2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
اعتقالات سياسية.. خروقات قانونية تشوب البحث التمهيدي في قضية معتقلي إضراب “شهداء الكوميرا”

“إعتقالات سياسية” سلسلة رمضانية يعدها الصحافي؛ محمد دنيا، تسلط الضوء على عدد من الإعتقالات والمتابعات والمحاكمات ذات الصبغة السياسية منذ استقلال المغرب، ستغوص بقراء ومتتبعي صحيفة “آشكاين” الإخبارية في التفاصيل الدقيقة لكل قصة من القصص التي أثارتا جدلا سياسيا، حقوقيا وقانونيا في المغرب.
تهدف السلسلة إلى تسليط الضوء على بعض القضايا التي طبعت تاريخ المغرب ووصفت بـ”الإعتقالات السياسية”، يعرف بعضها ويتداول إعلاميا؛ لكن تفاصيلها لا يعلمها إلا القليل من المواطنين الذين ستكون هذه فرصتهم للتعرف على تفاصيل الأحداث ومناقشتها واستنتاج العبر منها.
الحلقة 18:
بعد التذكير بالحدث وسياقه العام، ننتقل للحديث على الشق القانوني الذي يهمنا لرصد الإختلالات التي شابت محاكمة المشاركين في الإضراب العام لسنة 1981، والذين امتلأت بهم سجون الدار البيضاء ومراكز سرية لم يكن أحد يعلم بوجودها حينئد.
فمن المعلوم أن المرحلة القضائية تنطلق من البحث التمهيدي، الذي يجب أن تراعي فيه، طريقة الاستنطاق، ومدة الحراسة النظرية التي تتعامل معها كل التشريعات باحتياط. هذه الحراسة النظرية التي هي وسيلة الشرطة القضائية لإبقاء المشتبه فيه رهن إشارتها، لإتمام إجراء ات البحث ونظرا لخطورة هذا الإجراء لمساسه بالحرية الشخصية، فقد أحاطه المشرع بضمانات وحدده بشروط، وجعله تحت رقابة قضائية.
وحيث إن كثرة المعتقلين في هذه القضية يقابله قلة الإمكانيات المادية والبشرية المؤهلة والمخولة قانونيا لإنجاز الأبحاث، فتوفير ضمانات المحاكمة العديلة كان مهمة أشبه بـ”المستحيلة” أمام وقع ضعف الإمكانيات، وانعدام الرغبة في الحرص على توفير الضمانات، لأسباب ذاتية (حشر الناس في الثكنات العسكرية أثناء إجراء البحث).
محاضر البحث التمهيدي الذي قامت به الشرطة القضائية إثر أحداث إضراب 21 يونيو 1981، لم تخرج عن الممارسات التي تطبع طريقة وشكل المحاضر المنجزة في مثل هذه الحالات خلال تلك الفترة، من عدم احترام مدد الحراسة النظرية، وإخضاع المعتقلين للإكراه مختلف درجاته وأنواعه وعدم الالتزام بالتمييز بين من هو راشد ومن لم يبلغ هذه السن، وأحيانا الخلط بين هؤلاء، وحتى بين بعض المختلين عقليا الذين تجرفهم حملة الاعتقالات الجماعية من الشارع العام.
لكن ما ميز الأحداث الاجتماعية لسنة 1981، هو أن الاعتقالات لم تقتصر فقط على العمال المضربين، ومن يناصرهم بشكل ما من المواطنين، ولكن الاعتقال امتد للمسؤولين عن الصحافة، والمسؤولين السياسيين الذين يؤيدون الإضراب، وقيادة النقابات التي دعت إلى الإضراب.
وعلى سبيل المثال، يمكن الاستشهاد بملف قيادة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ورئاسة تحرير جريدة المحرر والكاتب الإقليمي بالدار البيضاء وعضو اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي.
ورغم اختلاف المواقع والمسؤوليات، فقد حشر الجميع في ملف واحد، وبتهم جماعية واعتقل الجميع من طرف الشرطة، وظلوا تحت الحراسة النظرية، ثمانية عشر يوما (20)، من يونيو 1981 إلى 08 يوليوز 1981. قدموا بعدها إلى النيابة العامة، التي تابعتهم في حالة اعتقال، وإحالتهم إلى المحكمة يوم 08 يوليوز 1981.
والتمست النيابة العامة من المحكمة إجراء بحث تكميلي في القضية، كأن ثمانية عشر يوما لدى الشرطة، لم تكن كافية لإنجاز بحث تام، ولذلك يجب بحث تكميلي، وهو ما استجابت له المحكمة، حيث أصدرت في نهاية البحث التكميلي حكما بعدم الاختصاص، وإحالة القضية لطبيعتها الجنائية على محكمة الاستئناف لأن ضباط الشرطة الذين حرروا المحضر كشهود خلال البحث التكميلي، أدلوا بما يفيد أن المتهمين شوهدوا وهو يقومون بقيادة المظاهرات في مختلف مناطق مدينة الدار البيضاء ورشقوا الشرطة بالحجارة. وتبنى قاضي التحقيق في نهاية البحث كل الأفعال المنسوبة للمعتقلين، وقرر إحالتهم على محكمة الجنايات مع استمرار اعتقالهم.
يتبع ..
الحلقة 1: نوبير الأموي، من قرى بني أحمد إلى أشهر معتقل نقابي
الحلقة 2: “البوليس السري” يحاصر منزل نوبير الأموي
الحلقة 3: “قطاطعية” الحكومة يرسلون الأموي إلى السجن
الحلقة 4: تطويق المحكمة وسقوط 30 جريحا وترحيل جزائريين في أول جلسات محاكمة الأموي
الحلقة 5: المحكمة ترفض استدعاء أعضاء الحكومة لمواجهة الأموي
الحلقة 6: إدانة الأموي بالسجن و”حجز” ملف محاكمته داخل مكتب
الحلقة 7: حجز ملف الاموي وحصار المحاميين والإعتداء على الصحافيين والحقوقيين
الحلقة 8: الحسن الثاني يخرج الأموي من السجن
الحلقة 9: قضية السرفاتي ومن معه الذين خططوا لقبل الحكم في المغرب
الحلقة 10: محاصرة “الإتحاد الوطني” بعد محاولات الإنقلاب
الحلقة 11: نكران التعذيب ودخول “معارضي الحسن الثاني” الإضراب عن الطعام داخل السجون
الحلقة 12: خروقات محاكمة 139 ماركسيا
الحلقة 13: أحكام تتراوح بين المؤبد و10 سنوات سجنا لعشرات المركسيين المغاربة
الحلقة 14: عفو ملكي وإضراب عن الطعام ينتج عن أول “شهيدة” من داخل السجون المغربية
الحلقة 15: عفو ملكي ينهي معاناة “معارضي الحسن الثاني” داخل السجون
الحلقة 16: انتفاضة “شهداء كوميرا”
الحلقة 17: عشرات القتلى في معركة الإضراب العام ضد الغلاء
بعض التهم في هذا الملف تضمنت الى جانب التهم المذكورة تهم تتعلق بإضراب النار ووضع المتاريس وتهم القتل لان بعض المظاهرات ادت بلاظافة الى سقوط مواطنين وبعضسقوط بعض رجال الامن ورجال القوات المساعدة. لكن ما يلاحظ في هذه التغطية الاعلامية انها ركزت على ماورد في محاظر الشرطة بالدار البيظاء فقط، علما ان كانت هناك احداث مماثلة في مدن اخرى كفاس ومكناس واسفي ومراكش والرباط وبعض مدن الشمال.
هذه خرافات من الماضي