لماذا وإلى أين ؟

المضاربون ومن يدعمهم: خونة الوطن في زمن الغلاء

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن المغربي اليوم، أصبح غلاء المعيشة يشكل تحديًا كبيرًا للكثير من الأسر. من دون شك، أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، الوقود، ومواد البناء، وغيرها من الأساسيات، قد ألقى بظلاله على حياة المواطن البسيط، الذي يجد نفسه في مواجهة حقيقية مع تكاليف الحياة.

لكن هل فكرنا يومًا في السبب الحقيقي وراء هذه الزيادة في الأسعار؟ الجواب هو: المضاربون ومن يدعمهم.

المضاربون هم أشخاص أو جهات تقوم بشراء السلع الأساسية بكميات ضخمة من الأسواق أو المخازن، ثم تقوم بتخزينها أو عرضها بأسعار مرتفعة، مما يؤدي إلى زيادة غير مبررة في الأسعار. هدفهم ببساطة هو تحقيق ربح سريع على حساب المواطن الذي لا حول له ولا قوة. قد لا تقتصر هذه الممارسات على المواد الغذائية فقط، بل تشمل أيضًا مواد البناء، الأدوية، وحتى الوقود. ما يفعله المضاربون هو استغلال الظروف الاقتصادية والضغط الاجتماعي لرفع الأسعار في وقت حساس، مما يضاعف معاناة المواطنين.

المضاربون لا يفكرون في مصلحة الوطن ولا في مصلحة الشعب. هم فقط يبحثون عن مصالحهم الخاصة، حتى وإن كانت على حساب قوت المواطنين.

هذا النوع من التصرف هو خيانة للوطن، لأنه يتسبب في زيادة معاناة المواطنين في وقت يعانون فيه من ارتفاع الأسعار وارتفاع تكاليف الحياة اليومية.

والأسوأ من ذلك، أن هؤلاء المضاربين لا يواجهون عقوبات حقيقية، بل في بعض الأحيان يحظون بدعم أو تواطؤ من جهات قد تكون لديها مصالح مشابهة، أو تكتفي بالصمت في وجه هذا الاستغلال غير الأخلاقي.

للأسف، نجد أن بعض الجهات، سواء كانت شركات أو أفرادًا في مواقع المسؤولية، قد يكون لهم دور غير مباشر في دعم هذه الأنشطة.

قد يكون ذلك بسبب ضعف الرقابة، أو بسبب المصالح المشتركة التي تجمع بين البعض والمضاربين. إن هذه الممارسات تجعل المواطن يشعر بالخذلان، خاصة عندما يرى من يفترض أن يكونوا حماة الاقتصاد الوطني يتجاهلون معاناته.

من الطبيعي أن يتساءل المواطن: لماذا لا تتدخل الحكومة لوقف هذه الممارسات؟ في الحقيقة، هناك جهود تُبذل في بعض الأحيان من قبل الحكومة لضبط الأسواق ومحاربة هذه الظاهرة، ولكن هذه الجهود غالبًا ما تكون محدودة وغير كافية لمواجهة الارتفاعات الجنونية للأسعار.

الرقابة على الأسواق ضعيفة، والعقوبات على المضاربين غير رادعة، مما يسمح لهم بالاستمرار في عملياتهم المدمرة. كان من الأفضل أن تقوم الحكومة بتطبيق سياسات أكثر صرامة في مراقبة الأسواق، مع تشديد العقوبات على من يثبت تورطهم في رفع الأسعار بشكل غير قانوني.

يجب أن نتذكر دائمًا أن مصلحة الوطن لا تتجسد فقط في رفع الأعلام أو التحدث عن الوحدة الوطنية في المناسبات، بل تكمن في حماية المواطن من أية ضغوط قد تتسبب في تدمير قدرته على العيش الكريم. والمضاربون الذين يرفعون الأسعار دون مبرر يعتبرون من أكبر الخونة لهذا الوطن، لأنهم يبيعون مصلحة الشعب بأبخس الأثمان. هؤلاء لا يكتفون فقط بالربح المادي، بل يؤثرون في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مما يهدد النسيج الوطني.

رغم أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الحكومة والمؤسسات الرقابية، فإن للمواطن أيضًا دورًا هامًا في محاربة هذه الظواهر. يمكن للمواطن أن يساهم في دعم اقتصاد بلاده من خلال الاستهلاك الواعي، وعدم الوقوع في فخ المضاربين الذين يرفعون الأسعار. أيضًا، من المهم أن يتعاون المواطن مع الجمعيات والمنظمات المعنية بحقوق المستهلك للمطالبة بتطبيق قوانين صارمة لحماية حقوقه.

المضاربون ومن يدعمهم ليسوا فقط تجارًا جشعين، بل هم خونة للوطن، لأنهم يسعون لتحقيق أرباحهم على حساب معاناة المواطنين. يجب على الجميع، من حكومة ومواطنين، أن يتحدوا لمكافحة هذه الظاهرة التي تهدد استقرار المجتمع. فقط من خلال التعاون والوعي الجماعي يمكننا حماية وطننا من هذه الخيانة الاقتصادية التي تؤثر على قوتنا وحياتنا اليومية.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
لوسيور
المعلق(ة)
20 مارس 2025 10:45

عبدالله بن عيسى تحية للاقلام الحرة النيرة.ضعف المراقبة دليل على ضعف الدولة والتسيب

1
0
أضف تعليقكx
()
x