2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
اعتقالات سياسية.. عشرات القتلى في معركة الإضراب العام ضد الغلاء

“إعتقالات سياسية” سلسلة رمضانية يعدها الصحافي؛ محمد دنيا، تسلط الضوء على عدد من الإعتقالات والمتابعات والمحاكمات ذات الصبغة السياسية منذ استقلال المغرب، ستغوص بقراء ومتتبعي صحيفة “آشكاين” الإخبارية في التفاصيل الدقيقة لكل قصة من القصص التي أثارتا جدلا سياسيا، حقوقيا وقانونيا في المغرب.
تهدف السلسلة إلى تسليط الضوء على بعض القضايا التي طبعت تاريخ المغرب ووصفت بـ”الإعتقالات السياسية”، يعرف بعضها ويتداول إعلاميا؛ لكن تفاصيلها لا يعلمها إلا القليل من المواطنين الذين ستكون هذه فرصتهم للتعرف على تفاصيل الأحداث ومناقشتها واستنتاج العبر منها.
الحلقة 17:
بناء على قرار حكومة المعطي بوعبيد يوم 28 ماي 1981 القاضي بالرفع من أسعار المواد الأساسية، الذي رفع مؤشر كلفة المعيشة ب38 بالمائة، دعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى خوض إضراب عام لمدة أربع وعشرين ساعة، في الـ20 من شهر يونيو.
لم تستجب النقابات إلى دعوة الكونفدرالية للمشاركة في الإضراب، في الوقت الذي أعلن فيه المكتب الجهوي للاتحاد المغربي للشغل بالدار البيضاء، خوض إضراب بالمدينة يوم 18 يونيو أي قبل يومين من الموعد الذي دعت إليه الكونفدرالية. أما السلطات فكان لها رأي آخر حيث حاصرت المقر المركزي للنقابة وأصبحت مقراتها الجهوية تحت مراقبة صارمة.
قبل عشرة أيام من موعد الإضراب، شرعت المصالح الأمنية في حملة اعتقالت شملت مناطق مختلفة (سيدي بنور، تازة، قلعة السراغنة، الدار البيضاء…)، قبل أن تبث أمواج الإذاعة الوطنية بيانا للوزير الأول المعطي بوعبيد، أعلن من خلاله بلغة التهديد والوعيد لائحة عقوبات تنتظر المشاركين في الإضراب من طرد وتوقيف، في ما أعلن وزير الداخلية حينها، إدريس البصري، بكل افتخار داخل البرلمان، أنه ضغط على المركزيات النقابية حتى لا تنخرط في الإضراب.
كل وسائل السلطة باءت بالفشل، حين تحولت مدينة الدار البيضاء صباح يوم السبت 20 يونيو 1981، إلى مدينة أشباح، وخيم عليها السكون، حيث أغلقت المتاجر وتوقف وسائل النقل العمومية وبقية المعامل خاوية على عروشها. هذا ما دفع عناصر السلطة والأمن إلى تنفيذ خطة جديدة، تتمثل في التهديد، حيث أجبر سائقو الحافلات على أخذ أماكانهم خلف المقود تحت تهديد شرطي مسلح على متن كل حافلة، فيما شرع الشيوخ والأعوان في طرق أبواب منازل التجار لإخراجهم من بيوتهم وفتح محلاتهم.
حتى كادت السلطة والأمن يفشلان الإضراب العام بالقوة، حتى أقدم شبان على مهاجمة حافلة للنقل العمومي، ما أدى إلى توقف الحركة من جديد وأغلقت المحلات التجارية التي فتحت أبوابها تحت الضغط. لتخرج بعد ذلك مظاهرات في أحياء من قبيل الحي المحمدي وسباتة وسيدي البرنوصي رفضا للغلاء.
مظاهرات زاد عدد أعضائها وزادت قوتها، فلم تجد معها مصالح الأمن سوى أن تطلق النار الحي على جموع المتظاهرين لإخافتهم قبيل عصر يوم الإضراب، فكان الجرحى ينزفون في الشارع دون أن يتلقوا الإسعاف، فيما الاعتقالات لا تميز بين طفل وشاب وامرأة، لينتهي اليوم بإعلان حظر للتجول ومواصلة عمليات التمشيط والاعتقال، حتى أن كل مراكز الإعتقال الرسمية امتلأت عن الكامل.
