لماذا وإلى أين ؟

اعتقالات سياسية.. انتفاضة “شهداء كوميرا”

نواصل سرد قصص الاعتقالات السياسية التي طبعت تاريخ المغرب من أجل أخذ العبر والدروس منها لبناء مستقبل أكثر عدالة وإرساء دولة المؤسسات. فبعد تسليط الضوء على قصة حركتي “إلى الأمام” و”23 مارس” والخروقات القانونية التي شابت محاكمة أعضائها وقياداتها؛ وبعد الإحاطة بالخروقات التي شهدتها محاكمة بالزعيم النقابي نوبير الأموي، ننتقل للحديث عن قصة جديدة لا تقل أهمية عن القصص السابقة وتعتبر من الأحداث التاريخية التي لها تبعات على عدد من الأسر المغربية؛ ما زالت تعيشها إلى يومنا هذا، والحديث هنا عن انتفاضة 20 يونيو 1981 أو ما يعرف بـ“شهداء الكوميرا”.

ووفق المنهجية المتبعة في هذه السلسلة، لابد؛ قبل الحديث عن المحاكمة وخروقاتها، تسليط الضوء على السياق العام للأحداث بشكل جزئي حتى نبني القصة مع القراء من بدايتها إلى الوصول إلى المحاكمة وتشعاباتها.

كما يعرف عدد من القراء الكرام، فسنوات السبعينات من القرن الماضي كان المغرب في حالة أمنية حساسة، خاصة مع المحاولتين الإنقلابتين الفاشلتين على نظام الملك الحسن الثاني وأوج الصراع حول قضية الصحراء المغربية بظهور جبهة البوليساريو؛ إلى جانب الخلاف بين السلطة والأحزاب الوطنية وظهور الحركات الثورية من اليسار الرديكالي التي تهدف لقلب النظام، بالإضافة إلى الضغط التي تمارسه النقابات بسبب الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية الصعبة التي تعيشها فئة واسعة من المغاربة.

خلال هذه الفترة، أي في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، شهد المغرب هجرة كثيفة من القرى نحو المدن، ما أسهم في تعميق الأزمة الخانقة التي كان يمر منها الاقتصاد المغربي المأزوم بسبب تراجع مداخيل الفوسفاط بعد انخفاض مبيعاته في السوق الدولية، فاضطرت الحكومة التي يقودها المعطي بوعبيد إلى الرفع من أسعار المواد الأساسية.

وعليه، وبالتزامن مع الوضع المشار إليه، عممت وكالة المغرب العربي للأنباء يوم 28 ماي 1981 قصاصة إخبارية أعلنت من خلالها أن الحكومة المغربية تعتزم فرض زيادات في كل المواد الأساسية منها الزيادة في أسعار الدقيق بـ٪40 والسكر بـ٪50 والزيت بـ٪28 والحليب بـ٪14 والزبدة بـ٪76، وذلك مباشرة بعد زيادات أخرى كانت قبل سنوات قليلة.

أمام هذا الوضع، سارع حزب الاتحاد الاشتراكي إلى إصدار بيان يوم 31 ماي من لجنته المركزية، أكد فيه أن الوضع بالمغرب بلغ مستوى غير من مسبوق من الأزمة، وطالب الحكومة بالتراجع عن هذه الزيادات، محملا إياها مسؤولية ما قد يترتب عنها، من جهتها دعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي أسست وتشكلت من أهم النقابات الوطنية المستقلة عن الاتحاد المغربي للشغل، عبر نداء موجه إلى الشغيلة المغربية يوم 2 يونيو، إلى التعبئة الشاملة لدفع الحكومة على التراجع عن تلك الزيادات.

لم تستجب حكومة المعطي بوعبيد لمطالب التراجع عن قرار الزيادات ولم تكتف حتى بالصمت، بل أكدت أنها ستعلن عن زيادات أخرى بذريعة أن صناديق الدولة في أزمة بسبب الظرفية العالمية الصعبة ووضعية ميزانية الدولة، مشددة على أن هذه الزيادات ضرورية لإنقاذ البلاد.

تبعا لذلك، طالبت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في بلاغ صدر عقب اجتماع مجلسها الوطني يوم 7 يونيو 1981، بضرورة إلغاء الزيادات في غضون سبعة أيام وفتح حوار فوري حول ملفها النقابي الذي يتضمن مطالب بالرفع من الأجور وفتح الحوار المجمد واحترام الحريات النقابية، معربة عن استعدادها “اتخاذ الإجراء ات اللازمة في حال تشبت الحكومة بقراراتها” وتحملها كامل المسؤولية عما يمكن أن يترتب عن ذلك.

انتهت مهلة الأسبوع دون أن ترد حكومة بوعبيد عن مطالب النقابات والأحزاب الوطنية، فدعت المركزية النقابية باقي المركزيات إلى التحرك المشترك فلم تلقى تجاوبا. لتعلن في 15 من يونيو، اعتزامها خوض إضراب عام لمدة أربع وعشرين ساعة، في الـ20 من ذلك الشهر.

الحلقة 1: نوبير الأموي، من قرى بني أحمد إلى أشهر معتقل نقابي

الحلقة 2: “البوليس السري” يحاصر منزل نوبير الأموي

الحلقة 3: “قطاطعية” الحكومة يرسلون الأموي إلى السجن

الحلقة 4: تطويق المحكمة وسقوط 30 جريحا وترحيل جزائريين في أول جلسات محاكمة الأموي

الحلقة 5: المحكمة ترفض استدعاء أعضاء الحكومة لمواجهة الأموي

الحلقة 6: إدانة الأموي بالسجن و”حجز” ملف محاكمته داخل مكتب

الحلقة 7: حجز ملف الاموي وحصار المحاميين والإعتداء على الصحافيين والحقوقيين

الحلقة 8: الحسن الثاني يخرج الأموي من السجن

الحلقة 9: قضية السرفاتي ومن معه الذين خططوا لقبل الحكم في المغرب

الحلقة 10: محاصرة “الإتحاد الوطني” بعد محاولات الإنقلاب

الحلقة 11: نكران التعذيب ودخول “معارضي الحسن الثاني” الإضراب عن الطعام داخل السجون

الحلقة 12: خروقات محاكمة 139 ماركسيا

الحلقة 13: أحكام تتراوح بين المؤبد و10 سنوات سجنا لعشرات المركسيين المغاربة

الحلقة 14: عفو ملكي وإضراب عن الطعام ينتج عن أول “شهيدة” من داخل السجون المغربية

الحلقة 15: عفو ملكي ينهي معاناة “معارضي الحسن الثاني” داخل السجون

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x