لماذا وإلى أين ؟

أساطير طنجة.. جواسيس الحرب العالمية الثانية (ح 23)

أساطير طنجة، سلسلة يعدها الصحافي عبد الله الغول، تستكشف أغرب الحكايات الشعبية والأساطير التاريخية التي تدور في فلك مدينة طنجة… حلقاتها تجمع بين السرد الأسطوري والمعطيات التاريخية… تلتقون معها طيلة شهر رمضان في حلقات يومية مثيرة ومشوقة

الحلقة 23 :

مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وجدت مدينة طنجة نفسها في قلب صراعات القوى العظمى، ليس فقط بسبب موقعها الاستراتيجي المطلّ على مضيق جبل طارق، ولكن أيضاً لكونها مدينة دولية تزخر بالتنوع والسرية، مما جعلها بيئة مثالية لنشاط الجواسيس. 

في تلك السنوات المضطربة، لم تكن شوارع المدينة القديمة وأحياؤها التقليدية، مثل سيدي بوقنادل والحافة، مجرد أماكن للسكن، بل أصبحت مرتعاً لعملاء الاستخبارات الذين نسجوا خيوط مؤامراتهم في الظل

يحكي الدكتور حمزة المساري في كتابه “أحاديث من باب مرشان” عن تلك الحقبة، مشيراً إلى أن طنجة، بفضل موقعها الفريد، لم تكن بعيدة عن أصداء الحرب، وكانت المدينة تعج بالجواسيس الألمان الذين استأجروا المنازل والشرفات المطلة على الشاطئ، متخفّين تحت ستار السكان العاديين، ولكن أعينهم كانت تراقب كل حركة في البحر. يصف المساري كيف كانت سفن الحلفاء ومدافع جبل طارق تضيء ليالي طنجة، محاولين صدّ السفن الألمانية والإيطالية التي كانت تسعى للسيطرة على المضيق.

وسط هذا المشهد، لعب الجواسيس دوراً محورياً، إذ كانوا ينقلون معلومات دقيقة عن تحركات السفن البريطانية من جهة والألمانية والإيطالية والفرنسية الموالية لحكومة “فيشي” من جهة ثانية، ويخططون لعمليات التسلل والإمداد العسكري. 

ولم يكن الأمر يقتصر على الرجال فقط، بل هناك من الجواسيس من كن شابات شقراوات، ومنهم من لجأوا إلى التنكر بارتداء ملابس النساء للتخفي عن أعين المراقبين. والمحظوظ آنذاك من يظفر بمعلومات حول مسار القبطان الألماني هانز لانغسدورف، الذي كان اسمه على رأس قوائم المطلوبين في لندن.

في أزقة طنجة، كان يمكن سماع همسات عن لقاءات سرية تُعقد في المقاهي، وعن غرباء يتحدثون بلكنات غريبة يتسللون في الليل لكتابة تقارير أو لإرسال إشارات لاسلكية إلى برلين. الأحياء المطلة على الشاطئ، التي أصبحت مواقع مراقبة مثالية، كانت شاهدة على مواجهات غير معلنة بين شبكات التجسس المتنافسة.

ورغم أن الحرب انتهت وهُزم الألمان، ظلت قصص الجواسيس محفورة في ذاكرة طنجة. الجواسيس الذين جعلوا المدينة مسرحاً لصراع عالمي، حيث امتزجت المؤامرات بالمآسي، وتحولت طنجة إلى مرآة تعكس دهاء الحرب وخباياها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x