2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
هل أثرت مؤسسات الحكامة على المشهد السياسي المغربي بعد 14 سنة على دسترتها؟

أدت التعيينات الملكية الجديدة لعدد من رؤساء هيئات الحكامة، لإعادة إحياء النقاش العمومي حول أدوارها المؤسساتية والدستورية.
وترتبط مؤسسات الحكامة بجيل جديد من المؤسسات التي انتعشت بعد إقحام ما سُمي بالبعد التشاركي ومبادئ الديمقراطية التشاركي على الأنظمة السياسية الحديثة، إضافة إلى البعد التمثيلي المُحدد في المؤسسات التقليدية كالحكومة والبرلمان.
ونتج عن النقاش الدائر حاليا بعد التعيينات الملكية الجديدة، لطرح السؤال حول الإضافة التي أحدثتها هذه المؤسسات على المشهد السياسي المؤسساتي المغربي بعد 14 سنة تقريبا من تكريسها دستوريا، والصعوبات التي جابهتها في لعب أدوارها كاملة.
الباحث في العلوم السياسية والدراسات الدستورية، رشيد لزرق، شدد على أن”هيئات الحكامة هي مؤسسات دستورية لها دور استشاري بالدرجة الأولى يُرافق صانع القرار الحكومي، لتشكيل نوع من التوازن داخل المشهد المؤسساتي الدستوري بالمغرب”.
أهمية هذا الجيل الجديد من المؤسسات تكمن وفق لزرق في تقليل الهيمنة الحكومية على المجالات التي تشتغل فيها، حيث أن “صانع القرار الحكومي يتوفر على مراكز دراسات ومؤسسات تابعة له تمكنه من بلورة جدوى القرار الذي يود اتخاذه وتوفر له التقارير اللازمة لذلك، في حين وجود هيئات الحكامة مكلفة بدورها بصياغة تقارير كل حسب مجال اشتغالها، يؤدي لتعدد التقارير في ذات المجال لكن من وجهات نظر مختلفة، وجهة النظر الحكومية من جهة، ووجهة نظر هذه الهيئات المُعترف بها دستوريا، ما يؤدي لتنوع وجهات النظر في موضوع معين، ما يترتب عنه في آخر المطاف انتفاء هيمنة وجهة نظر معينة، وهذا ما نجحت فيه حتى الآن هيئات الحكامة بإحداثه وإن بدرجات متفاوتة”.
وأضاف ذات المحلل السياسي أن “هيئات الحكامة في التجربة المغربية، كانت وراء خلق العديد من المواضيع المهمة، عبر صياغتها مجموعة من التقارير تُقدم للملك وتُنشر بالجريدة الرسمية، ما يعني قدرتها هي الأخرى على خلق نقاش عمومي، فأي تقرير لها يصحبه تقارير إعلامية اراء متعددة حولها وهو ما ينعكس إيجابا على النقاش السياسي العمومي داخل المجتمع المغربي”.
وذكر ذات المتحدث، بالأزمات الاجتماعية التي تمكنت من حلها هذه المؤسسات، مشيرا ل،”لعبها دور الوساطة بين الدولة والمجتمع بعدما ضعفت الأحزاب السياسية والنقابية، ولعل تمكن مؤسسة الوسيط من تجنيب المغرب كارثة السنة البيضاء بكليات الطب أكبر دليل”.
في المقابل يرى رشيد لزرق، أن “مؤسسات الحكامة رغم الإيجابيات، لا زالت تُعاني من بعض التحديات من قبيل ربط قوتها بقوة الشخص الذي يترأسها، فالمؤسسات التي ترأستها أطر قادرة على الصراع ومجابهة الحكومة تمكنت نت ترسيخ أرائها وتقاريرها، في حين المؤسسات التي ترأسها أطر لا تفرض حضورها إعلاميا لا يتم تداولها إطلاقا كأنها غير موجودة، ما يعني ما زالت الشخصنة حاضرة على هذا النوع من المؤسسات”.