لماذا وإلى أين ؟

اعتقالات سياسية.. قصة حلّ حزب مغربي بسبب “الإلحاد”

في مسار هذه السلسلة التي نسلط من خلالها الضوء على بعض المحاكمات ذات الطبيعية السياسية التي طبعت تاريخ المغرب، لابد أن نشير إلى محاكمة أعضاء الحزب الشيوعي المغربي (حزب التقدم والإشتراكية حاليا) والخروقات القانونية التي شابت محاكمة سنة 1969. لكن قبل ذلك لابد من التذكير بالسياق العام وبعض الأحداث التاريخية الهامة التي ستساعدة على فهم قصة المحاكمة.

لن نتحدث عن تأسيس الحزب الشيوعي سنة 1943 وسياقه ومكوناته الفرنسية والمغربية ومساهمة أعضائه في استقلال المغرب؛ ونفي بعض أعضائه وسجنهم من طرف الحماية الفرنسية بسبب نضالهم لأجل حصول الوطن على استقلاله. بل سنبدأ قصتنا من واحدة من أهم قضايا العمل الحزبي الذي خيّمت على المغرب في فترة ما بعد الاستقلال، وهي قضية حل الحزب الشيوعي المغربي.

سنة 1956 صدم مناضلو الحزب الشيوعي المغربي، وبالضبط خلال فترة الحكومة اليسارية التي كان يرأسها أحد رموز الحركة الوطنية التقدميّ؛ عبد الله إبراهيم، جراء إقدام هذا الأخير على تقديم طلب للقضاء يطلب منه منع الحزب الشيوعي المغربي من شرعية العمل، استنادا على تصريح صادر عن الملك الراحل محمد الخامس مفاده أن المبادئ التي يعتمد عليها الحزب مخالفة للإسلام.

فعندما وضع قادة الحزب الشيوعي المغربي نظامهم الأساسي خلال شهر مارس من سنة 1959، لم تنتظر حكومة عبد الله ابراهيم طويلاً لتصدر الأمر للشرطة كي تختم بالشمع الأحمر على أبواب مقراته، لتبدأ معركة رفاق علي يعتة مع القضاء المغربي.

منع الحزب المذكور أحيل على المحكمة الابتدائية بالرباط حيث نظر فيه قضاة فرنسيون، بناء على المادة الثالثة من ظهير 15 نونبر الذي ينصّ على منع كل جمعية تؤسس “لغاية أو هدف غير مشروع يتنافى مع القوانين أو الآداب العامة أو تهدف إلى المس بالدين الإسلامي أو بوحدة التراب الوطني أو بالنظام الملكي..”.

لكن القضاة حكموا خلال المرحلة الإبتدائية في شهر أكتوبر 1959 بعدم تعارض الحزب الشيوعي المغربي مع الإسلام، واعتبروا أن هذا الحزب لم يعلن أنه ضد الدين الإسلامي، حيث خلصت هيئة الحكم إلى أنه ليس هناك أي معطى سياسي أو سند قانوني يبرر تزكية طلب الحكومة، فقررت بطلان طلب الحكومة، بيدَ أن هذه الأخيرة استأنفت هذا الحكم من جديد.

ورغم أن دفاع الحزب الشيوعي أمام محكمة الإستئناف المكون من حوآلي 14 محاميا من المغرب وفرنسا وبلجيكا وبريطانيا وإيطاليا ولبنان وتونس، حاول جاهداً التأكيد على أن المحاكمة سياسية، إلا أن القضاء أصدر قرار حكم حل الحزب الشيوعي المغربي.

غير أن هذا الحظر لم يمنع الحزب من مواصلة نشاطه مع أخذ الحيطة الضرورية التي يتطلبها العمل السياسي السري، حيث سيستمر أعضائه في القيام بمجموعة من الأنشطة التي ستؤدي بهم إلى المحاكمة من جديد، وهو ما سنتطرق إليه في الحلقة القادمة.

الحلقة 1: نوبير الأموي، من قرى بني أحمد إلى أشهر معتقل نقابي

الحلقة 2: “البوليس السري” يحاصر منزل نوبير الأموي

الحلقة 3: “قطاطعية” الحكومة يرسلون الأموي إلى السجن

الحلقة 4: تطويق المحكمة وسقوط 30 جريحا وترحيل جزائريين في أول جلسات محاكمة الأموي

الحلقة 5: المحكمة ترفض استدعاء أعضاء الحكومة لمواجهة الأموي

الحلقة 6: إدانة الأموي بالسجن و”حجز” ملف محاكمته داخل مكتب

الحلقة 7: حجز ملف الاموي وحصار المحاميين والإعتداء على الصحافيين والحقوقيين

الحلقة 8: الحسن الثاني يخرج الأموي من السجن

الحلقة 9: قضية السرفاتي ومن معه الذين خططوا لقبل الحكم في المغرب

الحلقة 10: محاصرة “الإتحاد الوطني” بعد محاولات الإنقلاب

الحلقة 11: نكران التعذيب ودخول “معارضي الحسن الثاني” الإضراب عن الطعام داخل السجون

الحلقة 12: خروقات محاكمة 139 ماركسيا

الحلقة 13: أحكام تتراوح بين المؤبد و10 سنوات سجنا لعشرات المركسيين المغاربة

الحلقة 14: عفو ملكي وإضراب عن الطعام ينتج عن أول “شهيدة” من داخل السجون المغربية

الحلقة 15: عفو ملكي ينهي معاناة “معارضي الحسن الثاني” داخل السجون

الحلقة 16: انتفاضة “شهداء كوميرا”

الحلقة 17: عشرات القتلى في معركة الإضراب العام ضد الغلاء

الحلقة 18: خروقات قانونية تشوب البحث التمهيدي في قضية معتقلي إضراب “شهداء الكوميرا”

الحلقة 19: متابعة جميع معتقلي في إضراب 1981 في ملف واحد بتهم نفسها

الحلقة 20: أحكام سجنية ثقيلة والنفي من “كازا” في حق معتقلين انتفاضة 1981

الحلقة 21: عزل قاضي بسبب إصدار أحكام مخففة في حق بعض معتقلين انتفاضة 1981

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x