لماذا وإلى أين ؟

اعتقالات سياسية.. محاكمة علي يعتة ورفاقه بسبب رفضهم حرب الرمال

كما أشرنا في الحلقة السابقة، فإنه بالرغم من حكم محكمة الإستئناف بالرباط بحل الحزب الشيوعي المغربي يوم الثامن من شهر فبراير من سنة 1960، بناء على المادة الثالثة من ظهير 15 نونبر الذي ينصّ على منع كل جمعية تؤسس “لغاية أو هدف غير مشروع يتنافى مع القوانين أو الآداب العامة أو تهدف إلى المس بالدين الإسلامي أو بوحدة التراب الوطني أو بالنظام الملكي..”، إلا أن ذلك لم يمنع مكوناته من من مواصلة نشاطه مع أخذ الحيطة الضرورية التي يتطلبها العمل السياسي السري.

واستمر أعضاء الحزب الشيوعي المغربي (حزب التقدم والإشتراكية حاليا) في إصدار صحفه مع تغيير الاسم. فبعد منع جريدة “صوت الشعب” أصدر تحت مسؤولية علي يعته جريدة “المكافح”، ثم بعد منعها أصدر جريدة “الكفاح الوطني”، ثم بعد منعها هي أيضا أصدر جريدة “البيان” أسبوعيا قبل أن تصبح يومية باللغتين العربية والفرنسية.

سنة 1963 مر الحزب المنحل بفترات عصيبة ولاسيما عندما أعلن موقفه المشهور في ما يسمى “حرب الرمال” بين بلادنا والجزائر، حيث نشروا منشورا في أكتوبر من السنة المذكورة تحت عنوان “HALTE A LA LUTTE FRATRICIDE” أو “لنوقف الصراع المحتدم” عبروا فيه عن رأيهم من الحرب المندلعة، وأعلنوا معارضتهم الصريحة لها؛ معتبرين أن كل مواجهة عسكرية بين الشعبين المغربي والجزائري لن تفيد مصالح المغرب ولا مصالح الجزائر.

واعتبر أعضاء حركة الحزب الشيوعي المغربي المنحل في هذه الفترة، أن الحرب لن تفيد قضية التحرر ولا الديمقراطية ولا السلم، بحكم أن الشعبين يناضلان من أجل التحرر في مواجهة الأمبريالية العالمية بهدف تحقيق الاستقلال التام والديمقراطية، ويطالبون بالوقف العاجل لهذه الحرب ودعوة الأشقاء إلى التحاور من أجل إيجاد الحل السلمي لكل المنازعات المختلقة حول الحدود.

مباشرة بعد توزيع المنشور المذكور؛ تم اعتقال كل من علي يعته وعبد السلام بورقية وعبد الله العياشي في فجر يوم 25 أكتوبر 1963، حيث تم اقتيادهم لمفوضية الشرطة بالمقاطعة الأولى بالدار البيضاء في ظروف وصفت بـ”السيئة” وفي “مهانة مطلقة”، حيث قضوا أزيد من خمسة أسابيع دون أن يشعروا بالتهمة المنسوبة إليهم وأسباب اعتقالهم ودون إحالتهم على التحقيق. قبل أن يتم تقديمهم إلى المحكمة الدائمة للقوات المسلحة الملكية بالرباط بتاريخ 4 دجنبر 1963 بتهمة المساس بالأمن الداخلي للدولة، حيث تم تمتيعهم بالسراح المؤقت والعمل على حفظ الملف بدون متابعة.

وبالرغم من أن المنشور الذي أصدره علي يعته ورفاقه لا يحمل أي تهديد أو دعوة إلى أي حركة كانت ولا يتضمن سوى إعلان موقف من حرب حول الحدود بين البلدين المغرب والجزائر والدعوة إلى وقف تلك الحرب، و لم يكن في ذلك الوقت لعلي يعته ولرفاقه أي طابع عسكري وأية صلة بالمؤسسة العسكرية، ومع ذلك فقد تمت إحالتهم على محكمة العدل العسكري التي تختص في محاكمة الضباط وجنود الصف وحاملي السلاح، وهي محكمة استثنائية غير مطالبة لا بتعليل أحكامها؛ الشيئ الذي اعتبر مخاطرة ومجازفة بحياة مواطنين أعلنوا موقفهم من حرب مشتعلة، ليتم الإفراج عنهم بعد حين.

الحلقة 1: نوبير الأموي، من قرى بني أحمد إلى أشهر معتقل نقابي

الحلقة 2: “البوليس السري” يحاصر منزل نوبير الأموي

الحلقة 3: “قطاطعية” الحكومة يرسلون الأموي إلى السجن

الحلقة 4: تطويق المحكمة وسقوط 30 جريحا وترحيل جزائريين في أول جلسات محاكمة الأموي

الحلقة 5: المحكمة ترفض استدعاء أعضاء الحكومة لمواجهة الأموي

الحلقة 6: إدانة الأموي بالسجن و”حجز” ملف محاكمته داخل مكتب

الحلقة 7: حجز ملف الاموي وحصار المحاميين والإعتداء على الصحافيين والحقوقيين

الحلقة 8: الحسن الثاني يخرج الأموي من السجن

الحلقة 9: قضية السرفاتي ومن معه الذين خططوا لقبل الحكم في المغرب

الحلقة 10: محاصرة “الإتحاد الوطني” بعد محاولات الإنقلاب

الحلقة 11: نكران التعذيب ودخول “معارضي الحسن الثاني” الإضراب عن الطعام داخل السجون

الحلقة 12: خروقات محاكمة 139 ماركسيا

الحلقة 13: أحكام تتراوح بين المؤبد و10 سنوات سجنا لعشرات المركسيين المغاربة

الحلقة 14: عفو ملكي وإضراب عن الطعام ينتج عن أول “شهيدة” من داخل السجون المغربية

الحلقة 15: عفو ملكي ينهي معاناة “معارضي الحسن الثاني” داخل السجون

الحلقة 16: انتفاضة “شهداء كوميرا”

الحلقة 17: عشرات القتلى في معركة الإضراب العام ضد الغلاء

الحلقة 18: خروقات قانونية تشوب البحث التمهيدي في قضية معتقلي إضراب “شهداء الكوميرا”

الحلقة 19: متابعة جميع معتقلي في إضراب 1981 في ملف واحد بتهم نفسها

الحلقة 20: أحكام سجنية ثقيلة والنفي من “كازا” في حق معتقلين انتفاضة 1981

الحلقة 21: عزل قاضي بسبب إصدار أحكام مخففة في حق بعض معتقلين انتفاضة 1981

الحلقة 22: قصة حلّ حزب مغربي بسبب “الإلحاد”

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
ملاحظ
المعلق(ة)
25 مارس 2025 09:07

ها نتيجة التضحية التي قدمها المغاربة للجزائر على مر السنين

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x