لماذا وإلى أين ؟

نساء الإسلام.. هزيمة انتفاضة عائشة زوجة الرسول (ص) ضد الخليفة علي وتكريس دنيوية النساء (ح 21)

تتناول سلسة “نساء الإسلام” واقع المرأة في الإسلام، انطلاقا من تسليط الضوء على وقائع تاريخية في كيفية تعامل الرسول (ص) مع زوجاته أولا، ونظرته للنساء بصفة عامة إبان حياته، والمكانة السياسية والاجتماعية التي لعبتها النساء آنذاك، فقد أعطى الرسول محمد طيلة فترة بعثته النبوية، سواء أكان في مكة أو في المدينة، مكانا رئيسا للنساء.

كما تسلط هذه السلسلة الضوء على الواقع الذي أصبحت عليه النساء في الإسلام مباشرة بعد وفاة الرسول، وما ترافق ذلك من أحداث سياسية واجتماعية اقتصادية كبرى، أثرت بشكل كبير على مكانة المرأة..

هي إذن قصص ووقائع عديدة، ستحاول “آشكاين” الوقوف عندها في هذه السلسلة التي تُبث طيلة شهر رمضان، والتي اختير لها عنوان“نساء الإسلام”، وذلك من خلال الاعتماد بالأساس على مؤلفات السوسيولوجية الراحلة “فاطمة المرنيسي”، التي خصصت جزء كبيرا في مشروعها البحثي لهذا الموضوع.

الحلقة 21: هزيمة انتفاضة عائشة زوجة الرسول (ص) ضد الخليفة علي وتكريس دنيوية المرأة (الجزء الثاني)

موضوع الحلقة هو لما بدأت أول حرب داخلية أهلية في الإسلام والتي قادتها امرأة تُعتبر من نساء الإسلام الأوائل ضد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب، بعدما تم التطرق في الحلقة السابقة للأسباب التي أدت لها والتي ستسمى في الأدبيات بـ “معركة الجمل”.

وترى رائدة السوسيولوجيا المغربية، الراحلة فاطمة المرنيسي، أن خيارا محرجا واجه المسلمين في البصرة سنة ست وثلاثين هجرية إما إطاعة الخليفة “غير العادل” وفق تعيبرهم، أو حمل السلاح ضده ولم يطرح هذا النقاش المصيري فقط سوى داخل حلقات النخبة الحاكمة، بل امتد للعامة، رغم عدم رغبة الطرفين لذلك.

وكانت المساجد مجالس علنية حقيقية يأتي إليها المسؤولون لمناقشة القرارات التي يجب أن تتخذ في النزاع القائم بين عائشة وعلي، فالملاحظ حسب قراءة نسخ محاضر النقاشات وفق ما ذكرته المرنيسي، هو أن السكان الذين يأخذون الكلمة في المسجد تركز طلبهم، بصورة خاصة، على أن يُخْبَرُوا بما كان يجري، فلم يكن الناس العاديون يعرفون حتى الداعي إلى الحرب.

وكانت المشكلة الهامة بالنسبة إلى هؤلاء المواطنين هي على وجه الخصوص غياب الديمقراطية، فقد بدا لهم أن انخراطهم في الحرب من غير أن يعلموا الدوافع الذي تحرك الرؤساء والنزاعات التي تقسمهم شيء غير معقول.

لم يكن إذن اتخاذ قرار عدم المشاركة في الحرب الأهلية موقفا نادرا، مقصورا على عدد قليل من شخصيات النخبة، فقد كانت المساجد تغص بالناس الذين يرون من قبيل العبث اتباع رؤساء يريدون سوق الأمة إلى تمزيق نفسها.

هذا قد أرسل علي بن أبي طالب قبل أن يذهب إلى البصرة التي احتلتها عائشة، مبعوثين إلى أبي موسى الأشعري، يطلب منه تجنيد السكان، وإرسال كتائب وأسلحة إليه على نحو مستعجل للاستعداد للحرب، غير انه رفض هذا.

ولم يقتصر أبو موسى الأشعري على عدم إطاعته هو نفسه خليفته، بل رأى أنه ملزم بتقديم النصح للسكان الذين كان يحكمهم، وقرر إشراك السكان الذين جمعهم في المسجد للإخبار والنقاش، ولتنويرهم، بوصفه صحابيا، حول موقف النبي من الحرب الأهلية. روى لهم أحاديث تدين الفتنة، وأمرهم بعصيان الخليفة، وعدم الاستجابة لندائه من أجل تجنيدهم.

وهكذا ابتدأت موقعة “الجمل”، بعد حرب ضارية راح ضحيتها الآلاف من المسلمين، إذ خسرت عائشة جيشها المكون من 15 ألف شخصا وخسرت بالتالي المعركة.

وحسب مؤلفة “الحريم السياسي – النبي والنساء” المُثير للجدل، فقد عاشت البصرة بعد هزيمة عائشة خلال بضعة أيام في قلق له ما يبرره، إذ خاف سكانها من ردة علي بن أبي طالب، رغم علي أمر بحقن الدماء، فقد قام بعزل المئات من مناوئيه حيث طرد على سبيل المثال أبو موسى الأشعري من البصرة، وبهذه المعركة سيدخل الإسلام في سلسلة لا تنتهي من الحروب الداخلية والاغتيالات والانقاسامات…

وبهزيمة زوجة الرسول (ص)، سيتم تكريس فكرة نُسبت للرسول (ص) وهي “لن يفلح قوم تملكهم امرأة”، فكيف تم تكريس هذه الدنيوية عن طريق هذه الفكرة، وما مدى دقة نسبها للرسول (ص)؟..

يُتبع..

الحلقات السابقة:

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x