مظاهرات السكان لم تتراجع بل زادت قوة، وهو ما دفع الجيش بوحداته المصفحة يخرج إلى الشوارع كما لو كان المغرب في حرب. كما أن عمليات القمع والاعتقال لم تتوقف هي الأخرى، ليصدر وزير الداخلية البصري بلاغا يتهم في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالتحريض على العنف وبالعجز عن تأطير الإضراب.
الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وجدت نفسها عاجزا أمام شل حركتها باعتقال كاتبها العام نوبير الأموي رفقة أعضاء مكتبها التنفيذي، وتمت محاصرة واحتلال مقراتها من طرف قوات الأمن، وفي المقابل تم اعتقال رئيس تحرير صحيفة المحرر التابعة للاتحاد الاشتراكي.
الرواية الرسمية الحكومية اعتبرت الإضراب فاشلا، وأكدت أن السلطات احترمت حق الإضراب ولم تتدخل لمنع تنظيمه، وأشارت إلى أن التدخل الأمني لم يسقط في تلك الأحداث سوى 66 “مشاغبا” من “شهداء الكوميرا” بتعبير وزير الداخلية الراحل إدريس البصري الذي وصف القتلى بـ”شهداء الكوميرا”.
في المقابل، ترى الجهات الداعية للإضراب أن الأحدث خلف موت ما يقارب 600 شخص، وتم قبرهم في حفرة كبيرة دون كفن، حتى أن بعضهم دفن حيا، وفق بعض المصادر. لتبدأ مرحلة جديدة تتمثل في محاكمة المعتقلين، وهو ما ستسلط الضوء عليه خلال الحلقة المقبلة.
يتبع ..
الحلقة 1: نوبير الأموي، من قرى بني أحمد إلى أشهر معتقل نقابي
الحلقة 2: “البوليس السري” يحاصر منزل نوبير الأموي
الحلقة 3: “قطاطعية” الحكومة يرسلون الأموي إلى السجن
الحلقة 4: تطويق المحكمة وسقوط 30 جريحا وترحيل جزائريين في أول جلسات محاكمة الأموي
الحلقة 5: المحكمة ترفض استدعاء أعضاء الحكومة لمواجهة الأموي
الحلقة 6: إدانة الأموي بالسجن و”حجز” ملف محاكمته داخل مكتب
الحلقة 7: حجز ملف الاموي وحصار المحاميين والإعتداء على الصحافيين والحقوقيين
الحلقة 8: الحسن الثاني يخرج الأموي من السجن
الحلقة 9: قضية السرفاتي ومن معه الذين خططوا لقبل الحكم في المغرب
الحلقة 10: محاصرة “الإتحاد الوطني” بعد محاولات الإنقلاب
الحلقة 11: نكران التعذيب ودخول “معارضي الحسن الثاني” الإضراب عن الطعام داخل السجون
الحلقة 12: خروقات محاكمة 139 ماركسيا
الحلقة 13: أحكام تتراوح بين المؤبد و10 سنوات سجنا لعشرات المركسيين المغاربة
الحلقة 14: عفو ملكي وإضراب عن الطعام ينتج عن أول “شهيدة” من داخل السجون المغربية
الحلقة 15: عفو ملكي ينهي معاناة “معارضي الحسن الثاني” داخل السجون
الحلقة 16: انتفاضة “شهداء كوميرا”
مظاهرات الرباط تم تجاهلها في هذا الجزأ من التقرير والتي جابت شوارع المدينة القديمة وحي العكاري وحي يعقوب المنصور والتي اعلن بعدها حالة الطوارئ في مجموع العاصمة واعتقال عدد من الناس اغلبهم من اصحاب الدكاكين المقفلة الذين بقو يترقبون دكاكينهم، واصدرت السلطات امرا بتطويق المقر الجهوي للكونفدرالية للرباط برجال الامن، واعتقال كل قيادة الاتحاد الجهوي وبعض الوافدين على المقر، ستتم محاكمتهم بتهم ثقيلة فيما بعد.