2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أساطير طنجة، سلسلة يعدها الصحافي عبد الله الغول، تستكشف أغرب الحكايات الشعبية والأساطير التاريخية التي تدور في فلك مدينة طنجة… حلقاتها تجمع بين السرد الأسطوري والمعطيات التاريخية… تلتقون معها طيلة شهر رمضان في حلقات يومية مثيرة ومشوقة.
الحلقة 17 :
في إحدى الليالي العاصفة من عام 1683، كان البحر عند سواحل طنجة هائجًا كوحش غاضب، تتلاطم أمواجه ضد الصخور السوداء تحت أسوار المستعمرة الإنجليزية. في ذلك الوقت، كان صامويل بيبس، المسؤول في البحرية الإنجليزية، يتلقى تقارير مرعبة عن قراصنة البربر الذين جعلوا البحر الأبيض المتوسط ساحة لجرائمهم الأسطورية.
كتب بيبس في يومياته عن رجال يُقال إنهم يأتون من ظلام البحر بلا أثر، كالأشباح، يغزون السفن ويخطفون الرجال والنساء ليباعوا في أسواق العبيد في الجزائر وطرابلس. لم يكن الإنجليز في طنجة بأمان، فرغم الأسوار والحاميات، كانت المدينة محاطة بالخطر من كل جانب.
تروي الحكايات أن قبطانًا إنجليزيًا يُدعى وليام كليفتون وقع أسيرًا بين أيدي القراصنة، وبعد مفاوضات شاقة، أُعيد إلى طنجة محطّم الجسد والروح. همس للجنود عند بوابة المدينة: “رأيت الجحيم في أعينهم، لا قلوب لهم، بل جوعٌ لا ينتهي!”.
كان بيبس يصف القراصنة في تقاريره إلى لندن بأنهم “الشياطين الذين يطاردون البحر”، وكان يعتقد أن طنجة، رغم تحصيناتها، لن تصمد طويلًا أمام هذا التهديد. وفي النهاية، صدقت مخاوفه، إذ تخلّت إنجلترا عن طنجة بعد سنوات قليلة، تاركة المدينة لأهلها الأصليين، بينما استمرت أسطورة قراصنة البربر تروى في الحانات والسفن التي تجوب البحر.
اليوم، عندما يهبّ النسيم الليلي فوق الأطلال القديمة لطنجة، يقال إن أرواح الأسرى الإنجليز لا تزال تهمس بقصص الرعب عن الليالي التي اجتاح فيها القراصنة شواطئ المدينة، تاركين خلفهم صدى صراخ لا يُنسى.