لماذا وإلى أين ؟

اعتقالات سياسية.. أحكام سجنية ثقيلة والنفي من “كازا” في حق معتقلين انتفاضة 1981

كما أشرنا في الحلقة السابقة أن هيئة الحكم في قضية محاكمة المشاركين في الإضراب العام لسنة 1981، كانت معيبة، خاصة أن القاضي الذي يترأسها لم يكن رئيس غرفة ولا عينته الجمعية العامة المخولة بذلك لرئاسة محكمة الجنايات التي يجعلها القانون هيئة دائمة، وليست هيئة عارضة تبت في القضايا بصفة استثنائية. وهو ما يتعارض مع منصوص الفصل 11 من ظهير 28 شتنبر 1974.

وارتكتب هيئة الحكم خروقات عدة في المحاكمة، منها خرق الفصل 12 من ظهير 28 شتنبر 1974، حيث إن جل الملفات المعروضة بتت في الجنح مع الجنايات، ولو أن عنصر الارتباط الذي يخولها حق البت غير موجود بالمرة، كما خالفت مقتضيات الفصل 318 من قانون المسطرة الجنائية، وضمت كل الدفوع المثارة أوليا إلى الجوهر، مخالفة منطوق وروح النص المذكور.

كما رفضت هيئة الحكم طلبات إجراء الخبرة على بعض المعتقلين أو المعاينة المباشرة، رغم وجود آثار الاعتداء ظاهرة على أجسادهم، ويمكن معاينتها حتى من غير الطبيب الخبير (كوجود رصاصة في جسم أحدهم)، ودون تمكينهم حتى من العلاج، كما رفضت استدعاء أي شاهد مهما كانت وجاهة الطلب، وأهمية الشهادة في مصير التهمة، نفيا أو إثباتا.

كما سجلت سرعة المحاكمة، حيث جرى اقتصار الاستنطاق في بالجلسة على السؤال التقليدي، “فعلت أو لم تفعل”، وحرمان المتهم من إمكانية الدفاع المشروع عن نفسه، حيث حرم بعضهم من إمكانية إحضار شهادة تفيد أنه يوم وقوع الأحداث المتهم بها كان موجودا بمقر عمله، و لم يغادره إلا بعد انتهاء الأحداث.

ولم تدقق هيئة الحكم في سن بعض المتهمين الذين كانت القارائن قوية على أنهم ما زالوا أحداثا، وتم إبقاء المتهمين طيلة يوم المحاكمة بمقر المحكمة في ظروف لا إنسانية وبدون غذاء إلى الساعات الأولى من اليوم الموالي، حيث تصدر الأحكام، مع أن فيهم الحدث والمسن والمريض، والمصاب، إما بالرصاص أو التعذيب.

كل الخروقات القانونية المذكورة لم تكن إلا عملية إعداد لإصدار أحكام بالسجن النافذ في حق المتهمين، بلغت في بعض الحالات 20 سنة سجنا نافذا، بل إن الأمر تجاوز السجن بإصدرا أحكام إضافية في حق البعض بالنفي عن مدينة الدار البيضاء بعد قضاء مدة محكوميتهم. ومن غرائب هذه المحاكمة في مرحلتها الإبتدائية، أن بعض المحكوم عليهم جرى الإبقاء عليهم رهن الاعتقال بالرغم من صدور أحكام بعقوبات موقوفة، وإحالتهم على هذه الحالة بسرعة على محكمة الاستئناف، التي ألغت العقوبة الموقوفة وقضت بعقوبة نافذة

الحلقة 1: نوبير الأموي، من قرى بني أحمد إلى أشهر معتقل نقابي

الحلقة 2: “البوليس السري” يحاصر منزل نوبير الأموي

الحلقة 3: “قطاطعية” الحكومة يرسلون الأموي إلى السجن

الحلقة 4: تطويق المحكمة وسقوط 30 جريحا وترحيل جزائريين في أول جلسات محاكمة الأموي

الحلقة 5: المحكمة ترفض استدعاء أعضاء الحكومة لمواجهة الأموي

الحلقة 6: إدانة الأموي بالسجن و”حجز” ملف محاكمته داخل مكتب

الحلقة 7: حجز ملف الاموي وحصار المحاميين والإعتداء على الصحافيين والحقوقيين

الحلقة 8: الحسن الثاني يخرج الأموي من السجن

الحلقة 9: قضية السرفاتي ومن معه الذين خططوا لقبل الحكم في المغرب

الحلقة 10: محاصرة “الإتحاد الوطني” بعد محاولات الإنقلاب

الحلقة 11: نكران التعذيب ودخول “معارضي الحسن الثاني” الإضراب عن الطعام داخل السجون

الحلقة 12: خروقات محاكمة 139 ماركسيا

الحلقة 13: أحكام تتراوح بين المؤبد و10 سنوات سجنا لعشرات المركسيين المغاربة

الحلقة 14: عفو ملكي وإضراب عن الطعام ينتج عن أول “شهيدة” من داخل السجون المغربية

الحلقة 15: عفو ملكي ينهي معاناة “معارضي الحسن الثاني” داخل السجون

الحلقة 16: انتفاضة “شهداء كوميرا”

الحلقة 17: عشرات القتلى في معركة الإضراب العام ضد الغلاء

الحلقة 18: خروقات قانونية تشوب البحث التمهيدي في قضية معتقلي إضراب “شهداء الكوميرا”

الحلقة 19: متابعة جميع معتقلي في إضراب 1981 في ملف واحد بتهم نفسها

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x