليم الأساسي داخل المنظومة التعليمية، ويكون لذلك انعكاس على تربية الطالب، نظرا لأسلوب المرأة اللين واللبق”.
وخرجت هذه الزاوية المدرسة، يسترسل دحمان “العديد من الطلاب”، مشيرا إلى أن “طلاب زاوية، أو مدرسة صفية بنت عثمان منتشرون في جهة الداخلة واد الذهب وفي موريتانيا”.
تأليف ونسخ
ولم تقتصر الفقيهة على ما سبق، حسب المتحدث بل “عرفت بالتأليف وحسن الخط، إذ عملت على نسخ العديد من المتون العلمية في فترة لم تكن فيها آلة النسخ موجودة، قبل أن توافيها المنية نهاية التسعينات من القرن العشرين بمدينة الداخلة”.
وكغيرها من المدارس والزوايا، أكد دحمان أن “زاوية هذه الفقيهة تركت وراءها خزانة كتب ووثائق مهمة تعكس التراث الفقهي التعلمي بالجهة، وهي تستحق العناية والتثمين”.
الحلقات السابقة
زوايا الصحراء: خصوصيات تصوفية وتاريخ وأثر
زوايا الصحراء: الوجه الآخر للزوايا..مراكز علم وصلح وفن وكفاح ضد المستعمر
زوايا الصحراء.. أقدم منارة روحية في واد نون
زوايا الصحراء..قصر آسا: ظاهرة البناء بالحجر الغامق وجدل تحويل قبلة المساجد
زوايا الصحراء.. المسجد العتيق بكلميم: خلاف قبيلة مع السلطة على مكان إقامة صلاة الجمعة
زوايا الصحراء .. الزاوية العروسية: زاوية “شيخ الوقت” أذابت خلاف قبائل في عبدة وجنبتهم الاقتتال
زوايا الصحراء.. الزاوية السالمية: تصوف نقشبندي من الصحراء المغربية إلى موريتانيا
زوايا الصحراء.. زاوية أهل الليلي: علم وصلاح وحماية المستجير وامتداد من الصويرة إلى شنقيط
زوايا الصحراء .. زاوية الشيخ الولي: وَجَاهَة ورصيد ثقافي وحشد لمقاومة المستعمر الأجنبي
زوايا الصحراء..زاوية أهل لبصير: سياحة صوفية وتفجير حركة تحرير الصحراء من احتلال الإسبان
زوايا الصحراء.. زاوية الشيخ المامي: أمن روحي بين القبائل ونَظْمٌ للسلطان
زوايا الصحراء.. زاوية الشيخ السباعي: وساطة بين العرب والأمازيغ بالصحراء ومقاومة نابليون بمصر
زوايا الصحراء.. الزاوية اللمطية(1): صاحب “ميزان الماء” الذي جنب قبائل بواد نون الاقتتال
زوايا الصحراء ..الزاوية اللمطية (2): ظهائر توقير سلطانية ودار تجارية امتدت إلى السودان
وخيرت كبيرة