كِتَاب أَثَار جَدَلا: ”الحَرب القذِرة”.. شَهَادَة ضَابِط مَحْكُوم بِالإِعْدَام حَوْلَ مَجَازِر العُشُرِيَّة السَّوْدَاء (ح20)

” كتاب أثار جدلا” رحلة في عالم الأفكار الممنوعة، سلسة تنشر على شكل حلقات طيلة شهر رمضان في ”آشكاين”، تتناول مؤلفات خلقت ضجة كبيرة، في السياسة، في الدين، كما في قضايا اجتماعية.

هذه الكتب دفعت مؤلفيها أثمانًا باهظة، بلغت حد التكفير والتهديد بالقتل وتنفيذه أحيانا، وتارة أخرى تدخلت الرقابة وبقيت هذه المؤلفات ممنوعة من التداول لسنوات.

لكنها في المقابل أحدثت ثورة فكرية وخلخلت مفاهيم كانت بمثابة طابوهات لفترات طويلة.

سيكون قراء ومتابعو جريدة “آشكاين” على موعد مع هذه السلسلة طوال أيام شهر رمضان.

الحلقة 20: الحرب القذرة

يعد كتاب “الحرب القذرة” للضابط السابق في القوات الخاصة في الجيش الجزائري، حبيب سويدية، من أكثر الكتب إثارة للجدل في تاريخ الجزائر الحديث.

يقدم الكتاب الصادر سنة 2018، شهادة حية ومفصلة عن الأحداث الدامية التي شهدتها الجزائر خلال فترة ما يوصف بالعشرية السوداء (1992-2002)، وهي فترة الصراع المسلح بين الحكومة الجزائرية والجماعات الإسلامية.

يكتسي الكتاب أهميته من كونه شهادة من الداخل، حيث كان سويدية ضابطًا في القوات الخاصة وشاهدًا على العديد من الأحداث التي وقعت خلال تلك الفترة. يقدم الكتاب تفاصيل صادمة عن الانتهاكات التي ارتكبتها أطراف النزاع، بما في ذلك التعذيب والإعدام خارج نطاق القانون والاختفاء القسري.

يتهم سويدية في كتابه قادة الجيش الجزائري بالتورط في العديد من المجازر التي وقعت خلال العشرية السوداء. وقد أثارت هذه الاتهامات غضب السلطات الجزائرية، التي نفت بشدة أي تورط للجيش في هذه الانتهاكات.

أثار الكتاب ردود فعل متباينة في الجزائر وخارجها. فقد اعتبره البعض شهادة شجاعة تكشف الحقائق المخفية عن العشرية السوداء، بينما اعتبره آخرون تشويهًا لصورة الجيش الجزائري ومحاولة لتقويض استقرار البلاد.

تم حظر الكتاب في الجزائر، وصدرت أحكام قضائية ضد مؤلفه. فقد أصدر القضاء الجزائري عام 2002 حكمًا غيابيًا بالسجن 20 عامًا على سويدية بتهمة المساس بمعنويات المؤسسة العسكرية. وفي عام 2006، أصدر القضاء الجزائري حكمًا بالإعدام على سويدية.

رغم حظره، كان لكتاب “الحرب القذرة” تأثير كبير على الرأي العام في الجزائر وخارجها. فقد ساهم الكتاب في إثارة نقاش عام حول الأحداث التي وقعت خلال العشرية السوداء، ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات التي ارتكبت خلال تلك الفترة.

لا تزال آثار العشرية السوداء تلقي بظلالها على جزائر اليوم. فقد خلفت هذه الفترة ندوبًا عميقة في المجتمع الجزائري، ولا يزال الكثيرون يبحثون عن إجابات حول ما حدث خلال تلك الفترة.

يحظى كتاب “الحرب القذرة” بأهمية كبيرة في فهم العشرية السوداء وتداعياتها. ورغم الجدل الذي يحيط به، إلا أنه يظل شهادة قيمة على فترة مظلمة في تاريخ الجزائر.