2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
”كتاب أثار جدلا”: ”عزازيل”.. دعاوى قضائية للازدراء الدين المسيحي واتهامات بالسرقة الأدبية (ح25)

” كتاب أثار جدلا” رحلة في عالم الأفكار الممنوعة، سلسة تنشر على شكل حلقات طيلة شهر رمضان في ”آشكاين”، تتناول مؤلفات خلقت ضجة كبيرة، في السياسة، في الدين، كما في قضايا اجتماعية.
هذه الكتب دفعت مؤلفيها أثمانًا باهظة، بلغت حد التكفير والتهديد بالقتل وتنفيذه أحيانا، وتارة أخرى تدخلت الرقابة وبقيت هذه المؤلفات ممنوعة من التداول لسنوات.
لكنها في المقابل أحدثت ثورة فكرية وخلخلت مفاهيم كانت بمثابة طابوهات لفرات طويلة.
سيكون قراء ومتابعو جريدة “آشكاين” على موعد مع هذه السلسلة طوال أيام شهر رمضان.
الحلقة 25: عزازيل

“عزازيل” رواية للكاتب المصري يوسف زيدان، صدرت سنة 2008، وخلقت ضجة واسعة في الأوساط الأدبية والدينية. تدور أحداث الرواية في القرن الخامس الميلادي، وتتناول فترة صراع ديني بين أتباع الكنائس المسيحية المختلفة في مصر والشام.
بطل الرواية راهب قبطي يدعى هيبا، ينتقل من صعيد مصر إلى الإسكندرية ثم إلى شمال سوريا، حيث يشهد صراعات دينية عنيفة بين أتباع الكنائس المسيحية المختلفة.
أثارت الرواية جدلاً واسعاً نظراً لما تضمنته من أفكار تتناول المعتقدات اللاهوتية المسيحية، مما أدى إلى رفع عدة دعاوى قضائية ضد يوسف زيدان، تتهمه بازدراء الدين المسيحي.
تعالج الرواية فترة تاريخية مليئة بالصراعات الفكرية واللاهوتية داخل الكنيسة المسيحية، من خلال مزج الحقيقية التاريخية بالخيال الأدبي، وهي ما جعلتها محط اهتمام القراء والنقاد على حد سواء.
يستند مضمون الرواية إلى مخطوطات افتراضية عُثر عليها قرب أنقاض دير في حلب، وتتناول مذكرات راهب مصري يُدعى هيبا.
تدور أحداث القصة في الزمن الذي شهد تحول المسيحية إلى الدين الرسمي للإمبراطورية الرومانية، متناولةً صراعات الكنائس الكبرى وتأثيرها على حياة الأفراد.
يتميز السرد بالتنوع والغنى، إذ لا تقتصر الرواية على حبكة واحدة، بل تقود القارئ عبر عدة خطوط درامية بدءاً من الطفولة الصعبة للراهب، مروراً بالأحداث المأساوية كمقتل الفيلسوفة هيباتيا، وانتهاءً بالغوص في صراعات السلطة الدينية واللاهوتية وتأثير العشق والغواية عليه.
على الرغم من تصنيف الرواية كعمل تاريخي، إلا أن زيدان نجح في تجنب الأسلوب الرتيب المرتبط بمثل هذا النوع من الكتابة.
كما تناولت الرواية جوانب حساسة كالمواضيع الجنسية، حيث عكست هذه المعالجات الجانب الإنساني لشخصية الراهب هيبا وصراعه الداخلي بين الالتزام الديني والطبيعة البشرية، ما منح الشخصية أبعاداً نفسية عميقة وقربت القارئ منها.
تضمنت الرواية زخماً من الصور الفنية التي أضافت طابعاً فلسفياً وأدبياً للعمل. شخصية هيبا تمثل رمز العقل والتساؤل وسط الظلام اللاهوتي الذي كان يسيطر على تلك الحقبة. أما شخصية هيباتيا، فقد أظهرت رمزاً للحكمة والمعرفة والجمال، لتصبح تجسيداً لثنائية المرأة العاشقة والعالمة. الرمزية لم تقتصر على الشخصيات فقط، بل امتدت لتغطي أحداثاً مثل اغتصاب والدة الراهب كمجاز لاغتصاب الأوطان باسم الدين والمقدس.
اعتمد الكاتب بمهارة على المزج بين الحوار الداخلي للشخصيات وأسلوب السرد التقليدي لتقديم الأحداث. جاءت الجمل الحوارية موجزة لكنها شديدة العمق، ما منح النص تدفقاً سلساً ووضوحاً في إيصال الرسائل الفكرية. إضافة إلى ذلك، استخدم زيدان تقنية استرجاع الأحداث بشكل متقن عبر نصوص ذات طابع تذكري، مما أضاف بُعداً درامياً ساعد القارئ على فهم الدوافع والخلفيات دون الشعور بالملل أو الرتابة.
أثارت الرواية اهتماماً واسعاً واستقطبت تقييمات إيجابية من قراء ودراسين للأدب. البعض أشاد بقدرة الكاتب على تقديم سرد تاريخي ممتع دون الوقوع في شرك الابتذال أو الإسهاب المبالغ فيه، فيما اعتبرها آخرون رواية فلسفية عالجت موضوعات دينية حساسة بأسلوب جرئ ومتقن.
وجهت اتهامات لزيدان بسرقة قصة دينية قديمة لقسيس إنجليزي، ظهرت في لندن قبل حوالي 170 عاماً، وتتحدث عن مقتل الفيلسوفة السكندرية الشهيرة هيباتيا.