2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أعلنت فرنسا والجزائر، الإثنين 31 مارس 2025، إعادة إطلاق تعاونهما في ملفي الهجرة والأمن، بعد أشهر من التوتر في العلاقات بين البلدين، من خلال محادثات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون، حيث ناقشا سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتجاوز الخلافات التي شابت المرحلة الماضية.
وأكد بيان مشترك صدر عقب المحادثات، أن الجانبين اتفقا على “استئناف التنسيق في القضايا المتعلقة بالهجرة، بما يشمل تحسين آليات التعاون في إعادة المهاجرين غير النظاميين، بالإضافة إلى تعزيز الجهود الأمنية المشتركة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة”.
وجاءت هذه الخطوة في ذروة الأزمة التي تمر بهاعلاقات البلدين، وفي ظل حملة التصعيد التي نهجها البلدين، خاصة الجزائر التي بادرت إلى التصعيد بسبب اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، وما تعلق بملفات تاريخية وحساسة، مثل الذاكرة الاستعمارية والهجرة غير الشرعية.
كما أن هذه المحادثات جاءت بعدما لم تفلح الجزائر في ثني فرنسا عن التراجع عن موقفها التاريخي الذي اعترفت بموجبه بمغربية الصحراء، ما يعطي لهذه المحادثات بين ماكرون وتبون أكثر من قراءة.

وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي والخبير العكسري المغربي، عبد الرحمان مكاوي، أن “المحادثات التي جرَت بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون بمناسبة عيد الفطر، جاءت أولًا للبدء في سياسة التهدئة في العلاقات بين البلدين، خاصة وأن كلا البلدين يمران بأزمات داخلية عميقة، سواء في فرنسا أو الجزائر”.
وأوضح مكاوي، أن “الرئيس إيمانويل ماكرون لا يستطيع أن يسير عكس تيار اليمين، خاصة اليمين الذي يتقاسم معه الحكم في هذه المرحلة، وكذلك الرئيس الجزائري يخضع لضغوط الجنرالات وعائلاتهم ومنتسبيهم، الذين يمتلكون أملاكا وحسابات كبيرة في فرنسا، وهي مهددة بالحجز من قبل السلطات الفرنسية، ما يعني أن “كلا الطرفين يعانيان أزمة سياسية داخلية عميقة، ومن مصلحة كل منهما في المرحلة الحالية أن يقدِّم بعض التنازلات، حتى لو كانت شكلية، لاسترضاء الرأي العام الداخلي في الجزائر وفرنسا”.
واعتبر المتحدث أن “كلاهما قدَّم بعض التنازلات الثانوية، مثل قضية الذاكرة ولجنة المؤرخين المشكلة سابقًا، وكذلك منع الجوازات الدبلوماسية التي يحصل عليها الآلاف من الجزائريين، والتي أصبحت تُباع كسلعة بأكثر من مليار ومئتي مليون سنتيم في الجزائر، فالجواز الدبلوماسي الجزائري، الذي يُمنح لمن هبَّ ودبَّ، ويُمكِّنهم من التجوال في دول شنغن، وهو ما مثل مشكلة كبيرة”.
وأضاف أن “الرئيس الجزائري يعيش ضغوطات من المؤسسة العسكرية الجزائرية والمخابرات، والرئيس الفرنسي أيضًا يواجه ضغوطًا من طرف اليمين الذي لا يرى في هذه المكالمة أي إنجاز، خاصة في ظل رأي عام فرنسي متشنج ضد الجزائريين بشكل عام”.
ولفت الانتباه إلى أن “كلا الرجلين حاولا فك عزلتهما وتخفيف أزماتهما الداخلية بهذه المكالمة، التي في الحقيقة لا تُسمن ولا تُغني من جوع، فالأزمة الجزائرية-الفرنسية أعمق مما نتصور، فهي تعود إلى اتفاقية إيفيان والبنود السرية التي لم تُفصح عنها لا فرنسا ولا الجزائر، والتي تتعلق بمستقبل شمال إفريقيا بأكمله”.
وخلص إلى أن “الأزمة بين البلدين أعمق مما نتصور، واليسار الفرنسي هنا يحاول الدفع نحو تهدئة الأوضاع في العلاقات الجزائرية-الفرنسية، حتى لا يُعطي فرصة لليمين واليمين المتطرف للاستيلاء على الحكم في الجمهورية الخامسة”.