لماذا وإلى أين ؟

أساطير طنجة.. قصة حبّ الحاج عبد السلام وإيميلي (ح 22)

أساطير طنجة، سلسلة يعدها الصحافي عبد الله الغول، تستكشف أغرب الحكايات الشعبية والأساطير التاريخية التي تدور في فلك مدينة طنجة… حلقاتها تجمع بين السرد الأسطوري والمعطيات التاريخية… تلتقون معها طيلة شهر رمضان في حلقات يومية مثيرة ومشوقة.

الحلقة 22 :

في قلب المدينة العتيقة لطنجة، بين أزقتها الملتوية ومعالمها العتيقة، تُروى حكاية أسطورية عن الحب والإصرار، قصة تتناقلها الألسن جيلاً بعد جيل، وتعود جذورها إلى القرن الماضي، حيث التقى الحاج عبد السلام، الشريف القادم من عروس الشمال، بإيميلي، الفتاة النبيلة من عائلة أرستقراطية بريطانية.

بدأت الحكاية عندما حط الحاج عبد السلام رحاله في لندن، عاصمة الضباب، في رحلة من رحلاته التجارية. في أحد الأيام، وقعت عيناه على إيميلي، تلك الفتاة التي سرعان ما اغرورقت عيناها بالدموع، كأنما تعرفه منذ زمن بعيد.

يحكي الدكتور حمزة المساري في مروياته “أحاديث من باب مرشان”، أن “إيميلي” كانت قد سمعت وهي طفلة من غجرية قارئة للطالع أن فارس أحلامها سيأتي من أرض بعيدة، من بلاد تتلألأ فيها النجوم على جبين الأطلسي، وسيجعل منها “السنيورة”، السيدة المبجلة. وهكذا، حين رأت الحاج عبد السلام، أدركت أن النبوءة قد تحققت.

لكن حبهما لم يكن سهلاً. قوبل عشقهما بمعارضة شديدة من عائلة إيميلي، الذين رفضوا فكرة ارتباط ابنتهم بمغربي. فأُعطي الحاج عبد السلام مهلة قصيرة لمغادرة لندن، لكن الحب الذي جمع بينه وبين إيميلي كان أقوى من القيود الاجتماعية وأثقل من الأعراف، فلجئ الحاج عبد السلام إلى التبتل والصلاة، يناجي الله أن ييسر لهما السبيل. 

وتروي المرويات أن الكرامات ظهرت، إذ قيل إن الحاج عبد السلام استطاع أن يطير مع إيميلي في ليلة مظلمة، فاراً من لندن عبر البحر، ليحط رحالهما على ساحل طنجة عند شاطئ “للا رقية”، الذي صار يعرف فيما بعد باسم “شاطئ سيدي بوقنادل”، تخليداً لهذه الحادثة، بعدما ظهر قنديل الخاج عبد السلام مخترقا ظلام الليل ورفقته زوجته “إيميلي”.

في طنجة، استُقبل الحبيبان استقبالاً حافلاً. وذلك بعدما “زار سيدة مسنة من الذاكرات في المحافل وكنيتهن ‘الفقاير’، طيف خيال سيدي الحاج عبد السلام في رؤيا صادقة وفي المنام، فاستنفرت الجيران من حومة سيدي موسى وطريق الشمس وزنقة البرتقال، وقد شاع الخبر في المدينة القديمة حتى وصل إلى حي سيدي علي ابن داود بدار البارود”، فرحب موكب من الزغاريد والتكبيرات، مضيئين دروب المدينة بالفوانيس والقناديل احتفاءً بعودة الحاج عبد السلام وبرفقته “السنيورة” التي أصبحت جزءاً من الفولكلور الشفوي للمدينة.

إيميلي، التي حملت اسم “السنيورة” في طنجة، لم تكن مجرد بطلة قصة حب أسطورية بل رمزاً للحنان والأمومة. ورغم أن والدها كان كبير حراس السجن في لندن، إلا أنها اختارت أن تربي أبناءها في طنجة على القيم الإسلامية وحفظ القرآن الكريم. كانت تقطر إنسانية، وحنوها أقرب إلى حنو السيدة العذراء، كما كان أهل طنجة يحبون أن يصفوها.

هكذا، أصبحت قصة الحاج عبد السلام وإيميلي، أو “السنيورة”، أيقونة للحب الذي يتحدى الزمن والمسافات، محفورة في ذاكرة طنجة وأزقتها، تروى كحكاية أسطورية تُشعل خيال الزوار والسكان على حد سواء.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x